أدرك تماماً أنني أتحدث نيابة عن الشركات البريطانية حين أعرب عن مدى تطلعنا للترحيب بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عاهل المملكة العربية السعودية والوفد المرافق له في زيارتهم إلى المملكة المتحدة. تحتل المملكة العربية السعودية أهمية كبيرة في عالم الأعمال اليوم، وهي لاعب أساسي في الاقتصاد العالمي، حيث أنها تساهم ب25 في المئة من إجمالي الناتج القومي في العالم العربي، وهو يفوق ما تساهم به دول مجلس التعاون الخليجي الخمس الأخرى وجمهورية مصر العربية مجتمعين. يسعدني أن علاقاتنا الثنائية مستمرة بالنمو استنادا، كما هو الحال، الى الاحترام المتبادل وعلاقات الصداقة التي تربط بين بلدينا. إن انضمام المملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة العالمية في شهر كانون الأول ديسمبر 2005 ألزمها بالمزيد من إجراءات تحرير نظامها التجاري من القيود وخلق بيئة أكثر شفافية واستقراراً بالنسبة للتجارة والاستثمارات الخارجية. تدرك حكومة المملكة المتحدة أهمية الخطوات التي تتخذها الحكومة السعودية لتطوير اقتصادها وفتحه أمام المستثمرين من الخارج. ويبدو جليا أن عملية الإصلاح جارية على قدم وساق، وأن الثقة في قطاع الأعمال السعودي ثقة كبيرة. حققت المملكة العربية السعودية رقماً قياسياً في صادراتها مرة أخرى في عام 2006. وقد شهد سوق الأوراق المالية استقرارا مع تحقيق أرباح الشركات نموا بلغ 10 في المئة وما فوق. وهناك إحساس ملموس بثقة المستهلكين والنجاح الاقتصادي. كما أن المناخ السياسي مستقر، وهناك اتساع في نطاق الحوار الاجتماعي. لكن تواجه المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية كذلك تحديات اقتصادية كبيرة. فبالنسبة للسعوديين تنطوي هذه التحديات على إيجاد فرص عمل للشباب السعوديين الذين يدخلون سوق العمل كل عام. فالتعداد السكاني السعودي هو أحد أسرع التعدادات السكانية نموا في العالم، حيث يسجل زيادة تفوق 3 في المئة في السنة، كما أن 60 في المئة من السعوديين هم من الشباب تحت سن 20 عاماً. وتحت التوجيهات الرشيدة للملك عبدالله، تدرك الحكومة السعودية الحاجة لاستثمارات كبيرة لتلبية احتياجات شعبها. فالمبالغ التي تم تخصيصها فعليا للاستثمار هي مبالغ هائلة، حيث تتضمن 630 بليون دولار من المشاريع الحكومية وما يزيد على 800 بليون دولار من مشاريع القطاع الخاص مخطط لتنفيذها خلال السنوات العشرين المقبلة. والروابط الاقتصادية بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية هي اليوم أقوى من أي وقت مضى. فالزيارات الرفيعة المستوى على المستوى الحكومي بين البلدين عكست بشكل جلي أهمية هذه العلاقات، فقد شملت زيارة الأمير أندرو، دوق يورك - وذلك بحكم كونه ممثلاً خاصاً للتجارة والاستثمار، وزيارة المدير التنفيذي لهيئة التجارة والصناعة، اندرو كان، ومن ثم زيارة وزير التجارة والصناعة في ذلك الحين، أليستر دارلينغ. وأتطلع شخصياً بشدة لزيارة المملكة العربية السعودية في المستقبل القريب جداً. وقد وصلت صادرات المملكة المتحدة من البضائع والخدمات إلى المملكة العربية السعودية إلى ما يزيد على 6 بلايين دولار خلال عام 2006. وبإضافة الصادرات غير المباشرة عبر الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان قد يرتفع هذا الرقم إلى 9 بلايين دولار. كما بلغت صادرات المملكة العربية السعودية إلى المملكة المتحدة 2.6 بليون دولار خلال عام 2006. ويجب ألا يغيب عن بالنا أن المملكة المتحدة هي أحد أكبر المستثمرين في السعودية، حيث هناك ما يربو على 200 شركة بريطانية/ سعودية يصل إجمالي استثماراتها إلى حوالي 14.5 بليون دولار. وهنالك علامات تجارية بريطانية رئيسية حاضرة في السوق السعودي، من بينها شركات شِل، وجي إس كي، ورولز رويس، وتيت أند لايل، وماركس أند سبنسر. لكن بإمكاننا أن نفعل المزيد. حيث هناك فرص عمل جديدة في قطاعات أساسية كالتعليم والتدريب، والرعاية الصحية، والنقل والطيران تتكشف أمام المُصَدّرين والمستثمرين البريطانيين. وسوف أنتهز بكل تأكيد فرصة هذه الزيارة الرسمية التي يقوم بها العاهل السعودي للضغط باتجاه إتاحة فرص هائلة في التجارة المتبادلة بين المملكتين. للمملكة العربية السعودية الحق بأن تفتخر بالتوصيات التي نشرها أخيراً البنك الدولي في تقرير بعنوان"سهولة عقد الصفقات التجارية لعام 2008"، حيث رأى صعود المملكة العربية السعودية إلى المرتبة ال23 عالمياً، بعد أن كانت في المرتبة 38 في العام الماضي، متفوقة بذلك على جميع الدول الأخرى في الشرق الأوسط. كما يضع التقرير المملكة في المرتبة السابعة على المستوى العالمي في سرعة خطاها تجاه الإصلاحات الاقتصادية التي تتبناها. لكن، ووفق هذا التقرير، ما زالت أكبر التحديات أمام المملكة العربية السعودية تتمثل في إمكانية تنفيذ العقود وفضّ أي خلافات قد تنشأ عنها أمام محاكم مدنية. أعلم بأن الحكومة السعودية عازمة على معالجة هذه الأمور، وليس لدي أدنى شك بأن استمرار التحسينات في هذه المجالات سيكون له أثر إيجابي على استثمارات المملكة المتحدة في السعودية. إن فرص الاستثمار في المملكة العربية السعودية واسعة النطاق، ومع أنها تتطلب بذل جهود كبيرة وتفاهماً متبادلاً بين البلدين، فإن الفوائد المحتملة لكل من المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية أكبر من أن نتجاهلها. سوف أبذل كل ما في وسعي لتوطيد العلاقات القوية التي يتمتع بها بلدانا بالفعل. فالاقتصاد السعودي يركب عجلة التقدم، ويريد أن يصطحب معه الشركات البريطانية في هذه الرحلة المثيرة. وإني سأعمل على ضمان أن ترقى المملكة المتحدة لمستوى التوقعات. * وزير الدولة البريطاني لشؤون التجارة والاستثمار