وقع جنوب غرب باكستان انقلاب أو تحول قد يكون بداية نهاية عهد الرئيس الباكستاني برويز مشرف. ولا يترتب على هذا القول أن سنوات حكمه السبع السابقة كانت هادئة وهانئة، ولكن فجأة، تضافرت قوى كثيرة على إطاحته، وزاد الوضع سوءاً توسله بالجيش الى قمع الفتن المتنقلة. وهذه هي المرة الأولى، ربما، التي قد لا يحظى فيها بتأييد الجيش التام. ولطالما جمعت باكستان بين علاقة وطيدة بالانكليز والاميركيين، من جهة، وبين تحجر سياساتها الداخلية وثقافتها، من جهة أخرى. وهذه خاصية نظام مشرف. وهو لوح بعلاقته بالولايات المتحدة في وجه الاحزاب الدينية. ولكن الخطة لم تنفع. وجاءت الازمة، هذه المرة، من بلوشستان، الإقليم الجنوبي المضطرب والغني بالغاز. وشلت اعمال الشغب الطرقات التي تصل كويتا، العاصمة الاقليمية، بكراتشي وإيران، بعدما قتل الجيش الزعيم القبلي، نواب أكبر بوكتي. وأغلقت المتاجر بسبب الحصار. ويشعر سكان بلوشستان، وهم ذوو نزعة انفصالية، بمرارة شديدة. فالدولة عاملتهم، طوال عقود معاملة"هنود حمر". فصادرت خيراتهم ومواردهم. وتأزمت الحال مع ارتفاع أسعار الغاز، بينما انتعش الساحل وازدهر. ويبدو أن تعمد مشرف إرسال الجيش لقمع التظاهرات أيقظ الأحقاد. ويسطو كبار العسكريين على الموارد المحلية، ويكدسونها في جيوبهم الخاصة. ويقول مراقبون إن تلبية مطالب الاقليم البسيطة، والنزول له عن حصة من عائدات الغاز، أخف عبئاً من تكلفة القمع. فالثورة البلوشية تهدد مشرف. وهي، اليوم، أقوىتنظيماً من قبل، وقادتها مجمعون على أهداف واحدة يشتركون فيها مع معارضي مشرف الكثر. وأحبط الجيش الحملة الواسعة التي شنها على المناطق القبلية، على الحدود الافغانية، ومقاتلي طالبان، وتلبية لسياسة أميركية. ولكن الحملة هذه، ضعفت سيطرة مشرف على الجيش. وتطلب بريطانيا الى مشرف إضعاف التشدد الديني بكويتا. وهذا ليس في متناوله. وسبق أن كتب. قادة عسكريون متقاعدون، قضاة من المحكمة العليا، الى مشرف يشيرون عليه بالتنحي عن قيادة الجيش. وعلى رغم سعادة خبراء الاقتصاد بنسبة النمو الاقتصادي المحلي، البالغة ستة في المئة العام الماضي، يتضور فقراء البلاد جوعاً جراء نسبة تضخم بلغت تسعة في المئة. وانضمت الاحزاب الدينية، حليفة مشرف لبعض الوقت، إلى بقية الأحزاب التي تحاول ثنيه عن تمديد ولايته إلى ما بعد العام القادم. وأفلت رئيس وزرائه، شوكت عزيز، من تصويت على سحب الثقة. إلا أن تآمر أعداء مشرف، المنقسمين سابقاً، يتهدده أكثر من أي وقت سابق. عن برونوين مادوكس ، "تايمز" البريطانية، 31\8\2006