أعلن الفاتيكان أمس ان البابا بنديكتوس السادس عشر"يأسف"لما اعتبره إساءة تفسير تصريحاته عن الإسلام، في محاولة لاحتواء ردود الفعل الغاضبة في العالم الإسلامي. وأعربت السعودية عن"استيائها وألمها"لتصريحات البابا، داعية الكنيسة الكاثوليكية الأم إلى إصدار"ما يعبر عن حقيقة موقفها من الإسلام وتعاليمه"، واعتبر الأزهر موقف البابا دليلاً على"جهل واضح بالإسلام"، كما استدعت دول عربية وإسلامية سفراء الفاتيكان لديها لتسجيل استنكارها. وفي وقت أُعلن تشديد الإجراءات الأمنية حول المقر الصيفي للبابا في كاستلغاندولفو في ضواحي روما، حيث من المقرر ان يحيي قداس الأحد، تعرضت كنائس في الأراضي الفلسطينية والعراق لهجمات محدودة. راجع ص4 وأعلن سكرتير دولة الفاتيكان الجديد تارتشيتسيو برتوني أن البابا"آسف للغاية لكون بعض مقاطع خطابه بدت مهينة لمشاعر المؤمنين المسلمين، وفسرت بطريقة لا تتوافق اطلاقاً ونياته". وقال برتوني، في أول بيان بعد تعيينه على رأس حكومة الفاتيكان الجمعة، إن"رأي البابا المؤيد للحوار بين الديانات والثقافات لا لبس فيه اطلاقاً". وأضاف أن بنديكتوس السادس عشر"يعيد تأكيد احترامه وتقديره للمسلمين، ويأمل في أن يفهموا كلامه ضمن سياقه الصحيح حتى تصبح الشهادة بإله واحد حي حاضر، أكثر قوة فور انتهاء هذه الأوقات العصيبة". وأشار إلى أن البيان نُشر بسبب"ردود فعل المسلمين"على تصريحات البابا، مذكراً بأن"موقف البابا من الاسلام لا يقبل الشك وقد نشر في وثيقة نوسترا ايتاتي"، في إشارة إلى وثيقة صادرة من المجمع الفاتيكاني الثاني حول الكنيسة والاديان غير المسيحية. ولفت إلى أن"الكنيسة تنظر بعين الاحترام الى المسلمين الذين يعبدون الله الواحد الحي الحاضر خالق السماوات والارض الذي خاطب البشر". وأضاف أن البابا لم يقصد باقتباسه أقوال إمبراطور بيزنطي"أن ينسب هذه الاقوال الى نفسه وانما انتهزها مناسبة ليتوسع في افكار تتناول علاقة الدين بالعنف في اطار اكاديمي"، سعياً إلى التوصل إلى"خلاصة ترفض رفضاً قاطعاً وواضحاً ربط العنف بالدين مهما كانت مصادره"، بحسب البيان الذي أكد التزام البابا متابعة حوار الأديان الذي كان أطلقه سلفه يوحنا بولس الثاني. وفي الرياض، أعربت الحكومة السعودية عن"شعورها بعميق الأسف للاقتباس الذي أورده البابا عن سيرة الرسول الكريم، وما سمّاه نشر الإسلام بحد السيف، وما تضمنته المحاضرة من منطق استخدم مبرراً للحروب الصليبية التي شنت على العالم الإسلامي". وقال وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في رسالة إلى وزير خارجية الفاتيكان دومينيك مامبرتي، إن هذه التصريحات"تأتي لتعطي الصورة الخطأ لقادة هذه الأمة الإسلامية وشعوبها، في وقت تسعى الأمة جاهدة إلى فتح حوار حقيقي وفاعل بين الأديان والحضارات، وعلى رأسها الديانة المسيحية". وأوضح أن"مصدر ألمنا من الإشارات التي وردت في كلمة البابا، هو أنه لم يكن هنالك ما يبرر إقحامها في نص المحاضرة، لأنها خارجة عن السياق، وتتضمن إساءة كبيرة لمشاعر المسلمين". واعتبر شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي أن"هذه التصريحات تنم عن جهل واضح بالاسلام"، باعتبارها"تنسب إلى الاسلام ما ليس فيه، ولا تسهم على نحو بناء في تعزيز الحوار بين اديان العالم وحضاراته وثقافاته". وأعرب عن"بالغ استيائه لما نسب إلى بابا الفاتيكان من اقوال أساءت للاسلام والرسول الكريم وأثارت مشاعر الغضب لدى اكثر من بليون وثلاثمئة مليون مسلم حول العالم". وندد رأس الكنيسة القبطية المصرية البابا شنودة الثالث بتصريحات البابا، مشدداً على أنها"تخالف تعاليم المسيح". واستدعت القاهرة والرباط وبغداد سفراء الفاتيكان لديها، مسجلة اعتراضها على تصريحات البابا. ودان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح موقف البابا، مؤكداً أن اليمن"سيعيد النظر في علاقته مع الفاتيكان إذا لم يعتذر بنديكتوس عن تصريحاته". وأعرب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى عن"الاستغراب والغضب الشديدين للتعبيرات الماسة بالدين الإسلامي التي نقلت عن البابا". واستدعى المغرب سفيره لدى الفاتيكان. ووجه العاهل المغربي الملك محمد السادس رسالة"شديدة اللهجة"إلى البابا. وفي المقابل، دافعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن تصريحات البابا التي"أسيء فهمها". وقالت إن التصريحات"كانت مبادرة للحوار بين الاديان، وتحدث البابا لمصلحة هذا الحوار وهو شيء اؤيده واعتبره ملحا وضروريا. ما أكده بنديكتوس السادس عشر كان نبذاً حاسماً ومطلقاً لكل اشكال العنف باسم الدين". لكن"الإخوان المسلمين"في مصر والأردن اعتبروا الأسف غير كاف، وطالبوا باعتذار"واضح". وقال نائب المرشد العام للجماعة الدكتور محمد حبيب:"نريد اعتذاراً شخصياً. نشعر أنه أخطأ بحقنا خطأ بالغاً ولا يزول هذا الخطأ إلا بالاعتذار الشخصي. هل قدم البابا اعتذاراً شخصياً عما أصدره من تصريحات وما صدر عنه من اقتباسات واضح تمام الوضوح انه مقتنع بها؟".