موعد مباراة النصر مع الغرافة في دوري أبطال آسيا للنخبة    رائد التحدي يسقط العروبة    انترميلان يقسو على هيلاس فيرونا بخماسية في شوط    إحباط تهريب 400 كيلوغرام من القات في عسير    الطاقم الطبي يحدد موقف محترف الأهلي من مواجهة العين    ابن وريك يدشن معرض الأمراض المنقولة بالنواقل في مهرجان الدرب    5 مطارات تتصدر تقارير الأداء لشهر أكتوبر 2024    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    وزير الثقافة يلتقي مبتعثي برنامج أسس صناعة المانجا في اليابان    اتحاد الغرف يعلن تشكيل أول لجنة من نوعها لقطاع الطاقة والبتروكيماويات    يناير المقبل.. انطلاق أعمال منتدى مستقبل العقار في الرياض    ضيوف برنامج خادم الحرمين يتجولون في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف بالمدينة    ترمب يرشح سكوت بيسنت وزيراً للخزانة    الفنان المصري وائل عوني يكشف كواليس طرده من مهرجان القاهرة السينمائي    التحقيق مع مخرج مصري متهم بسرقة مجوهرات زوجة الفنان خالد يوسف    معتمر فيتنامي: أسلمت وحقق برنامج خادم الحرمين حلمي    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    مصدر أمني يؤكد استهداف قيادي في حزب الله في الغارة الإسرائيلية على بيروت    "الجامعة العربية" اجتماع طارئ لبحث التهديدات الإسرائيلية ضد العراق    بريدة: مؤتمر "قيصر" للجراحة يبحث المستجدات في جراحة الأنف والأذن والحنجرة والحوض والتأهيل بعد البتر    ضبط 19696 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مشروع العمليات الجراحية خارج أوقات العمل بمستشفى الملك سلمان يحقق إنجازات نوعية    24 نوفمبر.. قصة نجاح إنسانية برعاية سعودية    جمعية البر في جدة تنظم زيارة إلى "منشآت" لتعزيز تمكين المستفيدات    موديز ترفع تصنيف المملكة الائتماني عند "Aa3" مع نظرة مستقبلية مستقرة    وفاة الملحن محمد رحيم عن عمر 45 عاما    مصر.. القبض على «هاكر» اخترق مؤسسات وباع بياناتها !    الخليج يواجه الشارقة الإماراتي .. وعينه على اللقب الثاني في "آسيوية اليد"    حائل: دراسة مشاريع سياحية نوعية بمليار ريال    الاتحاد يتصدر ممتاز الطائرة .. والأهلي وصيفاً    بريطانيا: نتنياهو سيواجه الاعتقال إذا دخل المملكة المتحدة    "بتكوين" تصل إلى مستويات قياسية وتقترب من 100 ألف دولار    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    النسخة ال 15 من جوائز "مينا إيفي" تحتفي بأبطال فعالية التسويق    (هاتريك) هاري كين يقود بايرن ميونخ للفوز على أوجسبورج    وزير الصناعة والثروة المعدنية في لقاء بهيئة الصحفيين السعوديين بمكة    نيمار: فكرت بالاعتزال بعد إصابتي في الرباط الصليبي    القبض على (4) مخالفين في عسير لتهريبهم (80) كجم "قات"    أمير المنطقة الشرقية يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    بمشاركة 25 دولة و 500 حرفي.. افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض غدا    بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الملافظ سعد والسعادة كرم    فرصة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    المؤتمر للتوائم الملتصقة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لم يثنه "ظلام عينيه" عن السفر والتخصص والعمل . هيثم "الكفيف" يعيش وحيداً ويطهو طعامه
نشر في الحياة يوم 18 - 06 - 2013

لم يثنه الظلام الذي في عينيه عن السفر لإكمال حلمه بالتعليم والحصول على شهادة تكون بمثابة النور لعينيه. قطع آلاف الكيلومترات من سورية إلى تونس منذ سبعة أعوام لتحقيق هدفه دراسة العلاج الطبيعي فجد وجاهد في هذا السبيل لإثبات قدراته لأهله الذين حاولوا ثنيه عن رأيه، لكن عزيمته أبت الرضوخ لكلمات أمه الحنون، ولهجة والده التي كانت على رغم صرامتها دافئة ومفعمة بالعطف والحنان.
هيثم، لا كلمة معجزة تكفي لوصفه، ولا كلمة مناضل توفيه حقه لما واجهه في غربته وبُعده من أهله وبلده، مسيرة شاقة يتذكر انطلاقتها:"أتيت إلى تونس للدراسة منذ نحو سبعة أعوام، وفعلاً تسجّلت في مدرسة العلاج الطبيعي للمعوقين خاصة بالمكفوفين. وأتممت سنوات الدراسة الثلاث بتفوق على رغم صعوبة التأقلم مع الوضع الجديد". واجه هيثم مصاعب كثيرة منذ وصوله، كان عليه أن يعتاد على"تعقيدات"المواصلات، وكيفية الوصول إلى مكان دراسته والمستشفيات التي يتدرب فيها. تفاصيل تطلبت بذله مجهوداً كبيراً خصوصاً في السنة الأولى.
