أبدى البابا بنديكتوس السادس عشر امس أسفه الشديد لردود الفعل الغاضبة في العالم الاسلامي التي اثارتها محاضرة له في ألمانيا تطرق خلالها الى الاسلام، مؤكدا ان الاقتباس الذي أورده خلالها لا يعكس تفكيره الشخصي، لكنه لم يصل الى حد تقديم اعتذار رسمي تدعوه اليه الشخصيات والهيئات الاسلامية. واستمرت في هذا الوقت حملة التنديد بتصريحاته ودعوات الى الانتقام قد تكون أدت الى مقتل راهبة ايطالية في الصومال، وهجوم مجهولين على كنائس في الاراضي الفلسطينية. وقال البابا في توضيح، خلال عظة ألقاها في مقره الصيفي في كاستل غاندولفو بضاحية روما:"في هذه اللحظة أرغب فقط في أن أضيف بأنني آسف بشكل كبير لما سببه من ردود فعل في العالم الإسلامي مقطع قصير في محاضرتي التي ألقيتها في جامعة ريغينسبورغ. ذلك المقطع الذي أعتُبر مسيئاً لحساسية المؤمنين المسلمين، في حين انه لم يكن إلاّ استشهاداً بنص من القرون الوسطى، وهو لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن تفكيري الشخصي"، مشيراً الى ان خطابه"كان يتضمن دعوة الى حوار صريح وصادق في اجواء من الاحترام المتبادل". وفشلت المحاولات التي بذلها الفاتيكان في اليومين الاخيرين لتهدئة عاصفة الانتقادات في العالم الاسلامي. وكان سكرتير دولة الفاتيكان الكاردينال تارتشيتسيو برتوني قال في اول تصريح رسمي له ان البابا يشعر بالأسف لأن تصريحاته أسيء فهمها. في هذا الوقت، دعا المفتي العام للمملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، البابا إلى التأمل في دين الإسلام بإنصاف وتجرد، ومطالعة القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية، واعرب في تصريحات نقلتها"وكالة الانباء السعودية"عن ألمه لما تحدث به عن الإسلام،"خصوصاً أن الكلام جاء في هذا العصر الذي انتشر فيه العلم وتجلّت فيه الحقائق". واعتبر"الاخوان المسلمون"في مصر ان تصريح البابا خطوة على الطريق الصحيح ولكنه ليس اعتذارا، وقال نائب المرشد العام للجماعة محمد حبيب لوكالة"رويترز"ان تصريح البابا"خطوة جيدة على طريق الاعتذار لكنه لا يرقى الى مرتبة الاعتذار الواضح والصريح. وبناء على هذا فنحن نطالبه بإصدار اعتذار واضح وصريح يحسم أي خلط أو لبس". وفي هذا الجو المشحون، اغتال مسلحون مجهولون راهبة إيطالية في السبعين من العمر تعمل في مستشفى للاطفال في الصومال أمس. وجاءت الجريمة بعد يوم من دعوة رجل دين بارز قريب من"المحاكم الإسلامية"التي تسيطر على مقديشو إلى"الانتقام"من البابا. وأكد مصدر رفيع في"المحاكم"إن مقتل الراهبة الكاثوليكية قد يكون له صلة بالغضب الذي اثارته تصريحات البابا. وقال:"هناك احتمال كبير للغاية بأن يكون من قتلوها غاضبين من تصريحاته". واعتبر مسؤول المكتب الاعلامي في الفاتيكان الأب لومباردي مقتل الراهبة"عملاً فظيعا"، معرباً عن أمله في ان يبقى"عملاً فردياً". وهاجم مجهولون كنيستين في مدينتي طولكرم وطوباس في شمال الضفة الغربية، ما دفع السلطات الفلسطينية التي استنكرت هذا العمل الى اصدار أوامر بتعزيز الحماية للكنائس في الضفة وغزة. وهددت مجموعتا"عصائب الجهاد العراقية"و"جيش المجاهدين"العراقيتان المسلحتان في بيانين نشرا على مواقع اسلامية بالانتقام من الفاتيكان، في حين قررت وزارة الداخلية الايطالية رفع مستوى التأهب واجراءات الحماية. ورغم موجة التنديد الواسعة، اعرب الفاتيكان وانقرة امس عن تمسكهما باتمام زيارة البابا الى تركيا المقررة بين 28 و30تشرين الثاني نوفمبر. وقال وزير الخارجية التركي عبدالله غل ان الزيارة ستجري في موعدها، في حين اكد برتوني ان"لا سبب في الوقت الحالي"يدفع لإلغائها.