أصبح للعرب"بيت"في اسبانيا بعدما كانت كل الاندلس لهم. الفكرة انبثقت قبل بضع سنوات في أثناء اجتماع بين سفير فلسطين آنذاك في مدريد نبيل معروف ووزيرة الخارجية الاسبانية آنا بالاثيو ليكون على غرار"بيت أميركا"في مدريد و"بيت آسيا"في برشلونة، وتبنى الفكرة مجلس السفراء العرب لكن الظروف السياسية الدولية والحرب على العراق دفعت الى تأجيل تنفيذ المشروع، الى أن جاء صديق العرب، ميغال انخيل موراتينوس وزيراً للخارجية فاستعاد المبادرة وأضاف عليها انشاء"معهد دولي للدراسات العربية والعالم الاسلامي"في قرطبة الاندلسية. نضجت الفكرة وقرر الاسبان الإقدام على هذه الخطوة فوقّع موراتينوس على محضر تأسيس"البيت"و"المعهد"بمشاركة وحضور الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ورئيس حكومة الاندلس الاقليمية مانويل تشافيس ووزيرة الدولة لشؤون التعاون لايري باخين، ورئيسي بلدية مدريد وقرطبة ومستشار الثقافة في حكومة مدريد الاقليمية، حيث أجمع المشاركون خلال حفل التوقيع على أهمية الروابط بين الاسبان والعرب وتاريخهم المشترك و"ضرورة فتح طرق حوار جديدة خاصة"، واعتبار الثقافة عاملاً مهماً لتقريب الشعوب الى بعضها البعض".ولم يمر الاحتفال من دون ذكر مبادرة"تحالف الحضارات"التي أطلقها رئيس الحكومة الاسبانية خوسيه لويس رودريغيث ثاباتيرو، ففعل ذلك عمرو موسى، فيما قال موراتينوس:"لن نحتفل بتأسيس البيت العربي الذي نأمل أن يكون مركز لقاء للتعرف على العالم العربي، من دون أن نعبر عن مشاعرنا الممزقة تجاه المأساة والاحباط واليأس التي يعيشها أشقاؤنا الفلسطينيون". وقاطعه الحضور بالتصفيق، فاستدرك قائلاً:"لا ألقي المسؤولية على طرف بل على الطرفين". مضيفاً أن اسبانيا ستنشئ"بيت سيفاراد"سيفارديم"ليتحمس الاصدقاء الاسرائيليون والفلسطينيون للنظر الى المرآة في البيتين...". أما وقد تأسس"البيت العربي"في مدريد و"المعهد الدولي للدراسات العربية والعالم الاسلامي"في قرطبة برأسمال قدره عشرة ملايين يورو تدفع الخارجية الاسبانية 60 في المئة منه، يبقى أمام الاسبان خطوات التنفيذ، وهنا تكمن الصعوبة لأنهم يحبون اطلاق الشعارات ولو كانت مستعارة، مثل أفكار طه حسين لمد الجسور بين الحضارات، لكن ذلك يبقى في الواقع مجرد"دعاية"، فالبداية ستكون بتعيين مسؤول عن هاتين المؤسستين وهو مسألة اساسية لحسن تشغيلهما. فعلى رغم حضور جميع السفراء العرب وسفيرة فنلندا التي ترأس بلادها الاتحاد الأوروبي ومعاوني وزير الخارجية، إلا أن المقاعد الشاغرة في قاعة الاحتفال عكست درجة الاهتمام بهذا الحدث. فلدى اسبانيا آليات مهمة لتحقيق أفكار ومبادئ طرحها معظم المسؤولين في حفل التوقيع، الا انهم لا يستغلونها، فهناك مثلاً اذاعة باللغة العربية موجهة الى العالم العربي تأسست قبل أكثر من خمسين سنة، ستصبح نصف ما هي عليه خلال شهور قليلة، في الوقت الذي يتغنى المسؤولون الاسبان بشعارات يسهل تطبيقها بآليات مماثلة. والأمل هو ألا يكون مصير"البيت العربي"في المستقبل مثل مصير الاذاعة!