سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بيروت : حظر تجول ليلاً بعد قنص وخطف وصدامات مذهبية أوقعت قتلى وجرحى . دعوات الى التهدئة واخلاء الشوارع بعد المواجهات وإحياء الاتصالات بين الحريري وجنبلاط والسنيورة وبري
انفجر الوضع الأمني في بيروت أمس بحصول صدامات مذهبية في أحياء العاصمة وشوارعها، نتيجة الاحتقان السياسي الذي يعيشه لبنان بين قوى المعارضة والأكثرية، وظهر السلاح في عدد من الأمكنة، وتحولت شوارع غرب بيروت خصوصاً الى مناطق غير آمنة، انتشر فيها الفتية والشبان الذين حملوا العصي والآلات الحادة، لاعتراض مواطنين على أساس الهوية المذهبية سرعان ما تمت معالجتها. ودبّ الرعب في قلوب المواطنين. وإذ سقط أربعة قتلى وجرح اكثر من 65 شخصاً نتيجة هذه الصدامات التي بدأت قبل ظهر أمس في جامعة بيروت العربية، بين الطلاب المناصرين ل"تيار المستقبل"الذي يتزعمه النائب سعد الحريري وحلفائه من جهة وأنصار"حزب الله"وحركة"أمل"من جهة ثانية، وما لبثت ان امتدت الى أحياء وشوارع أخرى، اتخذ الجيش اللبناني الذي جهد لوقف الفلتان الأمني، تدبير منع التجول في شوارع العاصمة ليلاً، خصوصاً ان النداءات التي وجهها كل من الحريري والأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله ورئيس المجلس النيابي نبيه والحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط، ووجهتها وقيادات سياسية أخرى، لم تكن أدت الى سحب جمهور الجانبين من الشارع. وشدد أقطاب الأكثرية والمعارضة على الامتثال لاجراءات الجيش. وكان الاشتباك في جامعة بيروت العربية بدأ بين الطلاب المتقابلين بالأيدي ثم بالحجارة والعصي، واستقدم الطرفان أنصاراً لهما من خارج الجامعة، يحملون العصي والهراوات، وعندما حاول الجيش وقف الصدامات تعرض جنود منه لإصابات، وقالت مصادر اعلامية ان عددهم بلغ العشرين جندياً. وما لبث الأمر ان تطور الى مواجهات خارج الجامعة وأحرقت سيارات متوقفة هناك، واستخدمت قنابل مولوتوف في الصدامات التي امتدت الى المدينة الرياضية، حيث اطلق قناصون النار على الجموع وسقط العديد جرحى بالرصاص فيما تردد ان احد القتلى سقط بالرصاص أيضاً. واتهم حزب الله"ميليشيات تيار المستقبل"باستخدام الأسلحة، فيما اتهمت مصادر المستقبل"قوى الانقلاب"باستخدام الأسلحة وأحرق مركز للحزب السوري القومي الاجتماعي في الطريق الجديدة. وانتقلت الفتنة والصدامات ظهراً الى مناطق زقاق البلاط، حي اللجا، برج أبي حيدر، النويري، رأس النبع، كورنيش المزرعة، الخندق الغميق، وجسر فؤاد شهاب حيث انتشر شبان يحملون العصي وبث"المنار"صوراً لمسلحين يطلقان النار في محيط الجامعة العربية والمدينة الرياضة من الابنية. كما حطمت واجهات مؤسسات في وسط بيروت التجاري وصور للحريري ورموز الأكثرية. وأدت أصداء الصدامات خارج العاصمة الى قطع طريق المطار والأوزاعي والناعمة بين بيروت وصيدا، وسعدنايل في البقاع. وبث تلفزيون"المنار"أن مصورين ومندوبين تابعين له تعرضوا للضرب وصودرت كاميراتهم. وجرى خطف بعض المواطنين على الهوية. ومساء نجحت الاتصالات في فتح بعض الطرقات. وكان رئيس الجمهورية اميل لحود وجه نداء ناشد فيه القادة السياسيين سحب انصارهم من الشارع. وطلب رئيس الحكومة فؤاد السنيورة من باريس حيث ترأس وفد لبنان الى مؤتمر رفيق الحريري"باريس -3"، المتصادمين الى"العودة الى صوت العقل والابتعاد عن التأزيم"، وقال:"علينا ان نعطي مثلاً للجميع المؤتمرين في فرنسا بأن اللبنانيين يريدون بناء وطن لا ان يشكلوا من بلادهم ساحة للتخاصم لمصلحة غيرهم". وطلب بري بعد الظهر من جميع الأحزاب في المعارضة والموالاة