على رغم استقرار خريطة البرامج في غالبية القنوات التلفزيونية خلال رمضان، إلا أن المعارك الدرامية لم تنته. إذ لا تزال ردود فعل الفنانين اصحاب الاعمال المستبعدة من العرض على التلفزيون المصري تتصاعد، في وقت اصبح الحديث عن أهمية العرض على القنوات الارضية يثير الاستغراب، خصوصاً ان معظم القرى المصرية-ولن نقول المدن- تتوفر فيها أطباق استقبال الفضائيات بكثافة، وبعضها دخل"نظام الكابل"الذي يتيح مشاهدة اكبر عدد من القنوات. وقد انصبت أسئلة المبعدين عن جدوى تشكيل لجان اختيار الاعمال الجيدة، بغض النظر عن نجومية اصحابها أو وساطة الوكالات الاعلامية. وذهبت الفنانات المحجبات العائدات الى التمثيل الى حد وصف الأمر بپ"المؤامرة"عليهن، وعلى اعمالهن الفنية النظيفة ذات الاهداف الاجتماعية السامية"... وكأن الاعمال الاخرى التي اختيرت للعرض مثل"حضرة المتهم ابي" من بطولة نور الشريف و"سكة الهلالي"بطولة يحيى الفخراني، وپ"نور الصباح"بطولة ليلى علوي، تدعو الى الانحراف. والمفارقة ان زوجتي بطلي"حضرة المتهم أبي"و"سكة الهلالي"محجبتان، لذلك فإن إعطاء الامر اكبر من حجمه من جانب المحجبات العائدات الى التمثيل سهير البابلي وسهير رمزي وصابرين هو أمر غير مفهوم خصوصا أن هناك اعمالا اخرى حرمت من العرض على الشاشة المصرية مثل"احزان مريم"وپ"بنت بنوت"وپ"دعوة فرح"وپ"رجل وامرأتان"وليس اعمالهن فقط. ولعل السؤال الاساس الذي يجب أن يُطرح حول مسلسلات رمضان يتعلق بكمّ الانتاج. إذ هناك اكثر من 30 مسلسلاً مصرياً انتجت خلال السنة لتنافس على العرض الرمضاني. في حين يظل التلفزيون المصري بقناتيه الأرضية والفضائية يعرض اعمالاً من دون المستوى طوال العام. فما معنى أن يقوم اتحاد الإذاعة والتلفزيون بكل قطاعاته الانتاجية قطاع الانتاج، مدينة الانتاج الاعلامي، صوت القاهرة بإنتاج كم كبير من الاعمال لا يعرض معظمها، في حين يلجأ التلفزيون الى المسلسلات من انتاج القطاع الخاص أو تلك التي انتجت في الشراكة مع تلفزيونات اخرى؟ ثورة النجوم الفنانة سميرة احمد التي استبعد مسلسلها"دعوة فرح"عن الشاشة المصرية، تؤكد أنها لم تفهم حتى الآن سبب هذا القرار على رغم حيازته أعلى التقديرات من لجنة المشاهدة التي شكلها وزير الاعلام. وتقول:"فوجئت بترشيح المسلسل للعرض على الفضائية، وبما ان هذا الامر كان سيؤثر على تسويقه في الفضائيات الاخرى، فضلت عدم عرضه نهائياً، ولا اعرف إن كان رفضي هذا، أثر سلباً على اختيار المسلسل ليبث على القنوات الارضية أم لا؟ وتضيف:"في شكل عام هناك حال من"اللخبطة"تسود مسألة اختيار الأعمال وترشيحها للعرض، ويكفي ان تصريحات وزير الاعلام المصري انس الفقي الخاصة بعلاقة المسلسل بالإعلانات لم تنفذ. حتى انني لم أفهم لماذا اضطر التلفزيون الى شراء اعمال لم ينتجها". وفي هذا السياق يذكر أن التلفزيون المصري دفع مليوني جنيه مقابل شراء حق عرض مسلسلات"حضرة المتهم ابي"و"سكة الهلالي"و"نور الصباح"، في حين أنه كان يملك حق عرض مسلسلات اخرى مثل"دعوة فرح"و"احلام لا تنام"، خصوصاً انه شريك في انتاجها- النجمة الهام شاهين كانت الأكثر انفعالاً بين النجوم المستبعدين، فهي مثل سميرة أحمد لا تفهم سبب استبعاد مسلسلها"أحلام لا تنام"الذي حصل