سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الفلسطينيون في قطاع غزة يقبلون على تخزين السلع الاسياسية من الغذاء والغاز والوقود . اسرائيل تبدأ بتقليص إمدادات السولار والبنزين رغم اعلانها تأجيل تنفيذ العقوبات للأسبوع المقبل
شرعت اسرائيل امس في ادخال قطاع غزة في نفق مظلم طويل تنفيذاً لقرار اتخذه وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك الخميس الماضي يقضي بخفض امدادات الوقود والطاقة الكهربائية الموردة الى نحو مليون ونصف المليون شخص يعيشون في القطاع. وخلافاً لتصريحات مسؤولين إسرائيليين ادعوا فيها ان القرار لم يبدأ تنفيذه بعد، فان الوقائع على الارض تفيد عكس ذلك تماماً، اذ قلصت سلطات الاحتلال اعتباراً من امس امدادات السولار والبنزين الواردة الى القطاع، فيما لم تبدأ بقطع التيار الكهربائي الذي يعتمد القطاع في ثلثي استهلاكه على ما تزوده به شركة الكهرباء القطرية الاسرائيلية، والثلث الباقي من محطة توليد الطاقة المحلية. وقال المدير العام لهيئة البترول الفلسطينية مجاهد سلامة لوكالة"فرانس برس":"بدأ تطبيق التدابير الاسرائيلية صباح هذا اليوم الاحد. لقد أُبلغنا رسميا بخفض امدادات المحروقات الى قطاع غزة بنسبة 40 في المئة". واضاف ان"المعلومات التي وردتنا من غزة تؤكد ان 210 الاف ليتر من المحروقات سلمت اليوم، في حين اننا طلبنا 350 الف ليتر". موقف اسرائيلي متناقض وكان مسؤولون في الحكومة الاسرائيلية اعطوا معلومات متناقضة عن بدء تطبيق العقوبات على قطاع غزة، اذ قال الناطق باسم وزير الدفاع موشيه رونين لوكالة"فرانس برس"اول من امس ان"خفض امدادات الوقود سيبدأ اعتبارا من الاحد وسنقوم بقطع الكهرباء لفترات اعتبارا من الايام المقبلة". وفي وقت لاحق، اعلن مسؤول اسرائيلي كبير ان التنفيذ سيرجأ لأيام عدة، مضيفا لوكالة"فرانس برس":"سيبدأ تنفيذ هذه العقوبات في وقت لاحق من الاسبوع ويفترض ان تتم الموافقة عليها على المستوى الحكومي". وقالت الناطقة باسم رئاسة الحكومة ميري ايسين انه"يجب ان يتخذ قرار تطبيق العقوبات الاقتصادية على قطاع غزة بشكل مشترك بين رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية ووزير الدفاع"، مضيفة ان القرار يمكن ان يتخذ بعد تشاور بسيط يمكن ان يتم عبر الهاتف، من دون ان تحدد موعدا لبدء تنفيذ العقوبات. وتابعت ان المستشار القانوني للحكومة مناحيم مزوز الذي يشغل ايضا منصب المدعي العام للدولة، سيدرس الاحد الانعكاسات القانونية للعقوبات الاقتصادية التي تريد اسرائيل فرضها على قطاع غزة، وسيحضر رداً على احتمال لجوء منظمات اسرائيلية للدفاع عن حقوق الانسان الى المحكمة العليا للطعن في هذه العقوبات. اقبال على تخزين الطعام رغم ذلك، لم يطرأ أي تغيير على دخول كميات السلع والمواد التموينية الاساسية التي تسمح بها سلطات الاحتلال خلال الاسابيع الاخيرة. وراقب الفلسطينيون في القطاع على مدى الايام الماضية القرارات والتصريحات الاسرائيلية في هذا الشأن بترقب وحذر وقلق، فيما انهال كثير من السائقين واصحاب السيارات واصحاب المصالح التي تعتمد على الوقود والطاقة الكهربائية الى ملء خزانات سياراتهم وغالونات كبيرة اخرى تحسباً لتقليص هذه الامدادات واستعداداً لتشغيل مولدات الطاقة الكهربائية الصغيرة في حال تم قطع التيار. كما سارع كثيرون الى تعبئة اسطوانات الغاز المنزلي تحسباً لنقص في امداداته. وعلى رغم ان القرار لا يشمل تقليص المواد الاساسية او الغذائية، فان كثيراً من المواطنين سارع الى تخزين كميات من السلع الاساسية والبقوليات والمعلبات والدقيق تحسباً لازمات مستقبلية. وخفضت سلطات الاحتلال الاسرائيلي امس كميات الوقود الواردة الى القطاع الى اقل من نصف الكميات السابقة بقليل. وقال رئيس الهيئة العامة للبترول الفلسطينية مجاهد سلامة ل"الحياة"ان سلطات الاحتلال خفضت كميات السولار الواردة الى القطاع امس بنسبة 45 في المئة. وسألته"الحياة"ماذا سيحصل في حال قطع التيار الكهربائي، فأجاب:"لم