أقام هيثم في"استوديو"صغير في منوبة مع صديقه محمد الذي يتابع اختصاص طب التخدير في المدرسة العليا للصحة،"كان السند لي والبوصلة والمرشد والمعلم والأخ. علّمني كيف أصل إلى مدرستي، فكنت أحصي المحطات التي يتوقف عندها المترو أو الباص إلى أن أصل إلى محطة باب سعدون، لأتابع بعدها طريقي سيراً على الأقدام بمساعدة أحدهم لعبور الشارع، كما أن محمد رتب المنزل في شكل يسهل علي التنقل فيه من دون الارتطام بالأغراض".
ويوضح أحمد الخطيب، خريج المدرسة العليا للصحة في العلاج الطبيعي والذي عرف هيثم من طريق الصدفة خلال فترة التدريب في أحد المستشفيات وتدرجت العلاقة بينهما حتى قويت، انه كانت لديه تساؤلات عدة عنه: كيف يعيش؟ كيف يتدبر أموره؟ خصوصاً أنه يقطن وحده منذ أربع سنوات. ويقول:"كان هناك شيء يمنعني من سؤاله، ربما خشيتي من أن يقلق من ذلك، ترى لماذا لا يعود الى دياره بعدما أنهى دراسته، لكن الجواب جاء محيراً أكثر- الوضع هنا أحسن - صراحة لم أتفهم جوابه، فهل اعتاد على الغربة؟ ماذا بالنسبة الى عائلته؟ إلى متى هذا البُعد عنها؟".
والحقيقة ان هيثم فضّل البقاء في تونس بسبب فرصة العمل التي حصل عليها في المستشفى، مع أنها لا تدرّ عليه المال الكافي لعيشه، حتى مع عمله الإضافي إذ يزور بعض المرضى في بيوتهم لمعالجتهم هناك، ويقول:"بعد إكمالي الدراسة افتتحت عيادة خاصة، لكنها محاولة باءت بالفشل، لم أعرف السبب، هل لأنني ضرير؟ مع أنني أعمل في المستشفى. فالمدخول قليل، كما أن عملي الإضافي لا يعود علي بمردود جيد. فأنا أعمل في مستشفى حكومي، والمرضى بالتالي غير مقتدرين، ومعظم زياراتي تكون شبه مجانية، لكن هذا يريحني، فهو أفضل من أن أبقى في البيت وأشعر بالملل". وعلى رغم اعاقته، يدأب هيثم على زيارة بعض الأصدقاء، أو حتى مجالستهم في المقهى. واعتاد ارتياد هذا المكان خصوصاً في شهر رمضان،"حيث تكون اللقمة على الإفطار جميلة، وتساعد على الابتعاد عن جو الوحدة والوحشة".
كما أن تبادل أطراف الحديث بالنسبة الى هيثم يساعد على معرفة ما يدور في العالم، خصوصاً أنه لا يستطيع مطالعة الصحف أو مشاهدة التلفزيون، واعتماده على الأخبار من إذاعات المحلية ليس بالمصدر الجيد بالنسبة إليه. كما أن احاديث الشباب على حد قوله،"تفتح عيني على ما حولي، فأنا أحاول أن أكوّن صورة لكل شخص من حولي، وأن أعطي بعض الرموز في عقلي لكلمات ومفاهيم ومصطلحات يردّدها الشباب في جلساتنا".
ودعا أحمد هيثم مرات عدة الى تناول الغداء، وسرّ بطبق الملوخية الذي لم يذق مثله منذ أعوام. وسأله مرة عن كيفية تحضيره وجبات طعامه، فجاءت إجابته محزنة ومفاجئة في آن"وحدي وأحياناً الجيران". استغراب أحمد كان دافعاً لتوجيهه سؤالاً آخر"كيف؟"فأوضح هيثم أنه اعتاد على وضع الأشياء كالملح والسكر والشاي حتى الكؤوس والملاعق والطناجر في أماكن كي يحفظها، وهذا يساعده على إعداد ما يريد وقت ما يشاء.
أحمد الذي يبدي إعجابه بهيثم، يصفه بالمكافح الى أبعد الحدود، ويروي موقفاً حصل معه حين كان يوصل هيثم إلى محطة المترو كي يعود إلى منزله، اذ راح هيثم يلومه على عدم قيامه بفروض الصلاة ويحثه عليها، ويدفعه للابتعاد عن كل ما يخالف الدين. ويقول أحمد:"وقتها شعرت برغبة بالبكاء".
انه هيثم الإنسان"الكفيف"الذي يجد طريقه في الظلمة وكأنه مبصر، بينما هناك مبصرون كثر ابتعدوا عن أهلهم وتغرّبوا وضاعوا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.