يتساءل الأتراك مع بداية عام الانتخابات عما إذا كان رئيس الوزراء رجا طيب أردوغان سيترشح للرئاسة في أيار مايو المقبل. ويخشى المجتمع العلماني في تركيا، ويضم كبار قادة الجيش وقضاة وأكاديميين وصفوة رجال الاعمال، أن يكون أردوغان عقد النية لشغل المنصب على رغم اعلانه ان موقفه سيحدد في نيسان ابريل المقبل. وأردوغان صاحب شعبية كبيرة وتوجهات إسلامية سابقة، وسبق ان سجن مدة وجيزة لقراءته قصيدة وصفت بأنها هدامة الى حد بعيد. وينتاب العلمانيين قلق من ان يقوّض الفصل الصارم بين الدين والدولة في تركيا إذا انتخب رئيساً. وينفي أردوغان وحزبه العدالة والتنمية الذي ينتمي إلى يمين الوسط أن تكون هناك أجندة إسلامية، ولكنهما يريدان تخفيف بعض القيود الصارمة على الممارسات الدينية، ومنها ارتداء النساء الحجاب. وقال وليام هال المراقب المخضرم للشؤون التركية، وهو يعمل حالياً في جامعة صابانجي في اسطنبول:"سيتصاعد التوتر في الاشهر المقبلة بكل تأكيد، ولكن في التحليل النهائي الدستور واضح جداً. ينتخب البرلمان الرئيس ويحظى حزب العدالة والتنمية بغالبية كبيرة في البرلمان حالياً". وأضاف:"أردوغان سياسي حذق. يمكن ان تحتج المعارضة، ولكن اذا قرر انه يريد ان يكون رئيساً، كيف ستمنعه؟ لا يمكنهم ان يدبروا انقلاباً يمكن ان يثير مشكلات مخيفة لتركيا". وسبق أن أطاح الجيش بأربع حكومات ديموقراطية خلال السنوات الخمسين الماضية، آخرها عام 1997 في انقلاب لم تستخدم فيه الدبابات او المدافع، ولكن دفعته معارضة شعبية قوية لرئيس وزراء صاحب توجهات إسلامية. لكن في الأوضاع الحالية، من الصعب تصور خطوة عنيفة مماثلة. فمنذ عام 2002 قاد حزب العدالة والتنمية البلاد نحو نمو اقتصادي قوي وزيادة في الاستثمار الأجنبي وبدء محادثات الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي. يتوقع محللون ان تكثف أحزاب المعارضة هجماتها على التوجهات الإسلامية المفترضة لأردوغان وتوجيه دعاوى فساد وغيرها ضد حزبه وربما يلجأون إلى"خدع قذرة"في محاولة لعرقلة مساعيه لتولي الرئاسة. ويتفق عدد كبير من المحللين على أن أردوغان سيسعى إلى شغل منصب الرئيس حين تنتهي ولاية الرئيس العلماني الحالي أحمد نجدت سيزر في أيار مايو والتي استمرت سبع سنوات. ولا يحق لسيزر، وهو قاض سابق، اعادة ترشيح نفسه. ورفض سيزر مشاريع قوانين عدة تقدم بها حزب العدالة والتنمية. وأظهرت آخر استطلاعات للرأي ان نحو ثلثي الاتراك يعارضون تولي اردوغان الرئاسة، على رغم انه لا يزال أكثر المرشحين شعبية متقدماً على جميع المنافسين المحتملين. ويقول منتقدون ان اردوغان، وهو من عائلة متواضعة درس في مدرسة لتعليم رجال الدين الإسلامي، لا يجيد أي لغة أجنبية وانه غير محايد وحاد اللهجة، بحيث يتعذر توليه مثل هذا المنصب. كما ان زوجته ترتدي الحجاب، وهو امر يزعج العلمانيين. وقال وولفانغو بيكولي من وكالة اوراسيا لتقويم المخاطر السياسية:"نقدر فرصة خوض اردوغان انتخابات الرئاسة عند 65 في المئة". وقال هال إن عام 2007 ربما يكون أفضل فرصة أمام اردوغان لتولي الرئاسة لأن حزبه قد لا يكون أكبر احزاب البرلمان عند إجراء انتخابات الرئاسة التالية في عام 2014. ويلتزم حزب العدالة والتنمية الصمت حالياً. وقال ايغمن باغيس عضو البرلمان ومستشار اردوغان:"انتخابات الرئاسة بعد خمسة شهور. نريد تركيز طاقتنا على حكم البلاد. اذا اختار اردوغان الا يخوض الانتخابات، سيذهب المنصب لعضو آخر في الحزب ومن الاسماء المرشحة وزير الخارجية عبدالله غُل ووزير الدفاع وجدي غونول". ويقول محللون ان غُل الديبلوماسي الحصيف الذي يتحدث الانكليزية أوفر حظاً من اردوغان على رغم أن زوجته محجبة. وزوجة وزير الدفاع غير محجبة. مؤتمر النزاع الكردي على صعيد آخر، بدأ مؤتمر يضم مثقفين وجامعيين وسياسيين اعماله في انقرة أمس، ليناقش على مدى يومين وسائل حل النزاع الكردي سلمياً في تركيا. ودعا المجتمعون في بداية المؤتمر الى التخلي عن العنف الذي يمزق جنوب شرقي البلاد. حيث الغالبية الكردية، منذ 25 سنة. وأطلق الكاتب التركي الكردي يشار كمال، ضيف المؤتمر الذي عقد بعنوان"تركيا تبحث عن سلامها"، دعوة من اجل السلام تحت شعار"ديموقراطية حقيقية او لا شيء". وأسف لسقوط عشرات آلاف الاشخاص في حرب بدأت منذ انطلاق حركة التمرد التركية المسلحة بقيادة حزب العمال الكردستاني في 1984. وأكد الكاتب ان مطالب اكراد تركيا لا تزال غير مفهومة بسبب استمرار السلطات التركية في"تجاهل"المشكلة. ويهدف المؤتمر الى وضع"خريطة طريق"من اجل دفع الحكومة التركية الى التعهد بايجاد حل للقضية الكردية، بحسب المنظمين. ويتحدث في المؤتمر حوالى خمسين مثقفاً وسياسياً وصحافياً تركياً وكردياً.