نولد وعندنا كهرباء... سنتحمل حتى النهاية". ويرفض ابو محمد 23 عاماً وقف اطلاق الصواريخ في مقابل عدم قطاع التيار الكهربائي، ويؤيد وقفها في مقابل وقف الاغتيالات والاجتياحات والعدوان على القطاع، وهو لا يكترث لتهديدات قادة اسرائيل بقطع التيار. ورداً على سؤال ان كان اشترى شمعاً او استعد لقطع التيار، أجاب:"لا لم اشتر شمعاً". من جانبه، قال مؤسس"المبادرة المحلية"في بيت حانون الناشط في"الجبهة الشعبية"صابر الزعانين:"سأكتفي بضوء القمر"، مضيفا:"لن تُقطع رؤوسنا اذا قطعوا الكهرباء". وعن الصعوبات التي يمكن ان تنجم عن قطع التيار، قال:"لن تكون اصعب من اجتياح العام 2006". واوضح ان قوات الاحتلال اجتاحت البلدة منذ الاول من تشرين الثاني نوفمبر عام 2006 وارتكبت مجزرة عائلة العثامنة التي قُتل فيها 16 من العائلة وشخصان من عائلتين أخريين سقط 60 شهيداً ... جرفوا الارض... دمروا كل شيء... ولم نستسلم. واعتبر ان قطاع التيار عن البلدة"جريمة حرب تجب معاقبة مرتكبيها لأنها عقوبة جماعية". اما رئيسة جمعية تطوير الاسرة في بيت حانون سلمى الزعانين فتقول:"لا توجد بدائل نقدمها للناس في حال قطع التيار الكهربائي... فالشمع غير موجود... والغاز ربما تمنعه اسرائيل من الوصول الى غزة". لكنها لا تريد ان تستسلم لارادة اسرائيل، وتقول ان الجمعية تدرس خيارات وبدائل يمكن من خلالها مساعدة الناس. وتقضي السياسة الاسرائيلية المعلنة منذ احكام"حماس"قبضتها على القطاع، وقبلها في مناسبات كثيرة، بألا تسمح الدولة العبرية بدخول كميات كبيرة من السلع والمواد التموينية والادوية والوقود وغيرها، بل فقط السماح بإدخال الكميات اللازمة للاستهلاك اليومي فقط. وانسحب هذا القرار على القمح والدقيق والالبان والاجبان والبقوليات والسلع والمواد التموينية الاخرى. ومن الملاحظ ان الاسواق في القطاع تنضب من كثير من المواد الغذائية والسلع الاساسية في حال لم تسمح سلطات الاحتلال لها بالدخول لمدة يومين فقط. اما الاجهزة الكهربائية والاخشاب والملابس والاقمشة وقطع غيار السيارات واجهزة الحاسوب وتبعاتها وغيرها الكثير من السلع الضرورية، فلم تسمح سلطات الاحتلال بدخولها منذ نحو اربعة اشهر. ولم يتبق في الاسواق الا القليل من هذه السلع التي لا غنى للفلسطينيين عنها، وفقدها يعيد الفلسطينيين الى العصور البدائية ويرغمهم على استخدام بدائل متخلفة وقديمة ان وجدت. وببساطة يكتشف أي مواطن يملك سيارة عدم وجود قطع غيار او بطاريات في حال احتاج لها، كما انه لن يجد في الاسواق أي قطع غيار للحواسيب او الالمنيوم والاخشاب المستخدمة في الاثاث المنزلي. "حماس" تندد ب "جريمة الحرب" واعتبرت حركة"حماس"امس ان العقوبات التي تنوي اسرائيل فرضها على قطاع غزة ستشكل"جريمة حرب". وقال الناطق باسم الحركة سامي ابو زهري لوكالة"فرانس برس":"هذه الخطوة الاسرائيلية بتقليص المواد الاساسية لقطاع غزة تمثل جريمة حرب وانتهاكا صريحا لنصوص ومواد القانون الدولي". واضاف:"على الجميع ان يدرك انه ليس امام حماس والشعب الفلسطيني اي خيار الا الصمود والتمسك بالحقوق والثوابت"، مؤكدا ان"كل هذه المراهنات على تركيع الشعب الفلسطيني ستفشل". واكد ان"هذه العقوبات تمثل عقوبات جماعية ضد الشعب الفلسطيني". واثار القرار الاسرائيلي ردود فعل منددة من منظمات حقوق الانسان، وقال مركز الميزان لحقوق الانسان ان تقليص امدادات الوقود والطاقة الكهربائية"يشكل انتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي الانساني ... كون القرار يمثل عقاباً جماعياً للفلسطينيين ومساً بالخدمات والمنشآت الحيوية التي لا غنى عنها لاستمرار حياتهم". وندد مدير مؤسسة الضمير لحقوق الانسان خليل ابو شمالة في مؤتمر صحافي عقده امس بالقرار الاسرائيلي، وحذر من تداعيات الاستمرار في اغلاق القطاع ومحاصرته، مشيراً الى ان نسبة الفقر وصلت الى نحو 80 في المئة. واعتبر ان ممارسات اسرائيل تتنافى مع قواعد اتفاقية جنيف الرابعة والشرعية الدولية لحقوق الانسان.