توقعت وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون في تقرير مساء الجمعة ان يتحول الصراع الرئيسي في العراق من حرب ضد المسلحين الى قتال دموي متزايد بين الشيعة والسنة، ما يُعد مناخاً يمكن ان يتطور الى حرب أهلية. واكدت وزارة الدفاع ان"تجنب الحرب الاهلية ما زال ممكناً". وذكرت ان الشبكة الارهابية، التي كان يتزعمها ابو مصعب الزرقاوي،"لا تزال قادرة على رغم مقتله، على شن عمليات بفضل هيكلها القيادي المرن وشبه المستقل". وتضمن تقرير البنتاغون، الذي طلب الكونغرس اعداده، تقويماً واقعياً للوضع في العراق خلال الشهور الثلاثة الماضية. وذكر أن العدد الاجمالي للهجمات، ارتفع بنسبة 24 في المئة الى 792 هجوماً في الاسبوع، كما قفز عدد القتلى والجرحى العراقيين بنسبة 51 في المئة الى زهاء 120 عراقياً يومياً. وجاء في التقرير أن تزايد الاقتتال الطائفي بين الاقلية السنية، التي كانت تسيطر على العراق في عهد الرئيس السابق صدام حسين، والاغلبية الشيعية، التي تتزايد سلطاتها بعد عقود من الاضطهاد، اصبح يُحدد طبيعة الصراع. وقال ان"اعمال العنف الطائفية بدأت تمتد شمالاً خارج بغداد الى محافظة ديالا وكركوك الغنية بالنفط". عناصر مارقة تدربت في اميركا وذكر ان فرق الاعدام التي احيانا تكون بها"عناصر مارقة"من قوات الامن العراقية، التي تلقت تدريباً في الولاياتالمتحدة، مسؤولة الى حد كبير عن اعمال العنف الطائفي بما في ذلك عمليات قتل على غرار اساليب الاعدام. وقال ان بعض العراقيين العاديين يتطلعون الآن الى الميليشيات غير القانونية لتوفير الامن لهم واحياناً من اجل احتياجات اجتماعية ما يقوض حكومة رئيس الوزراء نور المالكي. وقال التقرير، الذي يقع في 63 صفحة، ان تمرد السنة العرب لا يزال"قوياً وقابلاً للاستمرار"على رغم ان تزايد اعمال العنف الطائفي القى بظلاله على مدى وضوح رؤيته. ويأتي نشر هذا التقرير، وهو الخامس ضمن سلسلة تقارير ربع سنوية يعدها البنتاغون، فيما يبذل الرئيس جورج بوش جهوداً مستميتة لتعزيز التأييد المتدني للرأي العام الاميركي قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس وفي الوقت الذي يصف فيه وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وديك تشيني نائب الرئيس المنتقدين للحرب في العراق بانهم"انهزاميون". وذكر التقرير ان"الظروف التي يمكن أن تؤدي الى حرب أهلية متوافرة في العراق"وأن العنف الطائفي يمتد شمالاً خارج منطقة بغداد الى محافظة ديالا وكركوك. وأضاف"لكن العنف الحالي، ليس حرباً أهلية، ويمكن الحيلولة دون التحرك الى حرب أهلية". كما ذكر أن المناخ الامني في أكثر مراحله تعقيداً منذ الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة في آذار مارس العام 2003. وقال هاري ريد، زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ، ان"التقرير يظهر ان احاديث بوش وتشيني ورامسفيلد منفصلة بصورة متزايدة عن الحقائق على الارض في العراق حتى البنتاغون يُقر بان العراق يتجه نحو حرب اهلية". واقر بيتر رودمان، مساعد وزير الدفاع لشؤون الامن الداخلي، بان"ربع العام الماضي... كان صعباً وارتفعت مستويات العنف والسمة الطائفية للعنف بشكل حاد ومثير للقلق". وقال التقرير ان متطرفين من السنة والشيعة يسعون للسيطرة على مناطق في بغداد وايجاد او حماية جيوب طائفية واهدار موارد اقتصادية وفرض برامجهم السياسية والدينية. واضاف"لكن تمرد السنة العرب لا يزال قوياً ومستمراً على رغم ان وضوحه غطى عليه العنف الطائفي المتزايد". وذكر التقرير ان بعض العراقيين اصبحوا حالياً يطلبون الحماية من متطرفين من الطائفة التي ينتمون اليها الامر الذي يقوض نفوذ الحكومة التي يرأسها نوري المالكي بعدما اصبحت الغالبية العظمى من اعمال العنف تستهدف المدنيين. وزادت الولاياتالمتحدة حجم قواتها في العراق الى 140 الف فرد وهو اكبر عدد منذ كانون الثاني يناير منهم 15 الف فرد في بغداد يحاولون الحيلولة دون تحول الصراع الى حرب اهلية شاملة. وقال الاميرال وليام سوليفان، الخبير الاستراتيجي في هيئة الاركان المشتركة، انه"يصعب القول"ما اذا كان ما يجري في العراق بالفعل حربا اهلية محدودة النطاق. مضيفاً انه لا يوجد"تعريف مقبول في كل الاحوال"يمكن القياس عليه. وكان قائد القيادة الاميركية الوسطى الذي يشرف على العمليات في العراق الجنرال جون ابي زيد ورئيس اركان الجيوش الاميركية بيتر باس صرحا في جلسة استماع في الكونغرس في بداية آب اغسطس الماضي ان العراق يمكن ان ينزلق الى حرب اهلية. وقالت زعيمة الاقلية الديموقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوتي ان"المعلومات تشير الى ان عدد الهجمات ضد الاميركيين والعراقيين اليوم اكبر من اي وقت مضى". واضافت ان"الحرب في العراق حرب خاطئة وهي حقيقة لا يمكن للبيت الابيض تغييرها بأي خطاب حماسي". وكان بوش اشار الخميس الى دروس التاريخ ليبرر رفضه القاطع لانسحاب مبكر من العراق، مؤكدا ان الولاياتالمتحدة تخوض في هذا البلد"معركة ايديولوجية حاسمة"ضد"الذين خلفوا الفاشيين والنازيين والشيوعيين". لكنه اعترف بأن آلاف العراقيين قتلوا في تموز يوليو الماضي ورفض باصرار في الوقت نفسه القول ان العراق اضحى فريسة حرب اهلية.