تلقى الرئيس السوداني عمر البشير رسالة من نظيره الأميركي جورج بوش، في وقت أقرت واشنطن ايفاد مسؤول كبير إلى بكين طلباً للمساعدة في دفع الخرطوم إلى تسريع تحقيق السلام في اقليم دارفور غرب السودان. وأُعلن رسمياً أمس أن البشير تلقى رسالة من بوش عبر السفارة الأميركية في الخرطوم أكّد فيها دعم الإدارة الأميركية لتطبيق اتفاق السلام في جنوب البلاد الموقع في نيفاشا قبل عامين، واتفاق سلام دارفور الموقع في أبوجا في أيار مايو الماضي، و"تفاهمات"أديس أبابا لتعزيز القوة الأفريقية المنتشرة في دارفور عبر عملية تنتهي بنشر قوات مختلطة من الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي في الإقليم. ودعا بوش، في رسالته،"كل الأطراف السودانية إلى العمل بجدية من أجل الوصول الى غايات السلام النهائية"، مشدداً على أن صدق النيات سيعزز وحدة السودان واستقراره وسلامه. وقالت مصادر رئاسية ل"الحياة"إن بوش حض البشير على تسريع استعادة الأمن واستكمال عملية السلام في دارفور عبر محادثات مع المتمردين الذين يرفضون اتفاق أبوجا، ونشر قوة مشتركة أممية - أفريقية في الإقليم لحفظ الأمن وحماية المدنيين. وفي هذا السياق، أعلنت الولاياتالمتحدة إنها تسعى إلى الحصول على مساعدة من الصين لدفع الحكومة السودانية إلى تحقيق السلام في دارفور. وقالت الخارجية الأميركية، في بيان، إن المبعوث الرئاسي الخاص الى السودان أندرو ناتسيوس سيتوجه إلى بكين خلال أيام للتشاور مع كبار المسؤولين الصينيين و"تشجيعهم على ممارسة تأثيرهم الكبير على السودان لتحقيق السلام في دارفور". وأضاف البيان"ان ارتباط الصين المستمر مع السودان مهم لضمان التنفيذ الكامل لاتفاق أديس أبابا بما في ذلك برنامج حفظ السلام المؤلف من ثلاث مراحل بدأ تطبيق المرحلة الأولى منها بنشر مستشارين وخبراء عسكريين من الأممالمتحدة الى جانب القوة الافريقية في دارفور". ودان الناطق باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك قصف الحكومة السودانية مواقع للمتمردين في دارفور يوم 28 كانون الأول ديسمبر الماضي، بعد اجتماع بين قادة المتمردين وممثلين عن الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة في منطقة أمرآي. واعتبر أن هذا القصف"يخالف التعهد الذي قطعته الحكومة السودانية في أديس أبابا يوم 16 تشرين الثاني نوفمبر الماضي لتسهيل عمل الاتحاد الأفريقي وتعزيز وقف إطلاق النار"في دارفور. الى ذلك، أُعلن في شكل مفاجئ في الخرطوم تعليق تدشين مرحلة الدمج المبكر لقوات الحركات الموقعة على اتفاق أبوجا التي كان مقرراً أن تنطلق مرحلتها الأولى أمس السبت، مما فتح الباب أمام تبادل اتهامات بين أطراف الاتفاق. إذ اشترطت"حركة تحرير السودان"بزعامة كبير مساعدي الرئيس مني أركو مناوي توفير دعم لوجستي ونزع سلاح ميليشيا"الجنجاويد"وتشكيل فريق فني واستشاري مؤلف من خبراء عسكريين من الحكومة والحركات والاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة، واتهمت الحكومة بتعمد تأخير تقديم الأموال الكافية للعملية. ونفى مقرر لجنة الترتيبات الأمنية من جانب"حركة تحرير السودان"علي ترايو تلقي الحركات المسلحة أي أموال من الحكومة، وقال إن الحديث في هذا الشأن"لا يعدو أن يكون مجرد ذر للرماد في العيون". لكن مستشار الرئيس الدكتور مجذوب الخليفة أحمد قال أمس إن الحكومة قدّمت دعماً مالياً يصل الى 7 مليارات جنيه 3.5 مليون دولار إضافة إلى أطنان من الامدادات العينية للحركات منذ توقيع اتفاق السلام قبل سبعة شهور، منوهاً بأن اجراءات تسليم الأموال المعنية موثقة وممهورة بتوقيعات قيادات الحركات الميدانية، من دون أن يخوض في تفاصيل. وجزم أن"الدعم اللوجستي قائم ولم ينقطع أصلاً". واعتبر الخليفة مطالبة الحركات المسلحة بالدعم أولا ليس عذراً لتأجيل تنفيذ دمج قواتها. وأضاف:"لا مجال لأحد أن يقول إنه ينتظر الإمداد"، مشيراً إلى أن الدعم اللوجستي من واجب المجتمع الدولي الذي أراد افشال الاتفاق لتمهيد نشر قوات أممية. في غضون ذلك، تجتمع اليوم في مقر الخارجية السودانية الآلية الوطنية للتعامل مع بعثة الأممالمتحدة في السودان في شأن الانتهاكات الجنسية التي يُزعم أن بعض الموظفين والجنود الدوليين ارتكبها في حق قاصرات في جنوب السودان، واتهمت الخرطوم البعثة الأممية باخفاء معلومات عن هذه الانتهاكات. وقال مسؤول السلام في الخارجية السفير الصادق المقلي ل"الحياة"إن الخارجية سلّمت بعثة الأممالمتحدة في السودان أمس رسالة أعربت فيها عن بالغ قلق الخرطوم ازاء هذه الممارسات غير الاخلاقية، وطالبتها بالتحقيق والرد الفوري وموافاتها بنتائج التحقيق بأسرع وقت ممكن. واتهم المقلي الأممالمتحدة باخفاء معلومات عن هذه الممارسات التي اتضح أن تحقيقات تجري حولها منذ بداية 2005. وقال إن اتفاق"سوفا"الموقع بين الطرفين في نهاية 2004 ينص على ضرورة الشفافية لنشاط البعثة الأممية في السودان واحترام مبادئ وقواعد الاتفاقات الدولية التي تطبق على قواعد السلوك الخاص بالموظفيين العسكريين. وأكد الناطق باسم الخارجية السفير علي الصادق للصحافيين ان اتصالات تجري مع الأممالمتحدة لمعرفة كيفية إبعاد أربعة بنغاليين متهمين بارتكاب أعمال اغتصاب في حق قاصرات في جنوب السودان، موضحاً ان حكومته لن تسمح لأي متورطين بالبقاء في البلاد، مشيراً إلى أن العقوبات لموظفي الاممالمتحدة العسكريين تتم بحسب قانون الأممالمتحدة أو من خلال احالتهم على دولهم لنيل العقاب في بلادهم.