قدم الرئيس الاميركي، جورج بوش، هدية ملغومة الى تشيكيا وبولندا في مطلع العام الجاري. فهو أعلن عزم واشنطن على نشر مظلة دفاع صاروخية في هذين البلدين. ولا ريب في ان السلطات في هذين البلدين تؤيد هذه الخطوة، على رغم نأيها بالمسألة عن المناقشات العامة. وبحسب استطلاعات رأي، يعارض 65 في المئة من التشيكيين هذه الخطوة. ورأى فلاستا باركوفا، وزير الدفاع التشيكي، أن نشر مظلة الصواريخ الاميركية خطوة شائكة، ودعا الى التروي. وقبل تحديد موعد مناقشة الخطة الاميركية في البرلمان التشيكي، سربت معلومات عن اجراءات تنفيذها. وبحسب هذه المعلومات، قد ينشأ مركز الرادار الخاص بالمظلة الصاروخية في قاعدة جوية على بعد 50 كلم جنوب غرب العاصمة، براغ، أو في بلدة ليبافي على بعد 250 كلم شرقي العاصمة. ومن المفترض أن يشرع في بناء المظلة الجوية في 2011، وأن يعمل في محطة الرادار مئتا عسكري اميركي وبعض المدنيين المحليين. ولا شك في أن السجال الدائر في بولندا حول المشروع ليس أكثر اعتدالاً من نظيره التشيكي. فالسلطات البولندية، وهي أظهرت حماسة كبيرة للخطة الاميركية، تماطل في الموافقة عليها هذه الخطة للحصول على رزمة من الخدمات الاميركية في المقابل. وطالبت بولندا الاميركيين بتعزيز قدرات الدفاع الجوي البولندية، ودعتهم الى نشر انظمة صاروخية من طراز"باتريوت". ولم يرق هذا الطلب للأميركيين، ورأوا أنه تعجيزي، ومحاولة لتوريط واشنطن في عملية تحد صارخ للكرملين. وتزعم واشنطن ان المظلة الصاروخية في اوروبا الشرقية هي لحماية"اعضاء حلف الاطلسي الجدد"من صواريخ"محور الشر"، اي ايران وكوريا الشمالية، البعيدة المدى. والحق أن البولنديين والتشيكيين يدركون ان علاقة بلدهما بروسيا على المحك. فروسيا تعتبر شبكات الصواريخ الجديدة في مثابة تتمة للطوق الاميركي الصاروخي عليها. وبحسب سيرغي ايفانوف، وزير الدفاع الروسي، تخل مظلة الصواريخ الاميركية في بولندا وتشيكيا بميزان القوى في اوروبا. وتنوي موسكو، تالياً، الرد على هذا الاخلال. والمرء لا يحتاج الى خبرة في الاستراتيجيا ليدرك ان الصواريخ الايرانية والكورية لا تبلغ الاراضي الاميركية عبر اجواء بولندا وتشيكيا. فطهران لا تملك، أصلاً، صواريخ عابرة للقارات. ولا شك في أن القواعد الاميركية بأوروبا الشرقية معدة لمواجهة القدرات الصاروخية الاستراتيجية الروسية. وتنتشر هذه القواعد في ألاسكا وكاليفورنيا. وفي النروج مركز رادار اميركي متطور. وتبلغ قيمة المظلة الدفاعية الاميركية الجديدة في أوروبا نحو 1.6 بليون دولار. ويرى الجنرال فلاديمير بيلوس، مسؤول في معهد الامن الدولي، ان نشر المظلة في بولندا وتشيكيا يسد الثغرات الدفاعية الاميركية، ويفرض رقابة شاملة على الاراضي الروسية. وتحتاج واشنطن الى أعوام لنشر شبكة الصواريخ الجديدة. وهذه الاعوام تمهل موسكو وقتاً للتوصل الى رد متكافئ على تعنت واشنطن. ومن المحتمل أن تطور روسيا صواريخ عابرة للقارات بقدرات تفوق تلك المتداولة، وأن تصنع جيلاً جديداً من الصواريخ المتعددة الرؤوس البالغة الدقة والقادرة على المناورة واختراق اكثر شبكات الدفاع الجوي تحصيناً. عن فاليري ماستيروف وفيكتور فولودين، "فريميا نوفوستي" الروسية، 22/1/2007