تكشفت امس ملامح اتفاق يتبلور بين الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس خالد مشعل لتشكيل حكومة وحدة وطنية تخرج الفلسطينيين من الازمة الوطنية الراهنة الناجمة عن صراع الحركتين على السلطة. وقالت مصادر متطابقة في الجانبين انهما اتفقا على احالة الحقائب الثلاث الرئيسة في الحكومة لمستقلين على النحو التالي: وزير المال تختاره"فتح"ووزير الداخلية تختاره"حماس"، والخارجية تتوافق عليه الحركتان، على ان يبقى اسماعيل هنية رئيسا للوزراء. وقالت المصادر ذاتها ان"فتح"اختارت وزير المال السابق سلام فياض لتولي حقيبة المال فيما توافقت الحركتان على تولي النائب المستقل زياد ابو عمرو حقيبة الخارجية. وينتظر ان تقدم"حماس"في الساعات المقبلة مرشحها لتولي وزارة الداخلية، لكن الجانبين اتفقا على ان يكون صاحب هذه الحقيبة شخصية مستقلة مقربة من الحركة وليس أحد قيادييها البارزين. ورجحت مصادر في الحركتين ان عباس ومشعل سليتقيان في غضون اليومين المقبلين، ربما بعد غد الثلثاء. وجرى هذا الاتفاق الذي لم توضع اللمسات الاخيرة عليه بعد بوساطة النائب المستقل زياد ابو عمرو، ومحمد رشيد المعروف باسم خالد سلام المستشار الاقتصادي السابق للرئيس الراحل ياسر عرفات. وفضلت مصادر في حركة"فتح"مقربة من الحوارات الجارية التريث قبل اعطاء تصريحات متفائلة خشية تعرض الجهود الجارية لتشكيل حكومة وحدة وطنية الى انتكاسة مماثلة لتلك التي اصابت جهودا مماثلة سابقة على هذه الطريق. لكن هذه المصادر اقرت بوجود تقدم مهم على طريق بلورة اتفاق نهائي بين الطرفين. ويُعتقد ان الطرفين باتا في حاجة الى اتفاق يخرجهما من ازمة بدا واضحاً ان اياً منهما لن يتمكن من حسمها لصالحه بالقوة. وغادر ابو عمرو وسلام رام الله امس متوجهين الى قطر ثم الى دمشق للقاء خالد مشعل لتقديم اجابات حول بعض الاسئلة من الرئيس عباس. وكان ابوعمرو ورشيد التقيا الرئيس عباس في منزله في رام الله اول من امس لساعات عدة بعيدا عن اعين وسائل الاعلام. وتكريسا للاجواء التصالحية بين الجانبين القى رئيس الحكومة اسماعيل هنية امس خطاباً حمل ذات الرسائل التصالحية التي حملها خطاب الرئيس محمود عباس في الاحتفال بانطلاقة"فتح"الخميس الماضي. وتزامن خطاب هنية مع توقيع اتفاق بين الحكومة ونقابة العاملين في الوظيفة الحكومية انهى اكثر من اربعة اشهر من الاضراب المتواصل عن العمل احتجاجا على عدم تلقي الموظفين رواتبهم بانتظام. ونص الاتفاق الذي اعلنه نائب رئيس الحكومة الدكتور ناصر الشاعر ورئيس نقابة العاملين بسام زكارنة في حضور ممثلين عن الرئيس محمود عباس على استئناف دفع رواتب الموظفين بانتظام ابتداء من الشهر المقبل على ان تدفع المستحقات المتأخرة لهم على مدى اربعة اشهر. ولم يؤكد الجانبان وجود موارد مالية كافية لتغطية التزامات الحكومة هذه، الامر الذي يشير الى ان الاتفاق يحمل طابعاً سياسياً ويعكس الاجواء التصالحية السائدة بينهما. وقال مسؤولون في اتحاد الموظفين انهم يدركون عدم قدرة الحكومة على توفير رواتب للموظفين بسبب الحصار المفروض عليها لكن هذا الاتفاق كان مخرجا للطرفين من الازمة التي شلّت عمل المؤسسات والدوائر الحكومية منذ ما يزيد عن اربعة اشهر. ودعا رئيس نقابة العاملين في المؤسسات الحكومية بسام زكارنة الموظفين العموميين كافة للعودة الى عملهم ابتداء من صبيحة اليوم الاحد. وقال زكارنة في مؤتمر صحافي عقب توقيع الاتفاق:"لسنا سياسيين، لكننا نأمل ان يقود انهاء الاضراب الى مصالحة سياسية والتوصل الى حكومة وحدة وطنية واقامة دولتنا المستقلة".