الموتى يرفضون دفنهم قبل أن تؤخذ لهم صورة جماعية يستعيدون فيها اللحظة التي سبقت القصف ... يطلبون استعادة أطرافهم التي طارت بعيداً يطلبون رفع الأحجار عن الأجساد ونفض الغبار عن الوجوه ثم يلتفون حول المصور لمساعدته في بناء المشهد الأخير المشهد الذي بدونه لا يكون القصف قد حدث! يذكّرون أنفسهم ويصفون للمصور مَن كان بجوار مَن مَن كان قادماً من المطبخ بالعشاء القليل مَن كان ينظف الجرح لشيخ يئن غارساً أسنانه في طرف الجلباب. خذني قليلاً إلى جوار الحائط فقد كنت هناك أهدئ من روع الطفلة وأنا كنت واقفاً أوزع الماء الشحيح كيف تمكنني من الوقوف في الصورة وساقاي مبتورتان؟! أزيلوا هذا التراب لتظهر الزجاجات الفارغة من الماء والحليب، لتظهر علب الأدوية المنتهية الصلاحية وطاقم أسنان الجدة ونظارة طفل في الثامنة فقد النطق من غارة سابقة. كان القصف يقترب كان الموت خلف الباب وكنت أحدق في الأكرة غائصاً برأسي بين كتفيّ أنتظر يده السوداء هذا الطفل لم يكن هنا يا إلهي.. كيف طار كل هذه المسافة ضعه هناك على فخذيّ أمه تحت الشباك. لا تظهر البلل الذي أصاب البعض لحظة القصف لا مانع من الدموع والدماء لا مانع من أن تمسك الأمهات أذرع أطفال طاروا وغادروا المكان لكن كن كريماً ولا تظهر البلل. ... والآن أرنا الصورة لا بأس. لا. لا. إنها خالية من الصوت نعم، أين الصراخ والبكاء والضراعة والأنين؟ أين الجلبة؟ أين الإنفجار؟! لا. لا، حاول مرة أخرى.