كشفت اختصاصية نفسية إكلينيكية أن «82 في المئة من الطلبة الذين يحاولون الهرب من المدرسة، يدرسون في الصفين الأول والثاني الابتدائي». وقالت الاختصاصية مها الزوري: «إن لم نتوصل إلى الأسباب، ونقف على الحلول، سيتحول الهروب إلى عادة يمارسها الطالب، حتى يصل إلى المرحلة الثانوية». وعن الأسباب، رجحت الزوري، في تصريح ل «الحياة»، أن تكون «متشعبة، إلا أنها تتصل اتصالاً مباشراً إما في البيت أو المدرسة، أو الاثنين معاً. كما يشكل الفارق في التعامل مع الطفل بين رياض الأطفال والمدرسة، سبباً رئيساً لعدم تقبله المدرسة والدراسة، فنظام المدارس يتميز بالصرامة، وضرورة تطبيق الأنظمة، ما يشكل صعوبة على الطفل في تقبلها»، لافتة إلى أن بعض الأسر «لا تلتزم في تعليم الطفل تعليماً صحيحاً، ومتابعة مستمرة، إلى ما وصل إليه من معلومات ومهارات، في مرحلة رياض الأطفال، فيتوجه إلى المدرسة وهو يعتقد أن يكون الأسلوب ذاته في هذه المرحلة الجديدة، ليفاجأ بأنه مُلزم في المذاكرة وكتابة الواجبات، مع المتابعة المستمرة. فيما يفترض أن تكون المتابعة من مرحلة الروضة». وأضافت «القسوة الزائدة، والتدليل الزائد، لهما النتائج السلبية ذاتها. وهناك من يعامل أبناءه بتذبذب بين الحالتين، والنتيجة شخصية مهزوزة وغير سوية، فيرى الطفل التدليل الزائد من قبل الوالدين، الذي لا يراه من معلميه في المدرسة، فيرفضها. أو أن يرى القسوة الزائدة، وعدم التعامل في شكل حسن من المعلمين، أو محيط الأسرة، فيفضل الهروب. وقد يكون الطفل ذكياً، وباستطاعته التفوق دراسياً. إلا أن معلميه لا يعطونه حقه من التقدير، فيشكل له ذلك عامل إحباط». وأكدت الاختصاصية، على أهمية «الوقوف على الأسباب، فإن عرفت الأسرة السبب، ستصل إلى الحل، مع التوقف عن تأنيب الطفل ولومه وإيذائه، أو إجباره على الذهاب إلى المدرسة، من دون سؤاله عن سبب عدم رغبته في الدراسة»، مؤكدة أن للطفل أسبابه، «إلا أن أسلوب الوالدين قد يمنعه من الحديث»، داعية إلى «التعاون مع المدرسة، فقد يكون السبب المباشر منها، وليس من قبل منزله وأسرته»، منبهة إلى أن «الطفل العنيد يرى أن والديه لن يلبوا له طلباته، إلا إذا التزم في الدراسة، لذا يهدد بعدم الذهاب، حتى يلبوا له ما يطلب، لأنه على ثقة بأن المدرسة نقطة الضعف لدى والديه، أو أن يكون العناد للفت الانتباه فقط، لأن أسرته لا تلتفت إليه في حال عمل شيئاً جيداً، ولا تمتدحه، فيما لو ارتكب خطأ، تلتفت له الأسرة، وتوليه انتباهها». وأشارت إلى إحدى الطرق العلاجية «الناجحة»، المتمثلة في «الإيحاء بأن له دوراً كبيراً جداً، في شقيه السلبي والإيجابي، فالكلمة بوسعها الهدم، كما بوسعها البناء، فان أوصلنا إيحاءً ايجابياً للطفل بأنه قادر على مواصلة الدراسة والنجاح، فسيكون كذلك، وإن أوصلنا له إيحاءً سلبياً بأنه فاشل؛ فهذا ما سيكون عليه»، مستشهدة في «طفلة صغيرة، كانت أسرتها تطلق عليها لقب «الدكتورة»، فرسخت هذه الفكرة في ذهنها، لذا نجحت في دراستها بتفوق، وحلمها على أن تصبح طبيبة، فتأسيس شخصية الطفل، وما سيكون عليه، لا بد أن يكون منذ الصغر، حتى لو كانت بطرق مكتوبة من قبل والديه، ويشاركهما أحلامه وطموحاته المستقبلية وخطط نجاحه. وبعض الأسر تنشد الكمال من أبنائها، ويرفضون أن تنخفض درجاتهم وعلاماتهم المدرسية، وهذا خطأ فادح تقع فيه الأسر».