بخلاف زياراتها السبع السابقة الى الاراضي الفلسطينية واسرائيل، بدت زيارة وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الأخيرة "الثامنة" مختلفة، فقد أنهتها بالاعلان عن عزمها العودة ثانية الشهر المقبل لعقد قمة ثلاثية تجمعها مع الزعيمين الفلسطيني محمود عباس والاسرائيلي ايهود أولمرت. ثم توالت الانباء المتفائلة تباعا: الرئيس جورج بوش يلتقي كلاً من عباس واولمرت في البيت الابيض عقب القمة الثلاثية التي تقودها رايس. اللجنة الرباعية تجتمع في نيويورك في الثاني من شباط فبراير المقبل لبحث تنشيط العملية السلمية. مسؤول اسرائيلي يتوقع اتفاق سلام بين الفلسطينيين واسرائيل في غضون عامين. وحتى وقت قريب حافظت ادارة بوش على مستوى منخفض لتدخلها في العملية السلمية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، لكن أكثر من اشارة صدرت عنها في الأسابيع القليلة الماضية تدل على نيتها الانخراط بجهد اكبر في هذه العملية. وربما كان أكثر ما يُفسر هذه الاشارات ودواعيها تزامنها مع تقرير بيكر - هاملتون الذي اوصى الرئيس بوش بالتحرك لايجاد حل للقضية الفلسطينية اذا اراد ايجاد حل للورطة الاميركية في العراق. وحسب مصادر اميركية فإن الرئيس السابق بيل كلينتون أوصى خلفه جورج بوش بعدم التدخل بعمق في ايجاد حل سياسي للصراع الفلسطيني- الاسرائيلي معتبرا ان ادارته قد بذلت اقصى ما يمكن لادارة اميركية ان تبذله من اجل التوصل لمثل هذا الحل، لكنها فشلت بسبب تعقيدات هذه القضية التاريخية. وبدت مواقف بوش منذ تسمله منصبه رئيسا للدولة الاعظم في العالم تنفيذا حرفيا لهذه التوصيات. ففي جميع اللقاءات التي جمعته ومساعديه مع مسؤولين فلسطينيين، لم يظهر بوش اية رغبة في تدخل حقيقي في العملية السلمية. وحسب وصف احد مساعدي الرئيس عباس فإن سياسة بوش في السنوات الست الماضية قامت على ابقاء مستوى من التدخل لا يسمح بنشوء فراغ تملؤه اطراف اخرى مثل الاتحاد الاوروبي. ويبدو الفلسطينيون على يقين من ان الادارة الاميركية بدأت في تغيير سياستها لكنهم غير واثقين من مقدار تأثيرها على الحكومة الاسرائيلية في هذا المجال. وقال نمر حماد المستشار السياسي للرئيس عباس ل"الحياة":"لسنا واثقين من ما اذا كان الاسرائيليون جاهزين للتقدم على طريق الحل السياسي ام لا، لكن المؤكد ان الادارة الاميركية تحاول ان تحقق انجازا هنا على ضوء الفشل الذي اصيبت به في العراق". واضاف:"هناك تقرير بيكر- هاملتون، وهو تقرير جمهوري ديموقراطي مشترك يوصي بحل الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي كمدخل للاستقرار في المنطقة. وهناك المطلب العربي بحل القضية الفلسطينية قبل مطالبة العرب بالدخول في حلف ضد ايران. وهناك المطلب الاوروبي باتاحة الطريق امامهم للتدخل بسبب الفشل الاميركي في العراق. هذه كلها عوامل تستدعي من الرئيس بوش تغيير سياسته هنا". ويبدي رئيس الوزراء الاسرائيلي رغبة في تحقيق انجاز سياسي يعيد بعثه من جديد بعد فشله الكبير في حربه على لبنان، وظهور نتائج للانسحاب الاسرائيلي الاحادي الجانب من قطاع غزة في غير صالح الدولة العبرية. لكن مستوى الضعف الذي وصل اليه اولمرت يثير الشكوك حول قدرته على تحقيق تقدم جوهري على طريق الحل السياسي. وقال حماد:"اولمرت يعيش مأزقا، ولسنا نعرف ان كان سيلجأ الى حل سياسي او غزو عسكري جديد قطاع غزة من اجل الخروج منه؟". وللفلسطينيين ازمتهم الخاصة في المعادلة الجديدة الجارية التي تقوم ادارة بوش بصياغتها، فمن دون تشكيل حكومة وحدة وطنية ذات صبغة مستقلة، في وزاراتها الاساسية على الأقل، سيظل الجانب الآخر يتذرع بوجود"حماس"،"الحليف الايراني"في الحكم، لإعاقة اي تحرك سياسي على الجبهة الفلسطينية - الاسرائيلية.