يرى خبراء في المؤتمر العالمي للوقاية من اعمال الابادة انه من الممكن تفادي وقوع مجازر واعمال عنف قبل ان تتطور لايقاع الاف الضحايا. لكنهم يشككون في ارادة الطبقة السياسية في التحرك. وشارك نحو 500 شخص في المؤتمر العالمي للوقاية من اعمال الابادة الذي اختتم اعماله مساء امس في مونتريال لدراسة سبل التدخل قبل ان تتحول اعمال العنف المتفرقة الى ابادة جماعية. ولم تمنع المعاهدة الدولية"للوقاية ومنع الابادة"الموضوعة العام 1948 حصول فظاعات وتجاوزات اخرى كثيرة في العالم. وقالت خوان ميندس المستشارة الخاصة للامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان في مجال الوقاية من اعمال الابادة ان"المعاهدة المتعلقة باعمال الابادة في غاية الوضوح. فهي تلزم الدول الموقعة عليها بتجنب وقوع مثل هذه الاعمال. المشكلة تكمن في الغموض حول طريقة التحرك لمنعها". واعتبر غريغوري ستانتون رئيس منظمة"جينوسايد ووتش"غير الحكومية، خلال ورشة عمل، انه"عندما تبدأ اعمال الابادة يكون قد فات الاوان لكي تتحرك الاممالمتحدة". وقال"ان المشكلة تكمن في عدم تحرك قادتنا حتى وان لاحظوا بوادر تنذر بوقوع ابادة". وهذه البوارد تبدأ من الحرب الاهلية الى"ثقافة الرعب"الى اعمال العنف المنظمة، بحسب المؤرخة اليسون دو فورج الاخصائية في الابادة الجماعية في رواندا. وشددت غاي ماكدوغلاس الخبيرة في الاممالمتحدة في شؤون الاقليات ان"الوقاية يجب ان تبدأ قبل تدهور الاوضاع في بلد، الى حد ان تصبح اولوية على جدول اعمال مجلس الامن". وترى ميندس ان الوقاية تمر بتحرك"متزامن لحماية الضحايا"قبل تحول النزاع الى ابادة وتقديم"مساعدات انسانية"و"اطلاق محادثات سلام"ومحاكمة المسؤولين عن اعمال الابادة. وتساءل اخصائيون في مؤتمر مونتريال تحديدا عن دور القضاء الدولي في الوقاية من اعمال الابادة. ورأى ريتشارد غولدستون اول مدع في تاريخ محكمة الجزاء الدولية ان"هناك اوجه شبه بين القضاء الدولي والقضاء الوطني. لا يمكن لاي محكمة جنائية، اكانت في كندا او الولاياتالمتحدة او اي دولة في العالم، وضع حد لكل الجرائم. لكن كلما كان النظام القضائي فعالا كلما تراجعت نسبة الاجرام". وبعد الابادة في رواندا وخلال النزاع في يوغوسلافيا السابقة في تسعينات القرن الماضي انشأت الاسرة الدولية محكمة الجزاء الدولية لمحاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية واعمال الابادة. وفي تشرين الثاني نوفمبر 1994 وجه غولدستون اول اتهام في اطار محكمة الجزاء الى الصربي دراغان نيكوليتش، لكن هذا القرار القضائي لم يحل دون مقتل ثمانية الاف بوسني في تموز يوليو 1995 في سريبرينتشا. وما زال ابرز المسؤولين عن هذه المجازر الزعيم السياسي السابق لصرب البوسنة رادوفان كرادجيتش والقائد السابق لجيش صرب البوسنة راتكو ملاديتش فارين من وجه العدالة منذ توجيه محكمة الجزاء في 1995 اليهما تهمة ارتكاب اعمال ابادة.