تلتفّ عائلة فيصل العسيري 20 عاماً حول التلفزيون. فتاة لبنانية تطل عليهم من الشاشه وتروي بصوت خالطه البكاء، قصة نجاتها من القصف الإسرائيلي الذي استهدف منزلها وأدى إلى موت أفراد عائلتها. المشهد نفسه تكرر لدى عائلة العسيري في 2003، مع اختلاف طرفي المأساة، فالجلاد حينها كان الولاياتالمتحدة والضحية العراق، واليوم هو إسرائيل وهي لبنان. اعتادت هذه العائلة - كحال كثير من مثيلاتها في السعودية - أن تختتم نقاشها حول مشاهد الدم من لبنانوفلسطين، بأن يسألوا الله أن ينصر الشعوب العربية المظلومة. "اندلاع الحرب في لبنان، هو إعلان عن بدء مسلسل من القصص المأسوية، ضحاياها من الأطفال والنساء غالباً، ما يعني بدوره شعور بالذل والغبن، لأننا سنقف عاجزين عن المساعدة، مثلما هي الحال مع الشعب الفلسطيني"، يقول فيصل. أما الطفل يزيد 10 أعوام فكثيراً ما يتوقف هو ورفاقه عن لعب"البلايستيشن"عند حلول النشرة الأخبارية."أحاديث الكبار التي نسمعها حول حرب لبنان تدفعنا إلى متابعة التطورات التي تجري في هذا البلد، حتى المساجد هي الأخرى زادت هذا الفضول، فدعاء المصلين على من ظلم هذا الشعب بالهزيمة، نسمعه عبر مآذنها"، يقول يزيد. معاذ 7 أعوام جار يزيد، لا يعرف سبب مشاهد الدم، فهو يسمع أن من يقف وراءها شخص اسمه إسرائيل، وبات يعتقد أن هذا الأخير يشبه أولئك الذين اعتادت جدته أن تخيفه بهم لئلا يخرج من المنزل وحده،"فهم يخطفون الصغار ويأكلونهم". وتقول والدة معاذ:"أقف حائرة أمام أسئلته التي تنشد تفسيراً لما يحدث الآن في لبنان وقبله فلسطين، فهو لا يستطيع استيعاب ما يدور حوله، نظراً إلى صغر سنه، فبعدما أوضح له حقيقة ما يجري، يرد مستغرباً لماذا إذاً لا تقاد إسرائيل إلى السجن ما دامت تقتل الناس؟". وتلاحظ والدة معاذ الاهتمام الذي يبديه الأطفال في عائلتها بالأحاديث التي تدور بين الكبار حول الحرب في فلسطينولبنان،"فهم ينصتون اليها باهتمام وتلاحظ شعورهم بالأسى، خصوصاً حينما نتحدث عن طفل فقد عائلته نتيجة العدوان الإسرائيلي، مثلما حدث للفتاة الفلسطينية هدى". وتشير إلى صعوبة إخفاء هذه المآسي كلها عن الأطفال،"كونهم يشاهدونها ويسمعونها من جهات مختلفة سواء في وسائل الإعلام أم من رفاقهم". وعلى الجانب الآخر لا يبدو يزيد حائراً، كما هي الحال مع معاذ، تجاه الحرب الدائرة الآن،"فأنا أعرف أن إسرائيل دولة تحتل فلسطين ودرست هذا في مادة التاريخ، وأعلم أنها قتلت كثيراً من العرب، وعلى رغم ذلك كله أثق بأننا سننتصر في النهاية، كما ورد في القرآن الكريم".