حل بلاء جديد بنا هذه المرة، مصدره بابا الفاتيكان، الألماني الأصل، البابا بنيديكتوس السادس عشر. العالم الإسلامي غاضب منذ أيام. ورئيس مؤسسة الشؤون الدينية الرسمية بتركيا، علي برضاق أوغلو، طالب البابا بالاعتذار عن تصريحاته غير اللائقة. والأسوأ أن البابا يزور تركيا في تشرين الثاني نوفمبر. والمشكلة سببها غوص البابا في أعماق التاريخ، ونبش كتبه من دون داع، ولا سبب واضح. وموضوع علاقة الدين بالعنف أشبع بحثاً في العصور الماضية والحديثة. وخرجت الدراسات بنتيجة واحدة هي أن معظم الأديان تضم في كتبها جملاً تستحضر مصطلح العنف والشدة. ولكن ما تشترك فيه الأديان هو دعوتها الى السلام الدائم وعمل الخير. وكلامها في العنف موقت وجزئي. ويتناول البابا في اقتباسه آية لا إكراه في الدين، ولكنه يربطها بكون المسلمين، يومها، ضعفاء من دون دولة تحميهم. ونعلم ان القرآن جميعه ملزم للمسلمين في كل وقت. والبابا بنيديكتوس هو بابا الكاثوليك. ويعلم علمنا نحن بالفظائع التي اقترفها الكاثوليك في حق المسلمين واليهود بالأندلس، عام 1490، وإجبار من بقي على تغيير دينهم. ولم يكن البابا محتاجاً الى كلام إمبراطور روماني تترنح إمبراطوريته قبل أن يطويها التاريخ، يسيء الى الإسلام. فلو أنه اقتبس من المقدمة التي كتبها مارتن لوثر في القرآن، أو اقتبس من كتاب توركورم، في 1530، وكلامه في الأتراك وتحولهم الى الإسلام، فكنا رأينا ما يكفي ويزيد من حملات الحقد والكره. ولكن الغريب هو أن مقالة الإمبراطور البيزنطي جاءت عندما أدرك ان الإسلام ينتشر، وان إمبراطوريته في خطر، والى زوال. ومارتن لوثر كتب ما كتبه وهو تحت وقع الخوف من تحول أوروبا دار الإسلام، مع انتشار الفتوحات الإسلامية في ذلك الوقت. وأقوال بابا الفاتيكان تأتي اليوم والمسلمون في أضعف أحوالهم. وعليه، يقتضي السؤال: لماذا؟ لماذا ينبش البابا الحقد الدفين من الماضي، ويجبهنا به اليوم، من دون فائدة أو معنى. فلعل الباب يتهدد السلام والأمن العالميين! عن فهمي كورو ،"يني شفق"التركية، 16/9/2006