مرت أمس الذكرى الأولى لموت مفجر الثورة التونسية محمد البوعزيزي. هجرت عائلته منطقة سيدي بوزيد، مهد الثورة ومسقط رأس “البطل القومي”، وانتقلت للعيش في منطقة ”المرسى” في الضاحية الغربية للعاصمة تونس، بعد أشهر من وفاة الابن وانهيار نظام بن علي. محمد.. خرج ولم يعد! تستعيد “الحاجة منوبية” أم محمد الأيام الأخيرة لفقيدها، فتقول: ”نحن سبعة في العائلة والظروف لم تسعف محمد لإكمال دراسته، كان يعمل منذ صغره ليساعدنا، كان يبيع الخضار، وكان راضياً بعمله، ويتكفل بكل احتياجاتنا حتى ذلك اليوم 17 ديسمبر 2010 الذي خرج فيه من البيت ليسترزق على طاولته ولم يعد”. وتضيف: ”اللحظة القاسية هي غياب محمد من البيت، لكنني مؤمنة بالله، فقد دخل ابني التاريخ من أجل الكرامة، نحن نفتخر به وبشعب سيدي بوزيد”. بائع خضار أم بائع مخدرات! وعن تفاصيل استقبالها للمرة الأولى من قبل الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي، الذي اضطر إلى نقل البوعزيزي إلى أرقى مستشفيات العاصمة تونس، تقول: ”عندما التقيت بن علي قال لي: يا الحاجة، لقد قمنا بنقل ابنك إلى أحسن مستشفى في تونس، ونحن مستعدون لنقله للعلاج في فرنسا، فلماذا هذه الاحتجاجات؟، قلت له: أنا حاجتي بعون التراتيب (الشرطية) التي صفعت البوعزيزي. فرد علي الرئيس: والله لا أعرف، ليس لدي معلومات عن هذا. هل كان يبيع المخدرات؟ قلت له: لا، كان يبيع الخضار ويدور بالعربة، وليس له أي مشكل مع الأمن. قال لي: أنا سأزوره الآن. وبالفعل زار الرئيس بن علي البوعزيزي في المستشفى وظهر ذلك على التلفزيون”.وتضيف الحاج منوبية: ”لكن محمد توفي بعد أسبوع من ذلك، وعندما تحدثنا إلى الطبيب الذي عالجه قال لنا إن محمد مات بسبب ”الغصة” التي كانت في قلبه، والتي تسببت له في حالة ضيق التنفس، والتقرير الطبي يؤكد أن محمد مات بسبب ”الغصة” وليس بسبب الحروق”. المال مقابل تغيير مكان الدفن وتكشف أخته ليلى أنه ”في يوم إعلان وفاته جاء عماد الطرابلسي، صهر الرئيس بن علي، إلى كبير العائلة، سالم البوعزيزي، ليعرض عليه مبلغاً كبيراً من المال مقابل أن يدفن محمد في تونس، لأنه كان يعلم أن الجنازة في سيدي بوزيد ستكون الشرارة الثانية للثورة، وبالفعل خرج الآلاف في جنازة محمد بشعار ”لن ننساك.. لن ننساك.. سوف نُبكي من أبكاك”. وقاطعتها الأخت الصغرى بسمة لتقول: ”كنت أسأل محمد متى تتزوج لأحضر عرسك، وشعرت يوم جنازته بفرح لأنني حضرت عرس أخي، لقد كانت الجنازة عرساً حقيقياً لشهيد الكرامة”. بان كي مون يسأل عن العربة وعن عربته التي أصبحت مفخرة العائلة وتونس وأثارت فضول العالم كله، أكدت شقيقة أخرى لمحمد البوعزيزي، سامية: “العربة الخشبية مازالت في بيتنا في سيدي بوزيد مخبأة للتاريخ، لم نبعها مثلما أشيع، عرضوا علينا الملايين ولم نبعها”.وتحكي والدة البوعزيزي قصة لقائها بالأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، فتقول”: ”اتصلت بي مصالح الرئاسة لتبلغني رغبة بان كي مون في لقائي، وحين التقيته في فندق ريجينا قال لي: إن كان ولدك قد توفي بالنسبة لك، فإنه بالنسبة لنا لم يمت وهو رمز للحرية في كل العالم”، قبل أن يسألها عن عربته الخشبية التي كان يبيع عليها البوعزيزي الخضار. محاولات التشويه باءت بالفشل وكشفت الحاجة منوبية عن محاولات خصوم الثورة تشويه صورة البوعزيزي والعائلة، فتقول: “لقد ادعوا أنني أقبض الأموال من الصحفيين مقابل الإدلاء بتصريحات”، لكن، تضيف، كل محاولاتهم باءت بالفشل، “لأن كل شعب سيدي بوزيد يشهد لمحمد بأنه إنسان نظيف وشريف”. وتشير أخته ليلى إلى أن ”هناك إحدى القنوات العربية حاولت أن تقوم بالصلح بين عائلة البوعزيزي وبين الشرطية فادية حمدي، لكننا رفضنا، لن نصالح ولن نسامح الظلمة”. وتستطرد ليلى، قائلة: “العائلة حصلت كغيرها من عائلات الشهداء على 20 مليون دينار، ولم نحصل على أي مبلغ مالي من أي حكومة أجنبية مثلما يشاع، ونتحدى من يقول العكس”. الذكرى الأولى لرحيل مفجر الثورة التونسية