وجهت السلطات الأمنية الجزائرية تحذيرات شديدة اللهجة الى المتعاملين في شبكات الهاتف"النقال"العاملة في البلاد، ودعتهم إلى"التعاون"لمواجهة تهديدات تقول انها تأتي من هواتف نقالة"مجهولة الهوية". وقال مصدر على صلة بالملف ل"الحياة"إن مصالح الأمن رصدت عدداً من الهواتف الخلوية، التي استخدمت في اعتداءات نفذتها"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، شرق العاصمة. وتبين أن شركات الهاتف النقال لم تكن لديها معلومات عن مستخدمي هذه الهواتف. وتستقطب سوق الهاتف النقال في الجزائر، عبر شركاته الثلاث، نحو 18 مليون مشترك. ويقول خبراء في الشأن الأمني ان"هواتف الموت"أصبحت الوسيلة المفضلة لدى الجماعات المسلحة في تنفيذ اعتداءاتها ضد قوات الأمن أو في الأماكن العامة، من خلال استخدامها في تقنية التفجير عن بُعد. بعدما كانت هذه الجماعات تعتمد سابقا، لتنفيذ التفجيرات، على الأسلاك أو الأشعة ما تحت الحمراء والتي لا يمكن أن يتجاوز التحكم بها بضعة أمتار. وكانت قوات الأمن الجزائري قبضت، مطلع السنة، على شاب فرنسي من أصل مغربي، وقالت انه كان في مهمة لتطوير تقنية التفجير عن بعد باستخدام الهاتف الخلوي. ويعتقد بأن عددا آخر من الأجانب تسللوا فعلا إلى الأراضي الجزائرية لتمكين المسلحين من هذه التقنية التي استخدمت للمرة الاولى نهاية العام الماضي في بلدة بومرداس 50 كلم شرق العاصمة. وسجلت مصالح الأمن تكرار الاعتداءات باستخدام الخلوي. وأفضى التحقيق الذي قامت به مصالح الأمن إلى اعتقال أحد مهندسي"الجماعة"الذين يتولون تجهيز القنابل التقليدية بهذه التقنية الجديدة. ويعتقد بأن هذا"المهندس"هو احد عناصر مجموعة تخصصت في زرع الرعب بواسطة الهواتف النقالة. وتستعمل ايضا"هواتف الموت"المجهولة الهوية في تهديد حياة المواطنين وابتزازهم بطلب فدية في عمليات الخطف، كما اظهرت التحقيقات الأمنية خلال الأسابيع الأخيرة. ويقول مسؤولون في سلطة ضبط البريد والمواصلات، وهي هيئة حكومية تتولى مراقبة نشاط شركات الهاتف النقال، ان بيع شرائح الخلوي من دون الحصول على معلومات تحدد هوية الزبائن والمشتركين الجدد أصبحت مشكلة حقيقية"تهدد أمن الاتصالات". وأحصت المديرية العامة للأمن الوطني آلاف شرائح الخليوي المستخدمة حاليا من دون أن يكون للسلطات علم بمالكيها او عناوينهم او أي عنصر من شأنه ان يتيح التوصل الى معلومات عن اي مشترك. وذكر مسؤول في سلطة الضبط ان اجتماعاً عقد اخيراً مع شركات الخليوي لحضها على التزام دفتر الشروط"بعد أن لاحظنا التداول الرهيب للبطاقات في السوق السوداء مما يعد خرقاً للقانون". وكشف أن سلطة الضبط قامت بالاتصال بمسؤولي هذه الشركات في هذا الشأن،"لكننا شددنا عليهم هذه المرة على ضرورة حماية المشتركين الذين وصلتنا منهم شكاوى، بعدما تعرضت غالبيتهم الى تهديدات واستفزازات. وشددنا أيضا على ضرورة تنظيم سوق الاتصالات، ودعونا كل متعامل الى ممارسة الرقابة ومتابعة الموزعين". وفي حملة غير مسبوقة وبسبب ضغوط أجهزة الأمن، بدأت شركات الهاتف النقال حملة كبيرة لمعرفة هوية مستخدمي الشرائح المجهولة، بهدف تقليص هامش الخطر ولحصر مستخدمي"شرائح الموت"بين الشباب الذين يحوزون على هواتف نقالة مسروقة. وتبدي مختلف شركات الهاتف النقال"تعاوناً مثالياً"مع أجهزة الأمن لتجنب تحول شبكات الهاتف الخلوي إلى تقنية جديدة في تعميم عمليات التخريب والإجرام.