رجل يمد سجادته على الرصيف الساخن ليؤدي صلاته فيندفع الجندي الصهيوني بكل الحقد والكراهية المجبول عليها الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره عندما أصبح تحت قبضتهم، وخاضعاً لأمزجتهم البغيضة، لينهال عليه ضرباً بقدميه وكعب بندقيته، وأنا أشاهد المشهد ظننت أن الرجل من قوة الضرب لن يتحرك، لكنه وقف شامخاً معتزاً بأنه كان بين يدي رب كريم قادر على أن ينصرهم نصراً مبيناً، وما ذلك على الله بعزيز. ليس هذا المشهد الوحيد لانتهاكات إسرائيل الأخيرة وياما في الجراب ياحاوي كما يقولون، لأن الأزمة ما زالت مستعرة ولدى إسرائيل كل وسائل القمع والتنكيل، شاهدنا على شاشات التلفزيون اعتداء الجنود على المرابطين أمام باب الأسباط « أحد بوابات البلدة القديمة المؤدية إلى المسجد الأقصى» منذ احتلال إسرائيل لفلسطين عام 1948م، أشعلت « 7 « حروب في منطقة الشرق الأوسط، الأولى في فلسطين عام 1948م كان الصهاينة عبارة عن ميليشيات مسلحة من البلماخ والأرجون، والهاجاناه والشتيرن والمتطوعين اليهود من خارج حدود الانتداب البريطاني، ضد مصر والأردن والعراق، سوريا ولبنان والسعودية. الثانية: نكسة 1967م حزيران أو حرب الأيام الستة مع مصر وسوريا والأردن. بعدها حرب الاستنزاف، ثم حرب أكتوبر 1973م مصر وسوريا بدعم عربي، ففي 17 أكتوبر قرر الملك فيصل رحمة الله عليه استخدام سلاح النفط، فدعا وزراء البترول العرب « أوبك « وقرروا تخفيض انتاج البترول ورفع سعره وحظر تصديره إلى الدول التي يثبت تأييدها لإسرائيل بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية، وفي 20 أكتوبر أعلنت دول « أوبك « حظر تصدير النفط إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، عندما قامت الأخيرة بدعم إسرائيل لوجستياً ومالياً. لا أريد عمل جرد للحروب التي أشعلتها إسرائيل في المنطقة بممارساتها المستفزة واللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت ظروف الاحتلال القاسية ، ولكنها لمحات للتذكير بصمود الشعب الفلسطيني، منذ بدأ ينتفض ضد ظروف الاحتلال وضد المحتل وممارساته المهينة. أولى الانتفاضات للشعب الفلسطيني ضد المعتدي المحتل انطلقت 8 ديسمبر 1987م من جباليا، في قطاع غزة، ثم انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيمات فلسطين، أشعلها في ذلك الوقت قيام سائق شاحنة صهيوني بدهس مجموعة من العمال الفلسطينيين على حاجز « أريز « الذي يفصل قطاع غزة عن بقية الأراضي الفلسطينية منذ 1948م، توقفت الانتفاضة مع توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية 1993م، مع أنه لا تفاوض مع المحتل، إما أن يرحل أو أن الصراع مستمر. أطلق عليها انتفاضة الحجارة، لأن الشعب الفلسطيني يعيش تحت ظروف الاحتلال فلا يملك السلاح أو العتاد الذي يمتلكه المحتل، كما عرفت تلك الانتفاضة بأطفال الحجارة، لأن الأطفال شاركوا فيها. مع أني ضد إشراك الأطفال في الصراعات المسلحة، وضد الزج بهم ضحايا الرصاص الموجَّه لأجسادهم البريئة، أو تعريضهم للسجن والتعذيب، مهما كانت القضية وطنية وإنسانية، كقضية انتفاضة أطفال الحجارة التي أصبحت رمزاً للنضال الفلسطيني ضد المحتل المدجج بالعتاد والسلاح. الانتفاضة الثانية أو انتفاضة الأقصى 28 سبتمبر 2000م- 8 فبراير 2005م، كانت احتجاجاً على دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق « أرئيل شارون « إلى باحة المسجد الأقصى برفقة حراسه، مما أثار المصلين وحاولوا التصدي له، لأن المسجد الأقصى يمثل قدسية خاصة لدى المسلمين في شتى بقاع الأرض، لذلك انشغل العالم الإسلامي على مدى الجمعتين الماضيتين بإغلاق أولى القبلتين، ومسرى نبيهم صلى الله عليه وسلم، المسجد الأقصى في وجه المصلين وحرمان الفلسطينيين من أداء صلاة الجمعة في مسجدهم الأقصى الذي يمثل بالنسبة لهم رمز البقاء والصمود، أرضهم المقدسة وعرضهم الذي يدافعون عنه بالروح والدم، ولكنهم لايملكون سلاحاً يدافعون به عن مقدسهم، لذلك قررت دائرة الأوقاف في القدسالمحتلة إغلاق كافة المساجد يوم الجمعة داعية المصلين للصلاة في محيط المسجد الأقصى، وهذا أقصى ما يمكن القيام به في مواجهة العنف الإسرائيلي، أو أنه أضعف الايمان.