في بداية تسعينات القرن الماضي، التقطت المستقبلات الهوائية لسكان المحافظات الشمالية المغربية، والعاصمة الرباط، قناة عربية جديدة، اسمها مركز تلفزيون الشرق الأوسط، أو"أم. بي. سي". كانت يومها قناة جديدة في كل شيء، إذ تبث نشرات أخبار متتالية، وأفلاماً ومسلسلات عربية، إضافة الى نشرة اخبار ليلية شكلت - في وقتها - صرعة جديدة: أربعة صحافيين يتكفلون بتقديم الأخبار. اثنان يهتمان بالربط بين الأخبار السياسية والاجتماعية والثقافية، صحافي يجرد مستجدات الساحة الاقتصادية العربية والعالمية، ومقدم لأخبار الرياضة. ومع مرور الأيام، اعتاد المغاربة على هذا الضيف الجديد، الذي جاء ليكسر هيمنة القناة المغربية الأولى والقناة الثانية. وشيئاً فشيئاً شكلت"أم بي سي"منافسا للقنوات الإسبانية، التي كانت حينها الأكثر مشاهدة في المغرب. وهكذا أصبحت هذه القناة الجديدة على كل شفة ولسان، وراح المغاربة يحاولون التقاطها بشتى الطرق. وقد اجتهد بعضهم في ابتكار أساليب لتقوية استقبال إشارتها الأرضية، باستعمال أكياس البلاستيك تارة، أو الأواني المعدنية، وتثبيتها على الهوائيات... وهناك من أطال عمود الهوائي لأمتار فوق سطح المنزل. اليوم، وبعد 15 سنة من الحضور في المشهد الفضائي العربي، تتربع"ام بي سي"على عرش القنوات الموجهة في خدماتها العمومية الى كل البيوت العربية، معتمدة على سياسة أساسها تنوع في الفقرات والبرامج المقدمة، وشمولية، بدأتها باكراً يوم كان البث الفضائي"تيمة"لأفلام الخيال العلمي. وعلى رغم العدد الكبير من الفضائيات التي يتم استقبالها داخل المغرب، تحافظ"أم بي سي"على مكانتها، خصوصاً في الأعمال الدرامية. وسيكون ذكاء تسويقياً كبيراً، من طرف القناة، إن هي فكرت في السنوات المقبلة، في إنتاج أعمال درامية مغربية، خصوصاً مع انطلاق بث"أم بي سي المغرب العربي". وفي موازاة النجاح الذي حققته القناة الأم، نجحت باقي قنوات مجموعة"تلفزيون الشرق الاوسط""ام بي سي في استقطاب جمهور عريض في المغرب. فقناة "ام بي سي 2"لها عشاقها من محبي الأفلام الأميركية، وهم في غالبيتهم من الشباب. كما استقطبت"ام بي سي 4"محبي المسلسلات الأميركية، وهنا برزت المنافسة مع القناة الثانية المغربية، التي كانت تعرض المسلسلات الاميركية، مع ترجمة فرنسية. وبطبيعة الحال، كان سهلاً على قناة"العربية"الإخبارية التابعة كما نعرف لتلفزيون الشرق الاوسط، أن تجد داخل المغرب، جمهوراً واسعاً، لتشكل نداً ومنافساً لقناة"الجزيرة". ولعل الحقيقة التي تظل ثابتة، هي أن مجموعة"ام بي سي"جاءت في زمن الفقر في المشاهدة، لتطرح بين أيدي المشاهد المغربي خدمات ما زال يتحدث عنها، على أساس أنها كانت سابقة لأوانها، وكسرت - لصالحه - احتكاراً رسمياً لقناة وطنية يتيمة.