بثت الاذاعة الفلسطينية الرسمية"صوت فلسطين"واذاعة الجيش الاسرائيلي في وقت متزامن صباح امس، أغنية مشتركة للمغنيين الاسرائيلي ديفيد بروزا والفلسطيني وسام مراد تحمل عنوان"في قلبي"، وذلك في سابقة سعى المغنيان من خلالها الى التعبير عن تطلعهما للتعايش بين الشعبين، في حين أرادت الاذاعة الفلسطينية من خلالها اظهار الالتزام الفلسطيني بالسلام والتمهيد لواقع سياسي جديد. لكن بث الاغنية أثار حفيظة واستياء عدد كبير من الفلسطينيين ولاقى عدم مبالاة لافتة من آخرين كونها تحاكي المقولة التي اشتهرت بها الملكة ماري انطوانيت عندما قيل لها ان الجماهير الجوعى ثارت طلباً للخبز المفقود فردت"لماذا لا يأكلون البسكويت؟". وعبر أحد المواطنين الفلسطينيين عن استيائه العميق من بث الاغنية"ليس فقط لانها تعطي اشارات تطبيعية قسرية على الفلسطيني الذي يتألم وينزف في ظل الحصار والجدار والاستيطان، وانما ايضاً لانها تساوي بين الجلاد والضحية، بين المحتل والواقع تحت الاحتلال. الاعتراف بالآخر لا يتأتى من خلال أغنية مشتركة، بل الاعتراف بحقه في الحياة الحرة الكريمة ووقف الاستيلاء على ارضه وحبسه في سجون معزولة". موضوع الاغنية التي قال المطربان انهما"يأملان بان تلهم صناع القرار الفلسطينيين والاسرائيليين المضي قدماً في صنع السلام"هو"حب الارض". والاغنية كما بدا في كلماتها التي رددها المطربان باللغتين العربية والعبرية، تمجد الحب لذات الارض، اذ يقول المطرب الاسرائيلي"ارضي انت في دمي، انت معي، انت حبيبتي"، ويتبعه المغني الفلسطيني المقدسي مردداً هذه الكلمات باللغة العربية. وقال المحلل السياسي هاني المصري:"لسنا ضد الاسرائيليين ولا اليهود، لكن عن اي سلام تتحدث الاغنية... وكأننا انتهينا من المفاوضات ولم يتبق سوى الموسيقى والاغاني... هذه استجابة لطلب تغطية واقع هو الاشد سوءاً على الفلسطينيين. الاغنية تتنازل عن روايتنا وذكرياتنا واحلامنا. الاعتراف باسرائيل كواقع سياسي، ونكران ان هذه الارض هي ارضنا تشويه للتاريخ. الاغنية تتحدث عن ارض متنازع عليها وليست محتلة". وقال شاب آخر:"هذه الاغنية لا تغني ولا تسمن من جوع... الفلسطينيون، وحتى التنظيمات الاكثر تطرفاً، استجابت لطلب الرئيس محمود عباس ابو مازن، لانهم يريدون شيئاً ملموساً على الارض، فما الذي جنوه؟... انها اغنية تتحدث عن واقع في كوكب آخر". اما اكثر ما استفز مجموعة من الشابات الفلسطينيات هو بث اذاعة"صوت فلسطين"لهذه الاغنية بالتزامن مع بثها في اذاعة"الجيش الاسرائيلي". وقالت احداهن:"فجأة توقفوا عن اتهام الاعلام الفلسطيني بالتحريض، واملوا عليه ان يذيع اغنية لا تمت الى واقع الاحتلال بصلة ... قبل ان يعودوا اذاعة الجيش الاسرائيلي الى وصفنا بأقبح النعوت ... ولماذا التنسيق مع اذاعة الجيش الاسرائيلي بالتحديد؟ هل للامعان في نكأ الجروح بان ما يريده جيش الاحتلال يفرض حتى لو كانت اغنية حب كما قالوا". بذكر ان الاعلام الاسرائيلي كان يتهم اذاعة"صوت فلسطين"بتحريض الفلسطينيين على العنف. وقال شاب آخر:"لست ضد اي عمل فني مشترك بين الاسرائيليين والفلسطينيين حتى لو كان اغنية، لكن على المغني والفنان بغض النظر عن جنسيته ان يغني ضد الاحتلال والقمع والاضطهاد ونفي الآخر، وليس تكريسه". وقال مدير هيئة الاذاعة والتلفزيون الفلسطيني رضوان ابو عياش ان الاذاعة وافقت على طلب بث الاغنية لانها"اغنية انسانية في وضع سياسي جديد". وقال مدير البرامج في الاذاعة الاسرائيلية ان الاغنية"تكسر الجمود بين الشعبين". وتزامن بث الاغنية مع نشر قصة مجندة اسرائيلية هربت مع"عشيقها"الفلسطيني لتعيش معه في مدينة بيت لحم في الضفة الغربية. واختلفت أراء الفلسطينيين عند سؤالهم عن رأيهم في ما قامت به المجندة الاسرائيلية، وقال احد الشبان:"هذه ليست المرة الاولى التي تجمع فيها قصة حب بين فلسطيني واسرائيلية. هناك عشرات الحالات المماثلة حيث تعيش اسرائيليات وسط الفلسطينيين وفي احيائهم" .