رفعت إسرائيل وتيرة حملتها الإعلامية لخفض سقف التوقعات من المؤتمر الدولي للسلام الذي تستضيفه أنابوليس قرب واشنطن في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، وحذرت من"عواقب توقعات مبالغ فيها". وعادت لتؤكد أن تناول قضايا الصراع الجوهرية القدس واللاجئين والحدود في المؤتمر"ليس وارداً ولا واقعياً"حتى إذا كان الثمن فشله، طارحة"مطالب إسرائيل وتوقعاتها"، وفي مقدمها"تطبيع"علاقات العرب وإسرائيل"بشكل تدرجي". ومن المتوقع أن يسبق اجتماع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت غداً في القدس، إفراج إسرائيل عن 87 أسيراً فلسطينياً"طبقاً للمعايير المعهودة وفي مقدمها أن أياديهم ليست ملطخة بالدم"، من أصل مئة كان أولمرت تعهد لعباس في اجتماعهما الأخير إطلاق سراحهم في"بادرة حسن نية"لمناسبة حلول شهر رمضان المبارك. وغالبية المفرج عنهم من أنصار حركة"فتح"وثلثهم من قطاع غزة. وأفادت تقارير صحافية أن اولمرت سيوضح لضيفه غداً أنه لن يقدم مزيداً من"اللفتات الطيبة"حيث أن إقرار الإفراج عن الأسرى ال87 جوبه باعتراضات قوية داخل الحكومة وفي أوساط الرأي العام. وزادت نقلاً عن أوساط سياسية رفيعة قولها إن الفلسطينيين"لم يغيروا نمط سلوكهم القائم على مئة في المئة من المطالب مقابل صفر في المئة من التزام تعهداتهم". وترى هذه الأوساط أن إسرائيل لا تحصل على أي مقابل"لا من حيث محاربة الإرهاب ولا في التقدم نحو تسوية سياسية". وتابعت:"حتى في الضفة الغربية، حيث لعباس وأجهزته الأمنية السيطرة، لا تزال المؤسسة الأمنية الإسرائيلية غير قادرة على الاعتماد على هذه السلطة، ما يحتم على الجيش الإسرائيلي مواصلة نشاطه العسكري اليومي هناك ضد البنى التحتية للإرهاب". وقالت صحيفة"هآرتس"أمس إن إسرائيل أوضحت في الأيام الأخيرة للرئيس الفلسطيني أنها لن تعلن في المؤتمر أي"تنازل تاريخي"في أي من القضايا الجوهرية الثلاث للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، وهي ترسيم الحدود الدائمة، وتقسيم القدس، والاعتراف بمسؤوليتها عن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين. وأضافت أن إسرائيل متمسكة بموقفها هذا"حتى بثمن فشل المؤتمر في واشنطن". ونقلت الصحيفة عن أوساط وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني أن لقاءها عباس ورئيس حكومته الدكتور سلام فياض في نيويورك كان خطوة واحدة من سلسلة خطوات تتخذها إسرائيل في الأسبوعين الأخيرين"لإدخال المفاوضات الجارية مع الفلسطينيين في إطار واقعي"، وليدرك الفلسطينيون أن"كل شيء في أوانه المناسب"، وأنه يجدر الانشغال في الوقت الراهن بالقضايا التي يمكن الاتفاق حولها. وزادت:"إذا أصر الرئيس عباس على طرح القضايا الجوهرية فإن النتيجة ستكون فشل المفاوضات". وأشارت إلى أن تصريحات اولمرت التي أكد فيها أن إسرائيل لا تعتزم أن تتوصل حتى موعد"اللقاء الدولي"إلى اتفاق مبادئ بشأن التسوية النهائية، تأتي بين الخطوات لخفض سقف التوقعات. وبحسب مصدر سياسي كبير، فإن تحويل المؤتمر إلى الموضوع الرئيس في العملية التفاوضية الجارية"أمر غير مرغوب فيه". وقال إن الفلسطينيين ووسائل إعلامهم"يبنون توقعات غير منطقية ... إنهم يتوقعون التوقيع على اتفاق سلام في المؤتمر الوشيك". وأعرب عن مخاوفه من أن تكشف المفاوضات بين فريقي العمل لبلورة مسودة التفاهمات الفجوات الحقيقية في مواقف الطرفين من أن المفاوضين الفلسطينيين يبدون تصلباً بعرضهم على الرئيس عباس ورقة عمل تؤكد وجوب إملاء جدول زمني للتقدم في العملية السلمية التي ستلي المؤتمر الدولي، كما يعارضون اقتراح تقسيم القدس على أساس ديموغرافي، ويصرون على أن أي حل لهذه القضية يجب أن يقوم على أساس حدود العام 1967. وفي موازاة ذلك، أفصحت ليفني في حديث لصحيفة"هآرتس"عن بعض"المطالب والتوقعات الإسرائيلية"من المؤتمر. وقالت إن الرسالة التي تنقلها إلى نظرائها العرب الذين تلتقيهم في نيويورك تقول إن المطلوب منهم"أن لا يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم"، وأن الدور الملقى على الزعماء العرب هو"دعم العملية السياسية لا وضع عراقيل في طريقها". وتابعت أن إسرائيل معنية بأن تقوم الدول العربية بدور الجهة الداعمة للفلسطينيين المعتدلين. وزادت:"إننا نقول للعرب أتيحوا للفلسطينيين أن يحددوا مصيرهم، وإذا أرادوا التنازل فلا تكونوا أنتم القضاة. لا تطرحوا مطالب ولا تملوا نتائج الصراع". ورأت أن المطلوب من الدول العربية"الاندماج في العملية السياسية مع الفلسطينيين في إطار التطبيع على مراحل"في العلاقات مع إسرائيل. وأضافت:"بدل انتظار انتهاء الصراع، على العرب أن يوافقوا على صفقة مع إسرائيل تقضي بأنه مقابل كل خطوة ايجابية تتخذها تجاه الفلسطينيين ترد الدول العربية بمثلها تجاه إسرائيل، ومن شأن ذلك أن يسهل على إسرائيل اتخاذ خطوات ايجابية ويعين الزعماء العرب على تهيئة الرأي العام في بلادهم". وأشارت الصحيفة إلى أن ليفني التقت في نيويورك عدداً من المسؤولين العرب الذين لا تقيم بلادهم علاقات ديبلوماسية مع الدولة العبرية، وأنها أكدت في جميع لقاءاتها وجوب أن تساهم الدول العربية"إيجاباً"بهدف الدفع في اتجاه حل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.