ما إن انتهى المذيع أحمد زكي، من تقديم فقرته في برنامج"فلسطين هذا الصباح"، عبر تلفزيون فلسطين، حتى قادت وسائل الإعلام الإسرائيلية، المكتوبة منها والمرئية، حملة ضد هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية، تتهمها فيه بالعودة إلى التحريض، ما أجبر القائمين على التلفزيون على توجيه رسالة إلى المذيعين، بضرورة"توخي الدقة والمهنية في استخدام المصطلحات، عبر البرامج التي يقدمونها". وكان زكي شبّه جرائم قوات الاحتلال بما اقترفه الجيش"النازي"و"الفاشي"من جرائم بحق الإنسانية، إذ قال:"طيران إيهودا"هتلر"يقصف محطة كهرباء غزة، وجنود عمير"موسوليني"يخطفون الوزراء والنواب"، ما أثار حفيظة الإسرائيليين، حيث سارعت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، مساء الجمعة، أي في اليوم التالي للعبارات الغاضبة التي أطلقها المذيع الفلسطيني، إلى بث التصريح أكثر من مرة عبر قناتها، في حين استضافت خبراء ومحللين سياسيين وإعلاميين، للتعليق عليها... وفي الوقت الذي وجد البعض أن ما صدر من كلمات عن زكي لا يستحق التوقف عنده، وصفها آخرون بالخطيرة، مشددين على أنها مستقاة من تصريحات مماثلة للحاج أمين الحسيني، مطلع القرن الماضي. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي عدد أخير من"معاريف"أفادت الصحيفة الإسرائيلية أنه"وبعد توقف ثلاث سنوات، عاد التلفزيون الفلسطيني في غزة لتشجيع الأطفال على أن يصبحوا شهداء، عبر حملة يقودها ممثل يتنكر بلباس الطفل محمد الدرة، متحولاً إلى رمز النضال الفلسطيني، حيث يقدم التلفزيون وعداً للأولاد بالذهاب إلى جنة عدن". وأضافت الصحيفة الإسرائيلية:"الفيديو كليب الذي يبثه التلفزيون مرات عدة يومياً في الفترة الأخيرة، يبدأ بقول الدرة:"أنا ألوح لكم بيدي لأودعكم ولأقول لكم اتبعوني"، وفي الفيلم نرى الطفل الدرة يلهو بسعادة في الجنة ويمشي على شواطئها، يطير طيارة ورقية، ويركض نحو ألعاب كثيرة"، مشيرة إلى أن الفيلم كان يبث أصلاً بين 2000 و2003، وجرى إيقافه بعد احتجاجات دولية. ونقلت"معاريف"عن ايتمار ماركوس، مدير وكالة"نظرة على الاعلام الفلسطيني"، والذي يتابع تطورات بث التلفزيون الفلسطيني، وما ينشر في الصحافة، قوله إن في بث"كليب محمد الدرة، إشارة واضحة تدلل على أن الحكومة الفلسطينية تجدد التكتيك العسكري الحربي لها، إذ ترسل الأطفال إلى خطوط النار كدرع واقٍ بشري، لإعاقة عمل الجيش الإسرائيلي"، ما نفاه باسم أبو سمية، رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية، بقوله:"بث الفيديو المذكور، لم يأت على أساس قصدي، وإنما هذه المواد الأرشيفية، تستخدم أحياناً للتدليل على فترة محددة من عمر المنطقة". وأشار أبو سمية إلى أن تلفزيون فلسطين الذي تعرض للقصف والتدمير الإسرائيلي أكثر من مرة، لا يمارس التحريض، إنما يعاني من التحريض ضده، كما يعاني من منع طواقمه من الحركة، علاوة على ما تعرض له أرشيفه وأجهزته وهوائياته، من تحطيم وقصف في أكثر من استهداف عدواني ضده. ويرفض المذيع أحمد زكي اتهامات التحريض، ويقول:"الأوصاف التي أطلقتها دون المستوى المطلوب، إذ ان ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي يكاد يكون أكثر دموية مما نفذته جيوش هتلر، وموسوليني، من جرائم بحق الإنسانية... إنهم لا يقلون تطرفاً وعنصرية عنهما". ويضيف زكي:"ما يصفونه بالتحريض ليس سوى وصف لما يجري على الأرض. إذا أرادوا وقف هذا"التحريض"المزعوم، عليهم أن يوقفوا جرائمهم اليومية بحق الشعب الفلسطيني.. هم من يمارسون التحريض، ويستهدفون الإعلام الفلسطيني، عبر القصف والاقتحام، ومنها قصف مكتب إعلامي تابع لحركة"فتح"في غزة، واقتحام آخر يتبع لحركة"حماس"في رام الله، والعبث بمكتب هيئة الإذاعة والتلفزيون في نابلس". ويؤكد زكي:"وجهت لنا إدارة الهيئة رسائل بضرورة توخي الدقة المهنية، لكننا كمقدمي برامج لم نعد قادرين على الصمت أمام هذه الجرائم البشعة... إذا أرادوا تغيير خطابنا الإعلامي، عليهم أن يوقفوا جرائمهم... نحن شعب مسالم، لكن ما يقومون به يفوق أي وصف أو نعوت"، محذراً من أن تكون هذه الحملة الإعلامية الشرسة ضد التلفزيون الفلسطيني، مقدمة لاستهداف مقره، وهوائياته، مجدداً"لأن الواضح أن الصحافة الإسرائيلية توجه جيش الاحتلال نحو هدفه المقبل، ألا وهو تلفزيون فلسطين".