على تقدير امتياز من لجنة المشاهدة، وتقول:"أتمنى أن يخبرني أحد لماذا تشكل لجان ما دام رأيها في النهاية صورياً. كنت انتظر عرض المسلسل على الشاشة المصرية، كونه يحمل شكلاً ومضموناً جديدين، وقد بذلنا فيه جهداً كبيراً". وحول رد فعل المحجبات العنيف تجاه استبعاد أعمالهن، تقول إلهام شاهين:"المسألة ليس لها علاقة في الحجاب أو عدمه، وليس عليهن ان يأخذن المسألة بشكل شخصي. فمسلسلنا"أحلام لا تنام"يحمل رسائل انسانية سامية، ولا توجد فيه مشاهد استفزازية، ومع ذلك لم يعرض ايضاً على الشاشة المصرية، لكني اراهن على ان جمهوري سيبحث عني". اختيار اعمال مثل"درب الطيب"، وپ"الامام المراغي"، وپ"الجبل"وپ"على باب مصر"، اثار استياء كثيرين خصوصاً ان مسلسل على"باب مصر"لم يتم الانتهاء من تصويره بعد، في حين هناك اعمال اخرى جيدة كانت جاهزة للعرض مثل"حدائق الشيطان"من اخراج اسماعيل عبد الحفاظ وتأليف محمد صفاء عامر الذي علق قائلاً:"لا استطيع حتى الآن ايجاد تفسير لقرار الوزير باختيار هذه الاعمال واستبعاد غيرها. كما أنني غير قادر على التعاطي مع فكرة تجاهل التلفزيون لمسلسلات المخرجين الكبار وكتاب الدراما الذين صنعوا مجد الدراما المصرية". والغريب ان مسلسلنا"حدائق الشيطان"حصل على تقدير امتياز، فهل أصبحت المسألة مثل فوازير رمضان تحتاج لمن يفك شفرتها؟ أياً يكن الأمر، قررت مقاطعة التلفزيون بقطاعاته الانتاجية نهائياً. إذ لن اعمل بعد الآن سوى مع القنوات التي تحترم اسمي وتاريخي، ويكفي أن"حدائق الشيطان"حقق حتى الآن ردود فعل ايجابية". وكان رئيس مجلس ادارة شركة صوت القاهرة ابراهيم العقباوي صرح بأن تأجيل عرض بعض مسلسلات كبار النجوم يعود الى"رغبة اكيدة في توزيع الأعمال الجيدة على مدار العام، خصوصاً وان هذا الزحام لا يجعل المشاهد يشعر بقيمة الأعمال الحقيقية". لكن هذا الكلام لم يجد صدى عند اي من النجوم وصناع الأعمال المستبعدة. ويصف المخرج مجدي ابو عميرة مخرج"أحلام لا تنام"هذا الكلام بأنه"ضحك على الدقون"كما يقول المثل المصري. مؤامرة ولا تخفي الفنانة المحجبة سهير رمزي التي كانت واثقة من عرض مسلسلها"حبيب الروح"على التلفزيون المصري، أسفها وحزنها من قرار عدم عرض المسلسل، خصوصاً ان التقرير الصادر في حقه حصل على امتياز. والمؤلم بالنسبة لها ان المسلسل استبعد في اللحظات الاخيرة"لان بطلته محجبة"، وتقول:"لا أفهم لماذا يتم تجاهل المحجبات في بلدهن في حين تقدرهن المحطات الاخرى مثل"ام بي سي"وغيرها". سهير رمزي كانت اكثر توازناً في رد فعلها هذا، من الفنانة سهير البابلي صاحبة"قلب حبيبة"التي تصف عدم عرض اي مسلسل من اعمال النجمات الخمس العائدات بالحجاب بپ"المؤامرة المتعمدة"، وتضيف:"اعرف ان المسلسل سيعرض على بعض الفضائيات، ولكن كان يهمني ان يشاهده جمهور بلدي، خصوصاً"الغلابة"الذين لا يمتلكون صحناً لاقطاً". أياً يكن الامر، وبغض النظر عن ثورة المستبعدين، واحساس الفنانات المحجبات بالمؤامرة، يبدو أن المسألة اكبر من ذلك، إذ تحكم العشوائية طريقة انتاج الاعمال الدرامية المصرية، في ما يبقى السؤال حول آلية العمل في التلفزيون المصري وتشكيل لجان صورية من كبار النقاد والمثقفين يتقاضون اجوراً عنها، وهي في النهاية غير فاعلة.