جاء تأهل المنتخب الألماني إلى الدور نصف النهائي في مصلحة استمرار توهج بطولة كأس العالم، فأصحاب الضيافة كانوا الأفضل، خصوصاً بعد أن لدغ المدافع الأرجنتيني ايالا برأسه شباكهم، وقدم لاعبو"المانشافت"عطاءً ممتازاً، ووضح تحامل قائد المنتخب بالاك على نفسه، ما جعل"الفيفا"يختاره أفضل لاعب في المباراة. بقاء الألمان في البطولة يعني استمرار الحضور الجماهيري المكثف، ويعني أيضاً استمرار التغطية الإعلامية الممتازة، فالفريق المستضيف يحظى دائماً بالأضواء، وهو ما ينعكس إيجاباً على البطولة. في الوقت الذي فرح فيه المتابعون المنطقيون بتأهل الألمان، فإنهم قدموا في الوقت ذاته الكثير من علامات الحسرة على خروج المنتخب الأرجنتيني من البطولة في وقت يعد باكراً، قياساً بخبرة الفريق ونجومية لاعبيه، وودعت الجماهير اللمسة الجميلة والأداء السلس. لكن السؤال الذي يجدر بنا طرحه: من الذي أسهم في إخراج الأرجنتين؟ خلاف تألق الألمان، فالسبب في رؤية النقاد يعود إلى المدرب خوسيه بيكرمان، الذي جرد الفريق من أبرز لاعبيه، فهو أخطأ عندما لم يشرك المهاجم السريع سافيولا، وهو الذي كان أساسياً منذ بداية"المونديال"، ثم زاد الطين بلة بسحب صانع الألعاب ريكيلمي، وأتبعه بالمهاجم كريسبو، فالبديلان كامبياسو وكروز لم يقدما ما كان يقدمه ريكيلمي وكريسبو. اللافت أن بيكرمان احتفظ بنجميه ميسي وايمار إلى جانبه، وجلس متفرجاً على الهجمات الألمانية، ويبدو أن المدرب شعر بالذنب فقدم استقالته بعد انتهاء المباراة مباشرة. المباراة طمأنت الجماهير الألمانية على فريقها من نواحٍ عدة، أبرزها أن الفريق يستطيع العودة بعد الخسارة، أي أنه لا يتأثر بالضغط الذي يعيشه اللاعبون، بعد أن تلقت شباكهم الهدف الأرجنتيني، الأمر الآخر هو استمرار الهداف كلوزه في التسجيل في كل مباراة، ليصل إلى الرقم خمسة، وفوق ذلك القراءة الممتازة للمدرب الشاب يورغن كلينسمان. وفي المباراة الثانية، سارت التوقعات حسبما رسمها الكثيرون، فإيطاليا لعبت بطريقتها المفضلة، ولم تجد صعوبة في زيارة الشباك الأوكرانية ثلاث مرات، ومن جديد نجح الدفاع الأزرق, واثبتوا أنهم أفضل من يغلق الطريق أمام مرماهم. ومضات أخيرة الحارس الألماني ليمان لم يخيب تفضيل مدربه اياه على الحارس كان، وأثبت أن كلينسمان كان محقاً في اختياره للعب أساسياً، وصد ركلتي جزاء، وكان قريباً من الثالثة، شعر كلينسمان بأنه كسب الجولة أمام متحديه بفشل ليمان، وهو ترك الحديث عن المباراة قليلاً، مشيداً بقدرات ليمان، بل إنه أكد أنه سيخاف من ليمان لو واجهه عندما كان مهاجماً. يقول كلينسمان:"هناك خمسة من لاعبي المنتخب لعبوا أمام الأرجنتين، يمكنهم اللعب مع منتخب ألمانيا تحت 21 عاماً"، هذا الحديث ربما لا يعني الكثير للجماهير التي تبحث عن الفوز فقط، لكنه يعني لخبراء كرة القدم أن ألمانيا ضمنت مستقبلها الكروي بفضل كلينسمان.