تحاول عصابة اسرائيل في الولاياتالمتحدة تغطية السموات بالقبوات، كما نقول في لبنان، بعد أن غطت اسرائيل سماء لبنان بالقنابل الأميركية وقتلت ودمرت وشردت. والعصابة تنقل التهمة من اسرائيل الى ضحاياها بوقاحة أعجز عن وصفها فلا أحاول، وانما أقدم أمثلة على انحطاط الفكر الذي يغذي الإرهاب الإسرائيلي. كلوديا روزيت غير معروفة في بلادنا إلا انها نبّاحة مشهورة في الولاياتالمتحدة، ومن النوع"الجعاري"لا"البودل"أو ذلك الكلب الفرنسي المدلل الذي يوصف عادة توني بلير به في معرض الإشارة الى علاقته بجورج بوش. في"ناشونال ريفيو"المتطرفة كتبت روزيت مقالاً يقترح مشروع قرار بديلاً من القرار 1701 الذي لم تر فيه سوى فرصة لحزب الله لإعادة تنظيم صفوفه، ولسورية وايران، لمحاولة اخضاع لبنان لهما. هي زعمت ان اسرائيل انسحبت من جميع الاراضي اللبنانية عام 2000، من دون أن تقول انها انسحبت منهزمة، كما هزمت هذه المرة ومن دون أن تشير مجرد اشارة الى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. قرارها المقترح يقول إن مجلس الأمن إذ يعرب عن فزعه لأن"حزب الله"في السنوات الثلاث والعشرين الماضية بنى نفسه كأكبر جماعة ارهابية بربرية، وأقول إنه وصف ينطبق تماماً على اسرائيل لا ضحاياها. وإذ يؤكد أن"حزب الله"من صنع ايران وبتشجيع من سورية، وأقول ان اسرائيل صنعت"حزب الله"فلولا جرائمها واحتلالها ما كان هناك حاجة الى المقاومة. وإذ يؤكد أن"الوضع في الشرق الأوسط"هو انتهاك لقرارات دولية لا تحصى ولميثاق الأممالمتحدة، وأقول إن اسرائيل أكبر منتهك لهذه القرارات التي كانت ستكون مضاعفة لولا الفيتو الأميركي. وإذ يقترح أن يوقف فؤاد السنيورة الشكوى والتحسر وإدانة اسرائيل، ويوجهها الى"حزب الله"، وأقول إن فؤاد السنيورة صديق ووطني لبناني وعربي، ويعرف العدو جيداً. والحيثيات طويلة تخلص منها الآنسة بدعوة مجلس الأمن، العالم الى تشكيل قوة تقلب النظام في سورية وايران، ثم تكمل بكوريا الشمالية. لماذا لا تقلب هذه القوة حكومة اسرائيل الإرهابية النازية قبل أن يجف دم الاطفال من ضحاياها؟ عصابة اسرائيل شريكة في كل جريمة اسرائيلية بالتحريض عليها والدفاع عنها. جيريمي رابكن في مقال نشرته"ويكلي ستاندارد"بوق المحافظين الجدد، يزايد في الوقاحة على كلوديا روزيت، لكن من زاوية أخرى، فبعدما قال العالم كله إن رد اسرائيل على خطف الجنديين كان غير متوازٍ، بمعنى أنه مبالغ فيه، طلع رابكن بنظرية تقول إن انتقاد اسرائيل مبالغ فيه، وهكذا فالجرائم مقبولة، ولكن انتقادها بالكلام مبالغة. المقال يستحق أن يدرس في كليات الصحافة كمثل في البروباغندا السوداء، فهو يستشهد في تأييد نظريته بمحام عسكري لا يسميه، ثم يعارض موقف لويز اربور، مفوضة حقوق الانسان في الأممالمتحدة التي لمحت الى ارتكاب اسرائيل جرائم حرب، كما يعارض ادانة مجلس حقوق الانسان في سنته الاولى اسرائيل بعد ان دانتها لجنة حقوق الانسان طوال سنوات وجودها، بل انه يحتج على بروتوكول مواثيق جنيف لسنة 1977 وقانون محكمة جرائم الحرب الدولية لسنة 1998 لانها كلها تدين اسرائيل. بكلام آخر، هذا السفيه يعتقد بأنه يفهم أكثر من دول العالم ومن مواثيق عالمية في دفاعه عن اسرائيل. وإذا كان عند القارئ مثل أوضح على"خوتزباه"فأنا أود سماعه. واكمل بأمثلة أخرى: - ديفيد ماكوفسكي، وهو اعتذاري اسرائيلي معروف من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، كتب مفسراً المواجهة كلها بين اسرائيل و"حزب الله"بخطاب للسيد حسن نصرالله في أيار مايو 2000 بعد الانسحاب الاسرائيلي، بل إنه يقول إن الخطاب هذا أطلق الانتفاضة الثانية في الأراضي الفلسطينية. وهكذا فالمشكلة ليست الاحتلال المستمر وجرائم اسرائيل، وانما خطاب لسماحة السيد في أيار قبل ست سنوات. - كليفورد ماي في"ناشونال ريفيو"كرر زعماً قرأته مرة بعد مرة هو ان"حزب الله"يطلق صواريخه على اسرائيل من مناطق مدنية مكتظة بالناس، في محاولة مكشوفة لتبرير قتل اسرائيل المدنيين. وهكذا فالعصابة تحاول اقناع العالم بأن مقاتلاً من"حزب الله"يختار أن يطلق الصاروخ من وسط أسرته، والدته وزوجته وأولاده، ويضحي بهم، ولا يحاول اطلاق الصاروخ من أرض خلاء حيث مجال الحركة والمناورة أوسع كثيراً. وضاق المجال كما توقعت فوقاحة العصابة تفوق الحصر، وأحاول أن أختصر فالاعتذاري الإسرائيلي ماكس بوت هاجم مجموعة من أبرز الشخصيات السياسية والفكرية البريطانية لأنها وجهت رسالة الى توني بلير تحثه على طلب وقف اطلاق النار فوراً، وكان مثله في الوقاحة المتطرف مايكل ليدين الذي هاجم مطبوعات"رولنغ ستون"و"فانيتي فير"و"نيويوركر"و"ماذر جونز"لمجرد محاولتها الاعتدال، فكان بذلك مثل بوت وجيرمي رابكن والذين يحاولون تخطئة العالم كله وتعديل مواثيقه دفاعاً عن اسرائيل. وأخيراً هناك دانيال بايبس، عدو العرب والمسلمين الذي كتب مقالاً بعنوان"حملوا سورية المسؤولية"طالب فيه بمهاجمتها. لا أجد ما أغيظ به العصابة سوى القول لهم إن"حزب الله"هزم اسرائيل مرة ثانية، فهذا ثابت آخر يضاف الى ثوابت قائمة عن المعتدي والضحية.