انهى الجيش الاسرائيلي فجر أمس عملية عسكرية استمرت 48 ساعة شرق مدينة غزة وجباليا اسفرت عن سقوط 30 شهيدا في سلسلة من الغارات الجوية والبرية الاسرائيلية، وخلفت دمارا كبيرا اصاب منازل ومزارع والبنية التحتية في المنطقة. وخلال تراجع الدبابات في جباليا، قتل الطفل انس زملط 13 عاما منتصف ليل الخميس - الجمعة، كما عثر فجر امس على جثة محمد ابو سكران 22 عاما الذي تبين انه من ناشطي حركة"حماس". وبمقتل هذين الفلسطينيين، يرتفع الى نحو 30 عدد الفلسطينيين الذين قتلوا في العملية الاسرائيلية التي بدأت فجر الاربعاء على منطقتي الشجاعية والتفاح شرق غزة وشرق بلدة جباليا، علماً ان 145 فلسطينيا وجنديا اسرائيليا واحدا قتلوا في العمليات التي يشنها الجيش الاسرائيلي منذ 28 حزيران يونيو للعثور على الجندي غلعاد شاليت الذي خطفته ثلاث مجموعات فلسطينية عند تخوم قطاع غزة. وامس بدت آثار الدمار في المناطق التي اخلتها الدبابات الاسرائيلية، ففي مدخل حي التفاح يمكن مشاهدة بيوت مدمرة جزئيا او كليا وآلاف الاشجار التي اقتلعتها الجرافات العسكرية. ويروي رياض الدهدار 38 عاما ان الجيش اجبره مع افراد اسرته على مغادرة المنزل الذي"حوله الى ثكنة عسكرية لقنص الشباب المقاتلين". وكانت في المنزل المكون من طبقتين والذي تركه الجيش بعدما حطم الاثاث وغرف النوم وزجاج نوافذه وابوابه، بقايا طعام وزجاجات مياه كتب عليها بالعبرية. ويقول رياض وهو يحمل احد اطفاله الثمانية:"سرقوا ذهب زوجتي واموالي من البيت وكسروا كل شيء، حتى غرفة الاطفال والعابهم ونسخة للقرآن الكريم... هذا هو الارهاب بعينه". ويضيف بحسره:"انه تسونامي صهيوني". ويطل المنزل الواقع على تلة تبعد اكثر من 1500 متر عن الحدود بين قطاع غزة واسرائيل، على بستان مزروع بأشجار الحمضيات لم يبق منه الا جذور الشجر وحفر. كذلك هدم الجيش منزلا مجاورا يملكه يحي عبده 39 عاما وجرف اشجار زيتون وتين وعنب في بستان صغير يتبع للمنزل الذي حولته الجرافات الى انقاض. ويقول عبده الذي يعمل فنيا في شركة الكهرباء في غزة:"اطلقوا النار على المنزل قبل ان يقتحمه الجنود الاسرائيليون، ثم هدموه امام عيني". ويضيف:"كان المهم عندي الحفاظ على ابنائي الاربعة الاطفال. اخذتهم وخرجت، لكنهم اجبروني على البقاء قرب دبابة. كانت ليلة مرعبة لم يرحموا الاطفال ولا النساء، ونحن نعرف انهم لن يوقفوا العدوان". وكان الطفل محمود كريم ذو الاعوام العشرة يبحث بين انقاض منزله الصغير الذي هدمته ايضا الجرافات الاسرائيلية، ويقول:"تركنا البيت وبقيت ملابسي والعابي وحقيبة المدرسة... كل شيء تحت الدمار". ويقول الطفل الحافي القدمين ان ما حصل"حرب ورعب وخوف"، مستدركا:"نحن لا نخاف من اليهود مهما دمروا بيوتنا". ولم تترك الجرافات الاسرائيلية مساحة من بستانين تمتد على اكثر من 200 دونم كانت مزروعة بأشجار الحمضيات والزيتون الا وطاولها التجريف، كما اقتلعت الجرافات شجرة"جميز"يزيد عمرها عن 200 عام، كما يقول صاحب البستان منذر الريس الذي تساءل:"ما ذنب هذه الاشجار؟ اين العالم ليتفرج على الارهاب بعينه؟... هم الاسرائيليون لا يريدون السلام... القتل والتدمير هما سلامهم". ويتابع ان اسرائيل"تخطط لاعادة نكبة 1948 لتهجير الناس، وهذا لن يحصل مجددا لان الناس متمسكون بأرضهم". وتبدو بقع دماء وبقايا اشلاء لجرحى او قتلى فلسطينيين على جدران منزل وسط شارع ضيق في حي الشجاعية. ويقول ابو عبد الله:"هنا استشهد ثلاثة مواطنين من عائلة السعودي بقذيفة دبابة سقطت وسط المنزل". وتوافد مئات الفلسطينيين لرؤية الدمار الذي تركته المدرعات الاسرائيلية ولمواساة بعضهم البعض، بينما اقيمت بيوت عزاء لفلسطينيين قتلوا في العملية ترفرف فوقها رايات"حماس"و"الجهاد الاسلامي". وألحقت اعمال التجريف اضرارا كبيرة في البنية التحتية، خصوصا في الطرق العامة وشبكات المياه والكهرباء، اضافة الى مزارع دواجن، فضلا عن اضرار في مقبرة في المنطقة. ونفذت طائرات اسرائيلية في ساعات الفجر ثلاث غارات استهدفت منازل يملكها فلسطينيون في قطاع غزة. واطلقت طائرة صاروخا على منزل في القرية البدوية قرب بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، ما اسفر عن جرح مدنيين اثنين وتدمير المنزل بعدما قامت طائرة اسرائيلية بتدمير منزل في حي الشجاعية لأحد ناشطي"حماس"اثر قصفه بصاروخ. واوضح مصدر امني ان منزلا في الطبقة الاولى لورشة للحدادة دمر في خان يونس جنوب قطاع غزة اثر اطلاق صاروخ عليه في ساعات الفجر ايضا. خطف مستوطن وقتله من جهة اخرى، افادت الشرطة الاسرائيلية امس ان الجثة المتفحمة التي عثر عليها الخميس في الضفة الغربية هي لأحد سكان مستوطنة"ياكير"خطفه فلسطينيون على ما يبدو وقتلوه. واظهر اول عناصر التحقيق ان اشخاصا اقلهم المستوطن معه في سيارته قتلوه. وعثر على الجثة في صندوق السيارة في منطقة قريبة من مستوطنة"كارني شومرون"بين مدينتي نابلس وقلقيلية شمال الضفة. إصابة طفلين اسرائيليين من جهة اخرى، اصيب طفلان اسرائيليان في العاشرة من عمرهما بجروح امس جراء اطلاق صاروخ من شمال قطاع غزة على بلدة اسرائيلية قريبة من عسقلان. وقالت ناطقة باسم الجيش الاسرائيلي"ان طفلين اصيبا بجروح طفيفة بشظايا صاروخ اطلق على زيكيم". وتبنت"الجهاد"في بيان اطلاق الصاروخ على هذه المنطقة. وفي جنوبالقدس، قتلت شرطة الحدود الاسرائيلية مسلحا فلسطينيا اطلق عليها النار عند نقطة تفتيش. ونقل ضابطان اسرائيليان الى المستشفى.