لم يتردد القادة الأكراد خلال زياراتهم وجولاتهم في دول العالم في طرح اقليمهم كمنطقة جذب ترحب دائماً بالمستثمرين الأجانب والعرب. هذا ما أكده رئيس الإقليم مسعود البارزاني خلال زيارته للكويت قبل حوالى شهرين، واجتماعه مع غرفة التجارة الكويتية ورجال الأعمال الكويتيين وتشجيع قدومهم الى الإقليم. والشيء نفسه جاء على لسان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في زيارته الأخيرة إلى تركيا وتأكيده الانفتاح والانتعاش الاقتصادي الذي يعيشه الإقليم، مشجعاً شركات تركية على الإستثمار فيه. والحقيقة ان المستثمرين كثراً من مختلف الجنسيات بدأوا يتجهون للعمل في كردستان للحصول على فرص استثمارية في المشاريع التي تنفذ في مدن الإقليم. وجاء قانون الاستثمار الكردستاني الأخير ليعزز رغبة الحكومة الكردية في منح مزيد من التسهيلات والامتيازات لمصلحة المستثمر الأجنبي، على رغم النقاشات التي دارت حول بعض بنود القانون من جانب البرلمانيين الأكراد في ما يخص حق المستثمر في استملاكه الأرض التي يقيم مشروعه عليها وتحويل أرباحه ورأسماله إلى خارج الإقليم، والإعفاءات الضريبية التي منحها القانون للمستثمرين المستوردين للآليات والمكائن المستخدمة في المشاريع. القوى السياسية في بغداد تنظر الى الانفتاح الذي يشهده الإقليم نظرة ارتياح، الا ان بعضهم يصف ذلك بأنه ارتياح مشوب بالحذر والخوف من ناحية استثمار الأكراد لخزين النفط الموجود في اقليمهم، كما يرون ذلك بداية لاستقلال كردستان وانفصالها عن العراق. وعلى رغم تحفظ الحكومة الكردية بخصوص الحديث عن مشاريعها النفطية وخطتها في ذلك، الا ان مستثمرين أجانب كثراً يتجهون الى كردستان بهدف الاستفادة من الاستثمارات النفطية في منطقة موعودة بالنفط وخالية من العنف. وسمحت الحكومة الكردية لعدد من الشركات النفطية النروجية والكندية بالتنقيب عن النفط. وباشرت شركة"دي ان او"النروجية التنقيب منذ عام 2004. وأعلنت الشهر الماضي وجود اكثر من مئة مليون برميل نفط في كشفها الاول الذي اجرته على اول بئر نفطي قامت بحفره في قضاء زاخو، 60 كلم شمال مدينة دهوك التابع لها ادارياً، ما أثار مخاوف الحكومة في بغداد. وبدأت اصوات الاستياء ترتفع ضد الحكومة الكردية لمنحها الشركات الاجنبية اجازة الاستثمار النفطي من دون علم وزارة النفط العراقية. وصرح وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني ان"ابرام اي عقد بخصوص النفط امر يخص وزارة النفط العراقية"ودعا الى"اجراء تعديلات على بنود الدستور التي تخول السلطات الاقليمية والمركزية حق استثمار الموارد النفطية والطبيعية". وتولي الحكومة الكردية الاستثمارات النفطية اهمية بالغة، لذا لم تخضعها لقانون الاستثمار الكردستاني لما فيه من تسهيلات كثيرة لا يمكن منحها للمستثمر في مجالات النفط والصناعات الاستراتيجية، ناهيك عن خصوصيات الصناعة النفطية ومتطلباتها. كما انها اشترطت في قانون الاستثمار عدم منح المستثمر حق ملكية الارض المقام عليها المشروع للمستثمر في حال وجود نفط فيها، وجعلت اعطاء الموافقات بخصوص المشاريع النفطية من حق البرلمان الكردستاني وحده. وهناك حاليا مشاريع نفطية في منطقة شيواشوك وكويسنجق وزاخو والسليمانية تقوم بتنفيذها شركات نروجية وكندية في اقليم كردستان. وكان الشهرستاني اعلن في وقت سابق عن بناء اول وأكبر مصفاة نفط في منطقة كويسنجق بطاقة انتاجية تزيد عن الطاقة الحقيقة للاقليم ضمن خطة"الاكتفاء الذاتي"التي تنتهجها وزارة النفط العراقية بشان توفير المحروقات. ويرى الاكراد من جهتهم ان كل المشاريع المنفذة في الإقليم لا تخرج عما نص عليه الدستور العراقي الذي ينص على حق الاقاليم باستثمار مواردها الطبيعية والنفطية على ان تدخل ضمن النتاج الوطني.