من نافلة القول الاعتراف بأن استاذنا نجيب محفوظ هو الذي علمنا فن الرواية وأسس له في الثقافة العربية المعاصرة، وانه أحد قلة قليلة من كتاب العالم تعبر عن الانسانية جمعاء، بمعنى انه كاتب انساني تقرأه في جميع اللغات من دون ان تتأثر أعماله من لغة الى أخرى، وذلك لأنها أدب مشاعر وحياة وناس من لحم ودم. لكن ما أود قوله باختصار ان محفوظ أعطانا العزة نحن كتاب جيل الستينات، اقتدينا به أستاذاً ورائداً ومعلماً، وهو أعزنا، صنع لنا قيمة ومكانة، وبفضله أصبح الكاتب منا يعتز بصفة"روائي"، ثم انه جلب العزة للأدب العربي كله، فحصوله على جائزة نوبل فتح عيون العالم على الادب العربي برمته، وأزعم أننا أصبحنا مقروئين بعد فوزه بصورة مبهرة. ان فضله علينا كبير وعميم، ومجرد وجوده على قيد الحياة يكسبنا أصالته ويثبت فينا الامل والحيوية ويعطينا القوة للتجديد والتأليف لأننا نكتب في مصر نجيب محفوظ وأثناء حياته، أما أن نكتب بعد رحيله فأعتقد بأن الأمر سيختلف كثيراً وتلك هي المشكلة: فرق كبير بين أن تعيش وصوت أبيك يلاحقك وأن تعيش يتيماً!!