عكفت البطريركية المارونية أمس على التشاور مع القيادات المارونية في الأكثرية والمعارضة من أجل تشكيل اللجنة المصغرة من الفريقين التي أشارت اليها"الحياة"امس، والتي كان اتفق القادة الموارنة من الجانبين مع البطريرك الماروني نصرالله صفير على تشكيلها، لتتولى وضع ورقة عمل سياسية تتناول الاستحقاق الرئاسي ومواصفات رئيس الجمهورية الجديد تمهيداً لغربلة الأسماء التي تنطبق عليها. وكانت المشاورات التي أجرتها البطريركية المارونية مع زعيم"التيار الوطني الحر"ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النيابي النائب ميشال عون ورئيس تيار"المردة"الوزير السابق سليمان فرنجية يوم الخميس بالنيابة عن الموارنة المنضوين تحت لواء المعارضة، ثم مع القادة الموارنة في قوى 14 آذار، يوم الجمعة، انتهت الى توافق على تشكيل اللجنة المصغرة من الفريقين للبحث في وسائل إخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة. وأعلن النائب البطريركي العام رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر ان الاتصالات جارية لتشكيل اللجنة المصغرة. وعلم أن مطر وغيره من المطارنة الذين كلفوا تشكيل اللجنة، باشروا اتصالاتهم منذ بعد ظهر أول من أمس ليسمي كل من الفريقين شخصين أو ثلاثة تمهيداً لاجتماع اللجنة سراً، وبرعاية البطريركية والمطارنة المكلفين منها متابعة أعمالها. وقالت مصادر في المعارضة وقوى 14 آذار ل"الحياة"أن أسماء أعضاء اللجنة ستبقى طي الكتمان، وكذلك لقاءاتهم كي يتمكنوا من العمل بعيداً من الإعلام، وأن الاتصالات جرت أمس على قدم وساق من أجل اختيار الأسماء التي إذا لم تكن قد شكلت ليل أمس، فإنها ستكون جاهزة للعمل في الساعات القليلة المقبلة اليوم. وذكرت مصادر في قوى 14 آذار أنها لن تسمي في اللجنة نواباً منها حرصاً على أمنهم وتنقلاتهم لأن المخاوف من اغتيالات تطاول نواب الأكثرية لإنقاص عددهم ما زالت قائمة بقوة، وأنها ستسمي أكفاء من غير النواب للاجتماع الى من يسميهم عون وفرنجية وموارنة المعارضة. ووفق ما اتفق عليه القادة الموارنة في الأكثرية، فإن عقد اجتماع ماروني موسع لأقطاب الطائفة، المعنية الأولى بالاستحقاق الرئاسي لأنه يمثل الموقع المسيحي الأول في السلطة، يتوقف على نجاح عمل اللجنة في إحداث تقدم يمهّد للتوافق على اسم الرئيس العتيد، تجنباً لفشل هذا الاجتماع الموسّع إذا عقد من دون تحضير، نظراً الى أنه سيكون فشلاً للبطريركية المارونية في ضمان إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها. وإذ استندت البطريركية الى موافقة الفريقين على مبدأ التوافق على الرئيس الجديد من أجل تشكيل اللجنة، لقي تحرك بكركي أمس دعماً من السفير الأميركي جيفري فيلتمان بعد اجتماعه أمس مع الرئيس السابق امين الجميل إذ أعلن أنه نقل إليه دعم الإدارة الأميركية لمبادرة بكركي"ونأمل أن تثمر هذه المبادرة في إجراء الانتخابات الرئاسية وفي سرعة ووفقاً للدستور". وقال فيلتمان:"لا يعود للولايات المتحدة ولا لأي جهة دولية أو قوة إقليمية تسمية الرئيس أو الإيعاز باسم معين. فالموضوع في يد النواب اللبنانيين". وفي وقت يأتي إمساك البطريركية المارونية بزمام المبادرة في شأن الاستحقاق الرئاسي اللبناني، وسط التأزم الحاصل في البلاد، فإن تحركها يسبق إمكان تجدد اللقاءات بعد أيام بين رئيس البرلمان نبيه بري وزعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري لاستئناف الحوار حول التوافق على اسم الرئيس. وبينما بقي حوار بري والحريري في حدود تبادل الآراء حول المبادئ ولم ينتقل الى الأسماء، في لقاءين عقداهما قبل سفر الحريري في زيارته الى الولاياتالمتحدة، فإن استئناف اجتماعاتهما بعد عودة الحريري من زيارته الحالية للسعودية، يفترض أن يأخذ في الاعتبار المساعي التي يبذلها البطريرك صفير، خصوصاً ان كتلة الحريري النيابية تمثلت في اجتماع رموز الأكثرية مع صفير أول من أمس بالنائب هادي حبيش. ونقل زوار الرئيس بري عنه تعليقه على تحرك بكركي بالقول انه يساعد كثيراً على تكثيف الجهود لمعالجة الاستحقاق وانه ينظر اليه نظرة إيجابية ويتمنى أن يقود الى عقد اجتماع موسع للفريقين المعارض والأكثري من الموارنة. كما نقلوا عنه تأكيده انه"إذا اتفق القادة الموارنة على اسم الرئيس العتيد، فأنا سأمشي به فوراً وأوافق عليه". وعلمت"الحياة"أن بري دعا الوزير السابق فرنجية عندما اتصل به الأخير أول من أمس لمعايدته بعيد الفطر، الى"أن نتعاون جميعاً لتمرير الاستحقاق وأن نغلّب التهدئة على التشنج في هذه المرحلة". ولحظت مصادر سياسية إن التحرك الداخلي لإخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة سواء على صعيد حوار بري مع الحريري أو مبادرة بكركي، يفترض أن يتكامل مع تحركات خارجية حثيثة لهذا الغرض، ومع اتصالات إقليمية ? عربية، تساعد في إنجاح المبادرات المحلية. وأفاد مصدر ديبلوماسي إسباني أمس أن الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الإسباني ميغيل انخيل موراتينوس الى لبنان مع نظيريه الفرنسي برنار كوشنير والإيطالي ماسيمو داليما، ستتم في 19 الجاري. وصرح موراتينوس لإذاعة"كادينا سير"الإسبانية بأن الزيارة"ستتم في وقت مهم بالنسبة الى النقاش الداخلي في لبنان. هناك انتخابات رئاسية ونريد الاتصال بالقوى السياسية كلها للتوصل الى المصالحة الوطنية والبحث عن مخرج للأزمة التي ما زالت تؤثر على استقرار البلاد".