على أثر زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تركيا، يتساءل الأتراك عن أسباب هذه الزيارة بعد انقطاع 40 عاماً عن زيارة بلادهم. ويوحي توقيت هذه الزيارة بعدد من السيناريوات السياسية. ووصف وزير الخارجية السعودي العلاقة مع تركيا بپ"الشراكة الاستراتيجية". ويدور الكلام في العالم العربي على سعي دول الخليج الى دور تركي يضاهي صعود نفوذ النظام الايراني. فطهران تعزز نفوذها بالشرق الاوسط، وتتوسل دالتها على الشيعة لخدمة مصالحها. وهذه المساعي تواقة الى عودة عقارب الساعة الى الوراء، وتصدي الدولة العثمانية مرة أخرى للدولة الصفوية وطموحاتها التوسعية. والحق أن هذا السيناريو، وهو يفترض أن الشرق الاوسط الجديد يولد على حساب حياة الابرياء بلبنان والشرق الاوسط ودموعهم، يحدد دور تركيا من دون استشارتها وفي غفلة منها. والحق أن تركيا والسعودية متفقتان اتفاقاً لا يشوبه اختلاف على عدد من المسائل، بحسب مصادر الخارجية التركية. والموقف السعودي - التركي من القضية العراقية هو خير دليل على هذا التوافق. فتركيا والسعودية، وهما حريصتان على وحدة الأراضي العراقية، قلقتان من وضع الشيعة بجنوب العراق والأكراد بشماله. وعلى رغم هذه الهموم المشتركة، يختلف الموقف التركي عن نظيره السعودي من إيران في بعض الجوانب. فلا خلاف دينياً أو مذهبياً بين تركياوإيران، ولا تنافس بينهما على تصدير النفط والتحكم في اسعاره. والعلاقات الايرانية - التركية جيدة اليوم، على خلاف ما كانت عليه قبل أعوام. والحق أن تباين المواقف التركية - السعودية من ايران لا يحول دون تحذير ايران من مغبة سياساتها بالشرق الاوسط. فهذه السياسات تغذي الاضطراب والتوتر، وتهدد السلام والاستقرار. ولعل الاجماع السعودي - التركي حمل الايرانيين على المسارعة الى ارسال وزير الخارجية منوشهر متقي الى اسطنبول فور مغادرة الملك عبدالله. فإيران تابعت زيارة الملك عن كثب، وأقلقها التنسيق السياسي بين المملكة السعودية وتركيا. ولا شك في أن زيارة العاهل السعودي الى تركيا أثلجت صدر الادارة الدولية. وعلى غرابة مزاعمي، قد يرضي هذا التقارب قوى أخرى. وهذه هي حال الشرق الاوسط وموازناته السياسية المتشابكة والملتبسة الى حد اختلاط الحابل بالنابل. عن سميح أدز، "مللييت" التركية، 14\8\2006