لم يكن أكثر أنصار الاتحاد تشاؤماً يتوقع أن يقصى بطل آسيا المتوج مرتين متواليتين من دوري الأبطال بتلك الطريقة التي لا تليق بسمعة النادي وشعبيته العريضة, ولاتوازي امكانات الفريق الفنية والمالية, ولم أكن شخصياً أتوقع أن يرجع فرسان العميد الى جدة بخسارة رباعية أمام الكرامة السوري الذي استحق التحية. والخسارة فتحت الباب على مصراعيه لتشخيص الحال البائسة التي بات عليها"العميد"في المواسم الأخيرة، والتي منعته من تجيير الامكانات التي يمتلكها لمصلحته, تلك الحال التي وقفت من دون تحقيق انجازات توازي ثقله المحلي والقاري وأصابت جماهيره بالحيرة, ولا أعتقد أن الفوز بالبطولة العربية او الآسيوية سيصرف أنظار عشاق"العميد"عن التراجع الذي أصاب فريقهم فعلياً, خصوصاً أن الاتحاد الذي استمد قوته من السيطرة شبه المطلقة على بطولات الموسم السعودي منذ عام 1997 الى 2001 بات الآنپيقف عاجزاً أمام استعادة مكانته كبطل لأقوى دوري عربي. ومن خلال متابعتي لرد الفعل عقب مباراة الكرامة، وجدت أن الاتهامات طاولت المدرب واللاعبين والاداريين ورئيس النادي, داخل اطار الاقصاء من البطولة الآسيوية, ومن دون أن يلتفت البعض الى أن ما حدث في حمص يعتبر حلقة أخرى من مسلسل التراجع الذي عرفه الاتحاد منذ مجيء منصور البلوي الى رئاسة النادي, خصوصاً أن المواسم الاربعة الاخيرة شهدت تغييرات في المدربين واللاعبين والاداريين وبقي فيها البلوي قاسماً مشتركاً, ينسب له الفضل عند الفوز وتخلق له الأعذار عند الخسارة! وحتى نكون منصفين لابد من أن نشيد بالدور الذي لعبه البلوي في دعم خزانة ناديه بعشرات الملايين طوال السنوات الأربع الأخيرة, والعمل على التعاقد مع نخبة من اللاعبين المحليين والأجانب, فضلاً عن جلب خيرة المدربين للاشراف على الفريق, ولكن هل يكفي المال لتحقيق الانجازات؟ أعتقد أن المال وحده لا يمكن أن يفعل شيئاً في الاتحاد تحديداً, وأن من يقول إن المال يكفي لقيادة"العميد"الى منصات التتويج لا يعرف الاتحاد وخصوصيته بين الاندية السعودية, ولعل الاتحاديين يتذكرون فترة رئاسة الامير طلال بن منصور في أواخر السبعينات، التي انتهت بصرف نحو 40 مليون ريال من دون أن يحقق الفريق في مقابلها انجازاً يسجل لعهد الأمير الطيب, مع أن الاتحاد حينها كان يمتلك القدرة على منافسة عتاولة الكرة السعودية الهلال والنصر, وهو ما برهنه ابراهيم الافندي في الموسم التالي لتنحي الأمير طلال، عندما قاد الاتحاد بشيء من التدبير للفوز ببطولة الدوري المشترك في عام 1982، من دون أن ينفق"سدس"ما أنفقته الادارة السابقة. وتكرر الأمر في فترة رئاسة طلعت لامي وأحمد مسعود، وتوالت الانجازات بثلاثيات ورباعيات مستفيدين من قدراتهم الادارية, ومن موازنات مالية لم تبلغ ربع ما أنفقه البلوي على الاتحاد. إن المشكلة الحقيقية التي بات يعانيها الاتحاد تتمثل في غياب الروح الاتحادية، وانعدام لغة التفاهم بين الرئيس والاداري واللاعبين وأعضاء الشرف والجمهور, وهذه أمور لم يتعود عليها الاتحاديون, لم يكن رئيس الاتحاد يوماً فوق مستوى الانتقادات, ولم يكن اداري الفريق الآمر الناهي, ولم يكن المدرب خيال مآتة, ولم يكن أعضاء الشرف مهمشين, ولم يكن اللاعبون بلا روح, ولم يكن الجمهور مجرد متفرج, أمور كثيرة استجدت على"نادي الشعب"دفع فاتورتها الفريق في حمص، كما دفعها خلال المواسم الأخيرة في البطولات المحلية والعربية. أتوقع شخصياً أن تكشف"فضيحة حمص"الغمامة عن عيون الاتحاديين الذين بدأوا بالفعل الحديث عن أيام اتحاد طلعت لامي وأحمد مسعود والعصر الذهبي الذي بدأ ينحسر عند عهد منصور البلوي. ولعل في الأمر خيرة، لأن محبي النادي أصبحوا يدركون أن رجوع العضوين الداعم والفعال الى النادي بات ضرورة ملحة، تجعلهم مستعدين لمطالبة البلوي بالتنحي عن منصبه في حال كان وجوده سبباً في ابتعاد المؤثرين عن النادي. خصوصاً أن اتحاديين كثراً توصلوا الى قناعة بأن العمل الفردي والقرارات الارتجالية لا يمكن أن تقود الاتحاد الى الألقاب مجدداً، حتى وان انفق البلوي أضعاف ما انفقه لاثبات صحة نهجه. [email protected]