عدم جر البلاد الى الفتنة والانسحاب من الشارع. ووجه الحريري نداءين الى مناصريه داعياً الى ضبط النفس والتزام الهدوء، واصفاً ما حصل بأنه لتعطيل المناخ الايجابي بانعقاد"باريس -3". وعاد الحريري فوجه نداء ثالثاً خاطب فيه"أهلي واخواني في بيروت الصابرة في كل المناطق"، داعياً الى"التعالي عن الجراح ووأد الفتنة". وقال:"أناديكم باسم روح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وباسم أرواح جميع الشهداء الاحرار الذين اغتالتهم يد الغدر والفتنة. اناديكم لتفويت الفرصة على المتلاعبين بمصير لبنان، والمتضررين من نجاح مؤتمر باريس -3، والباحثين عن أي مبرر لانتهاك بيروت". وأضاف:"ان الدولة هي مرجعنا. لا شيء غير الدولة ملاذ الناس، وملجأ المظلومين، والمسؤولة عن اللبنانيين. نحن كنا وسنبقى أبعد الناس عن الميليشيات وعن منطق الاقتتال، ولن نتخلى عن واجبنا في حماية الدولة ومؤسساتها وأجهزتها". وحض على التعاون مع الجيش اللبناني، وإفساح المجال امام القوى الامنية للقيام بواجبها، لفرض سلطة القانون. نصر الله ومساء، وجه الأمين العام ل"حزب الله"نداء الى المواطنين من كل الاتجاهات والتيارات"الى إخلاء الشوارع وضبط النفس والهدوء والعودة الى المنازل والانسجام مع الاجراءات التي يتخذها الجيش اللبناني، مشدداً على"التعاون الكامل مع عناصر الجيش في كل المناطق من اجل انهاء حال التوتر وهذا واجب وطني في هذه الساعات الصعبة والمؤلمة على اللبنانيين جميعاً". وأكد ضرورة"الحفاظ على هذه المؤسسة الوطنية الجيش وعلى الدور الكبير الذي تلعبه في الموقف الحرج"، معتبراً ان"هذه المؤسسة باتت تشكل الضمانة الوطنية الحقيقية التي يمكن ان تساعد اللبنانيين في هذه المرحلة على تجاوز المحنة، او عدم الانجرار الى ما يخطط له الآخرون". وأضاف:"من الواجب الوطني والديني والشرعي، وهنا يجب ان نستخدم الفتوى لا لتحريض اللبنانيين بعضهم على بعض او لتوتير الاجواء، بل لمصلحة الوطن وسلمه الاهلي وعيشه المشترك، يجب على الجميع بالمعايير الوطنية والاخلاقية والشرعية والدينية ان يخلوا الشوارع ويلتزموا الهدوء ويضبطوا انفسهم". وتابع نصر الله:"قلنا خلال الايام الماضية ان اخطر ما يُخطط للبنان دفعه الى الحرب الاهلية او الى الفتنة الداخلية. من المبكر تحديد المسؤوليات، لكن وسائل الاعلام والتصريحات كانت واضحة وأيضاً من خلال الصور والوثائق"، من الذي يسارع الى استخدام السلاح، لذا ادعو القوى الامنية والقضاء الى التشهير بكل من يستخدم السلاح ويلجأ اليه ويطلق النار، هناك جهات في لبنان ذات اتجاه تقسيمي، وهناك جهات لا قيمة لها سياسياً الا في ظل الفوضى وفي ظل اعادة لبنان الى الحرب الاهلية، وهي تقتات وتعيش على الفتنة الداخلية". واستدرك:"من هذا المنطلق انبّه بعض التيارات السياسية الا تنجر خلف تلك الجماعات ذات التاريخ الميليشياوي الحربي الاقتتالي"، لافتاً الى ان"المعارضة الوطنية اللبنانية اكتفت بخطوتها الاحتجاجية الثلثاء الماضي، لأن كل المعلومات التي كانت تصلنا كانت تؤكد ان هناك من يحضّر في الايام المقبلة لمواجهات مسلحة في الشارع". وزاد:"انا لا اريد ان اكون حاكماً ولا قاضياً، فلتتحمل الاجهزة القضائية والامنية مسؤوليتها، اذ ان ما شاهدناه وسمعناه اليوم هو عودة ظاهرة القناصين. خلال الاسابيع الماضية وردتنا معلومات عن استقدام قناصين وايداعهم في عدد من الابنية في مدينة بيروت، وهذا أمر يعرفه كثيرون ايضاً، لذا يجب تحديد هوية هؤلاء القناصين ومحاكمتهم من قبل القضاء اللبناني والتشهير من قبل الاجهزة الامنية، وأياً يكن الخلاف السياسي نحض على استخدام الوسائل المدنية في