عاودت مدارس كردستان فتح أبوابها لطلبة العام الدراسي الجديد في الثالث عشر من الشهر الجاري، بعد انتهاء العطلة الصيفية التي دامت قرابة ثلاثة أشهر. حال التعليم في كردستان تغير ولم يعد كما كان سابقاً، وبرز الوضع الأمني والسياسي المستتب في المنطقة من اكثر أسباب ازدهاره وتعدد خياراته. في السابق، وتحديداً قبل ما يزيد عن الثلاث سنوات كان النظام الدراسي واحداً لا يختلف بالنسبة الى جميع مدارس الإقليم، وكان التلامذة والطلبة الذين يفوق عددهم حالياً في كردستان وحدها المليون، يتبعون المنهج الدراسي نفسه. أما اليوم، فتغير الوضع وأصبح بإمكان الوالدين اختيار ما يناسب ابناءهما، في ضوء تعددية المناهج: المدارس الحكومية تعتمد اللهجة الكردية في شكليها الجنوبي السوراني والشمالي الباديناني، وثمة مدارس خاصّة تدرس باللغة السريانية وأخرى بالإنكليزية، وهناك نموذج من المدارس يعتمد اللغة التركية... التغيير طرأ في ضوء تطوير التعليم بحد ذاته، ومع تطلّع الأهالي إلى الأفضل. وأصبحت خيارات كثيرة متاحة، وأصبح اختيار المدرسة يخضع لأهواء الأهالي. الوضع التعليمي في الإقليم يختلف عن غيره من المدن العراقية غير الكردستانية، ويعتقد أبو رافد تاجر أقمشة بأنه"لا يمكن الاعتماد على المناهج المقررة في المدارس الحكومية، علينا التفكير بتوفير المستقبل الأفضل لأبنائنا". أولياء الأمور لم يعودوا اذاً مقتنعين بما تقدمه المدارس الحكومية من علوم لأبنائهم، ويتطلعون إلى ما تقدمه المدارس والجامعات الخاصة التي أصبحت"موضة"في المنطقة على رغم ما تفرضه من تكاليف مالية باهظة. ويميل غالبية الأهالي إلى تسجيل أبنائهم في المدارس التي تعتمد اللغة الإنكليزية. بعد أن برز حديثاً الكثير من هذه المدارس التي تتبنى الطلبة من مرحلة رياض الأطفال وحتى تخرجهم من الثانوية، ويتم القبول فيها وفقاً لاختبارات تجرى لهم ولأولياء أمورهم. إلاّ أنّ أقساطها المرتفعة، والاقبال المتزايد عليها، جعلها حكراً على أبناء المتنفذين والمسؤولين. خمسة عشر معهداً وخمس جامعات تتوزع في كردستان على المحافظات الشمالية الثلاث اربيل ودهوك والسليمانية إضافة إلى الجامعة الأميركية في السليمانية وجامعة كردستان في اربيل، وهما من الجامعات الحديثة الإنشاء، ما يعتبر إشارة على الإقبال الكبير على الجامعات الخاصة. ويرى روند جمال طالب في الجامعة الأميركية في السليمانية ان"المعدلات يجب ان لا تكون المقياس الأول في نوعية دراستنا". ويضيف:"نعيش في ظروف خاصة ومميزة إيجابياً، وبالتالي أمامنا خيارات واسعة ومتعددة علينا الاستفادة منها". ويرى وجوب"وضع الاختصاصات التي تساير النهضة الاقتصادية، وباللغات غير المحلية في الأولويات". ويعكس عدد اللهجات التي تدُرس الظرف السياسي للإقليم وعدد الأحزاب الكردستانية العاملة على الساحة، وسعت حكومة إقليم كردستان تحديداً الى تهيئة الكوادر العلمية المحلية لبلورة التطور ودفعه في المنطقة. وللهدف نفسه تعقد وزارة التربية الكردية مؤتمرات وندوات للبحث في سبل إدخال تعديلات على المناهج والاختصاصات القديمة التي لا تخدم سوق العمل. وتعتبر الهندسة من الاختصاصات الأكثر حظاً في سوق العمل في كردستان، ويقول الخريج من كلية الهندسة فرهاد سعيد 23عاماً:"فرص العمل عديدة ومتوافرة، وتلعب دوراً إيجابياً في تحفيزنا على التخرّج سريعاً، بعد أن مرّت سنوات كنّا خلالها غير عابئين بالدراسة، اما اليوم فما علينا سوى اقتناص الفرص المتاحة".