قررت قيادة الجيش الاسرائيلي إعادة النظر في خططها المستقبلية لسلاح المدرعات التي كانت تدرسها قبل الحرب الأخيرة في لبنان. وبحسب مصادر في قيادة القوات البرية الاسرائيلية، اظهرت التكتيكات والصواريخ المضادة للدروع التي استخدمها بفعالية ونجاح كبيرين مقاتلو"حزب الله"في جنوبلبنان، مدى الحاجة الى دبابات القتال الرئيسية على ساحة المعركة. ونقلت صحيفة"ديفنس نيوز"الدفاعية عن الجنرال الاسرائيلي بنيامين غنتز أنه قبل الحرب كانت القيادة العسكرية الاسرائيلية تدرس بجدية استبدال دبابات"ميركافا"الثقيلة تدريجا بدبابات مدولبة وخفيفة. وقال غنتز ان القيادة الاسرائيلية كانت تعتقد بأن الحروب المستقبلية ستشهد تقلصا لدور الدبابات الثقيلة لمصلحة الدبابات الخفيفة، ولذلك كانت هذه القيادة تنظر بجدية لوقف انتاج دبابات"ميركافا"خلال السنوات القليلة المقبلة. وعليه، فإن نتائج المعارك مع"حزب الله"أنقذت برنامج"ميركافا"وأحيته من جديد. اذ يعكف بعض الخبراء والقادة الاسرائيليين على دراسة سبل تحسين تدريع هذه الدبابات وتزويدها أنظمة الكترونية مضادة للصواريخ. وبحسب مصادر عسكرية مطلعة، استخدمت القوات الاسرائيلية 400 دبابة"ميركافا"في حرب لبنان الأخيرة. وتم إعطاب 22 دبابة منها بصواريخ روسية متطورة مضادة للدروع يعتقد بأنها من طراز كورنت ويثيس - ام، وتدمير خمس اخرى بشكل كامل بواسطة عبوات ناسفة. كما تضررت عشرات الدبابات، بشكل بسيط ومحدود، نتيجة اصابات مختلفة من صواريخ صغيرة. وقالت هذه المصادر إنه رغم وقوع عدد من الاصابات وسط طواقم هذه الدبابات لكن قوة تدريع ال"ميركافا"أنقذت حياة عشرات الجنود الآخرين، ما يثبت أهمية واستمرار دور دبابات القتال الرئيسية على أرض المعركة. وعزت هذه المصادر هزيمة هذه الدبابات أمام مقاتلي"حزب الله"الى"قلة الخبرة وسوء التدريب لطواقمها وغياب تكتيكات قتالية فعالة"في مواجهة حرب العصابات وقتال المدن. يشار الى أن كلفة انتاج الدبابة الواحدة من طراز"ميركافا"تصل الى حوالي مليوني دولار أميركي. ويقوم خبراء وقادة عسكريون في الدول الغربية، خصوصا أميركا، بدراسة تكتيكات مقاتلي"حزب الله"والتجربة الاسرائيلية لاستخلاص العبر وإدخال التعديلات المطلوبة على برامج تسلحهم الحالية والمستقبلية. وبحسب الخبير الأميركي المختص بالحروب البرية ستيفن زالوغا، فإن حزب الله"ابدع"باستخدام الصواريخ المضادة للدروع التي كانت في حوزته. وقال إن مقاتلي الحزب لم يستخدموا هذه الصواريخ لتدمير الدبابات فحسب بل استخدموها أيضا"كقوة دعم نارية متحركة ضد جنود المشاة الاسرائيليين"، ما أوقع عددا كبيرا من الاصابات في صفوفهم. ويقول الاستراتيجي الأميركي أنطوني كوردسمان ان صواريخ"حزب الله"المضادة للدروع كانت تطارد جنود المشاة الاسرائيليين ودبابات"ميركافا"مثل"نفير من النحل". وأضاف أن"زخات الصواريخ"كانت تطارد الجنود حتى الى منازل في جنوبلبنان كانوا يحاولون الاحتماء خلف جدرانها، الا أن الرؤوس الحربية لبعض هذه الصواريخ كانت من القوة ما مكنها من اختراق هذه الجدران واصابة الجنود خلفها. وقال إن دبابات"ميركافا"كانت غالباً ما تجد نفسها محاصرة بوابل من صواريخ مقاتلي"حزب الله"تخترق أحيانا دفاعاتها ودروعها السميكة. وأهم تكتيك دفاعي استخدمه"حزب الله"ضد جنود المشاة الاسرائيليين، بحسب زالوغا، كان"الدفاع الطبقي المتسلسل". وأوضح أن ترسانة الحزب"الضخمة"من الصواريخ المضادة للدروع مكنته من بناء طبقات من خطوط الدفاع الصاروخية بدأت بصواريخ موجهة يصل مداها حتى ثلاثة آلاف متر وصولا الى صواريخ"آر بي جي - 7"التي يصل مداها حتى 500 متر،"مما شتت صفوف المشاة وأعاق قدرة الجيش الاسرائيلي على شن هجوم بالقطاعات المسلحة كافة بشكل متناسق وفعال". وأشار كوردسمان الى أن تشتت المشاة حرم دبابات"ميركافا"من دعم وحماية الجنود الذين يقومون عادة برصد الطرق وكشف الكمائن أمام المدرعات. وتجدر الاشارة الى أن قيادات الجيوش الغربية، وتحديدا أميركا، تعمل منذ مدة على تطوير قواتها بشكل يكون فيه الاعتماد الأساسي على القوات الجوية والقوات الخاصة المدعومة بفرق مدرعات خفيفة. ويتوقع المحللون أن تعيد هذه القيادات النظر بخططها في ضوء نتائج المغامرة العسكرية الأخيرة الفاشلة لإسرائيل في لبنان. * باحث في الشؤون الاستراتيجية