التعبير، ان تجاوز ذلك والاحتكام الى السلاح وسفك الدماء هو من المحرمات الشرعية والدينية والوطنية ولأن السلاح الذي يوجه في الداخل هو سلاح اسرائيلي أياً تكن الاسباب". ودعا نصر الله الى محاصرة ما يجري، آملاً بأن يستجيب الجميع لنداءات القيادات السياسية في لبنان التي"تجمع على وجوب تجاوز هذه المحنة، عبر المعالجات السياسية فقط". بيان قيادة الجيش وصدر عن قيادة الجيش البيان الآتي: "ان قيادة الجيش وبغية تمكن القوى العسكرية من حفظ الأمن ومنع الإخلال بالنظام العام وملاحقة عناصر الشغب، وحفاظاً على حياة المواطنين وحماية لأرزاقهم وممتلكاتهم، تعلن منع التجول في كامل محافظة بيروت اعتباراً من الساعة الثامنة والنصف من مساء اليوم أمس ولغاية الساعة السادسة صباح 26/1/2007. وان القيادة اذ تهيب بالمواطنين التقيد التام بمضمون هذا البيان، تؤكد انها ستعمد الى تطبيق حيثياته بكل دقة وحزم ومن دون تردد، آملة من الجميع عدم تعريض أنفسهم لأي خطر او مساءلة". ووجه بري نداء ثانياً، كذلك فعل نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان للخروج من الشارع، كذلك فعل الرئيس السابق سليم الحص. ودعا الحزب الاشتراكي مناصريه الى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس"لتفويت الفرصة على محاولات جر البلاد الى الفتنة". كما دعا الجميع الى الحوار من خلال المجلس النيابي. وقال رئيسه وليد جنبلاط في تصريح الى قناة"العربية":"فليقبل هو نصر الله أولاً ان يخلي الشارع الذي احتله منذ اكثر من 50 يوماً، ولنفتح دورة استثنائية في مجلس النواب، وليدعونا نبيه بري الى جلسة حوار". وزاد:"النقطة المركزية هي المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس الحريري، وهم استقالوا الوزراء الشيعة عندما كنا على وشك ان نوقع معاهدة المحكمة مع الأممالمتحدة، وهم لا يستطيعون ان يخرجوا عن ارادة النظام السوري". وقال جنبلاط:"سنصمد ولن يجرنا بشار الأسد الى الفتنة، وأدعو حسن نصر الله الى ان يكون فوق زواريب بيروت وأزقتها، وآن له ان يعود الى مركز القيادة". ورداً على سؤال، قال:"لا أريد أن أدخل مع حسن نصر الله في سجال، مع الأسف، عندما يخطب في جمهوره الحديدي يكون متوتراً وكأنه يخطب امام المرآة، وهذا مزعج فليتفضل وينزل الى شوارع بيروت ويرى الكوارث التي حلت بها بعد الثلثاء الأسود، أفضل له". ورأى ان"ليس هناك شيء اسمه معارضة، هناك واحد اسمه حسن نصر الله". وصدر عن"التيار الوطني الحر"بيان دان كل عمل يُحدث فتنة والتعرض للجيش اللبناني الذي يلعب دوراً في تأمين الاستقرار وحماية السلم الاهلي. الى ذلك، قال وزير التربية والتعليم العالي خالد قباني ل"الحياة":"بسبب الاحداث الأليمة والتي ذهب ضحيتها بعض الطلاب، نطلب من كل الجامعات في لبنان وادارات المدارس الرسمية والخاصة في بيروت وكل المناطق اللبنانية، التوقف عن اعطاء الدروس يومي الجمعة والسبت، والعودة الى فتح المؤسسات التعليمية ابتداء من الاثنين المقبل". اتصالات مفتوحة وفيما بدأت عملية إعادة فتح الطرقات قبيل الثامنة مساء انتشر الجيش في مناطق الصدامات. وشهد بعد الظهر اعادة فتح الاتصالات بين الموالاة والمعارضة خصوصاً مع الرئيس بري الذي تحدث اليه الحريري وجنبلاط مرات، اضافة الى اتصالات الجميع مع قائد الجيش ميشال سليمان، فضلاً عن مشاورات جرت مع السنيورة ووزراء في بيروت. وكان هناك توافق على أن يتم تجاوز اتخاذ قرار منع التجول من قبل مجلس الوزراء، وتركه للجيش حتى لا يبدو انه صدر عن فريق سياسي. وجرى اتصال بين بري والسنيورة ايضاً بعدما كانت الاتصالات مقطوعة وجرى توافق على ضبط الوضع.