هم يقتلون العرب والمسلمين ... واليهود. من هم؟ هم الغرب المسيحي الذي ليس فيه من المسيحية شيء. كنت بدأت هذه الزاوية بسطور تقول اننا منذ 25 حزيران يونيو، وخصوصاً منذ 12 تموز يوليو، لم نرَ يوم خير واحداً من فلسطين الى لبنان، وحتى العراق، وكل بلد. كتبت بمزيج من الغضب والحزن خشيت أن يؤثر في موضوعية الكلام، ثم توقفت وقد وجدت ان طلبي الموضوعية يطغى على طلب الحقيقة، وقد يخفي بعضها. ليس الأمر 25 حزيران، أو 12 تموز. هم يقتلون العرب والمسلمين واليهود منذ ألف سنة. هل أبدأ مع الحملة الصليبية الأولى سنة 1095 ميلادية، عندما سالت الدماء في القدس، وهي عادة تترقرق بفضل ما ارتكب الغزاة الأوروبيون؟ أو أكمل بالحملة الصليبية الثالثة، التي لم تستطع الوصول الى بلادنا فتحول"المسيحيون"الى القسطنطينية المسيحية، وقتلوا وخربوا، والى درجة من الوحشية، ان اليونان المسيحية لم تغفر حتى اليوم، ولا تزال تطالب الفاتيكان باعتذار عما ارتكب الصليبيون من جرائم بحق مسيحيي الشرق. كانت الحملات الصليبية من الوحشية ان المسيحيين العرب حاربوا في صفوف صلاح الدين ضد الغزاة، ولو قام صلاح دين جديد لكانوا معه مرة أخرى. قرون الظلام تلك تبعها عصر النهضة، وبنى الغرب المسيحي على ما أسس المسلمون يساعدهم مسيحيو سورية ويهود الأندلس، ولم يعد الغرب الينا بمثل ما أعطيناه، وانما عاد بالاستعمار، بريطانياً وفرنسيّاً، وأيضاً ايطاليّاً وهولندياً وغير ذلك. لا أحتاج الى مراجعة تاريخ الاستعمار قديماً وحديثاً مع قارئي. هو يعرف عن المجازر كبيرها وصغيرها، من دنشواي الى المليون شهيد في الجزائر. وسط هذا التاريخ الدموي، وقبله منذ نزول الوحي وانتشار الإسلام، عاش اليهود والمسيحيون مع المسلمين كذميين، ولم تكن حقوقهم كاملة، الا انهم لم يقتلوا، بل كانت عصور ازدهروا فيها، والى درجة ان يفروا مع المسلمين بعد سقوط الأندلس هرباً من بطش إسبانيا المسيحية، والذين فروا جنوباً معنا حافظوا على دينهم، أما الذين فروا شمالاً فمارسوا التقية على طريقتهم، وادعوا انهم مسيحيون بين المسيحيين، ويهود في بيوتهم، حتى مضت أجيال وأضاعوا دينهم. ولم يأت الهولوكوست، أو المحرقة النازية، من فراغ، فهناك قرون من اضطهاد اليهود بقيادة الكنيسة المسيحية في كل بلد غربي، وليس في المانيا وحدها، وهناك تاريخ مكتوب لمذابح محدودة تعرض لها اليهود في كل بلد أوروبي، خصوصاً روسيا. وكان ما كان وقتل النازيون ستة ملايين يهودي في أفران الغاز، فيما الغرب يعرف ويتفرج، فهناك الآن أدلة كافية على أن أميركا وبريطانيا كانتا تعرفان ان هتلر بدأ"الحل النهائي"لليهود، وسكتتا. كانت مجزرة غير مسبوقة في التاريخ البشري، الا انها لم تتوقف عند القتل. فالغرب المسيحي قتل اليهود، ثم رفض أن يبقوا عنده ليذكروه بجريمته، فكان أن أرسلوا اليهود الناجين الى فلسطين عمداً ليقيموا غرباء وسط شعوب لا تريدهم، وليقتتل اليهود والعرب والمسلمون، كما يريد الغرب المسيحي تماماً، فيرتاح من هؤلاء وهؤلاء. واسألوا الروائي الإسرائيلي أموس أوز والكاتب الأميركي ريتشارد كوهن رأيهما. والاستعمار البريطاني والفرنسي خلّفه الاستعمار الأميركي، ورأينا سباقاً للاعتراف بإسرائيل. وبما أن اليهود أقلية، فقد تبنت أميركا الدولة الجديدة وزودتها بأحدث أسلحة القتل لتضمن توازناً مع الأكثرية العددية العربية، ولا يزال القتل المتبادل مستمراً منذ حرب 1947 - 1948، وحتى الحرب السادسة الحالية وكل حرب بينهما، والضحايا دائماً عرب ومسلمون ويهود والسلاح دائماً غربي. في لبنان اليوم الطائرات المقاتلة أميركية، وطائرات الهليكوبتر كذلك، ومثلها قنابل الليزر الذكية، وقد طلب الدجال شمعون بيريز ثمن الحرب من أميركا لأن إسرائيل تقاتل لها وفي سبيل أهدافها. الولاياتالمتحدة تستهلك 25 في المئة من النفط العالمي، وپ70 في المئة من مخزون النفط العالمي هذا عند المسلمين، ولا سبيل لضمان إمداداته من دون سيطرة على المنطقة عبر إسرائيل، حتى لو قتل اليهود مع العرب والمسلمين في سبيل السيّارة الأميركية. كل رئيس أميركي عمل لخدمة هذه السياسة مستفيداً من المتطرفين والإرهابيين بين اليهود وبيننا الذين يبررون وجود بعضهم بعضاً، وينفذون سياسة أميركية إمبريالية بأرواح أهلهم. كانت هناك دائماً فرصة للسلام، في 1948 وبعد 1967 وپ1973 وپ1982 ومدريد وأوسلو وغيرها، الا ان السلام لا يناسب غرض الإمبريالية الأميركية، بل يناسبها أن يقتل المسلمون واليهود أحدهم الآخر بغباء مطلق مطبق، فنحن نعتقد اننا نستطيع ان نهزم إسرائيل، مع ان هذه هي ذراع أميركية بأرواح يهودية، وإسرائيل تعتقد انها ستنجح في غزوها الثامن لبنان، وقد فشل كل غزو سابق. الشرق الأوسط لن يعرف السلام حتى يتحد العرب والمسلمون واليهود ضد الإمبريالية الأميركية وريثة الاستعمار الأوروبي والغرب"المسيحي".