بما أنّ المكان غارقٌ في الصمتِ الآن... كأنه تماماً في حال خصام مع الحركة، وحال انعتاق تامة مع السكون. وبما أنّ ثنايا الأوراق التي أنتقل في ما بينها حالياً تحمل كماً يختزله هذا البيت:"لم أجد في الوجود إلا شقاءً... سرمدياً، ولذّة مضمحلة... وأمانيّ، يغرق الدمع أحلاها، ويُفني يمُّ الزمان صداها"للشابي ثار ألم جديد بين ثنايا الروح من غير ذلك الملازم لإحساس غربة الروح وتأويل لفكرة"كم أنا في الدنيا غريب! أشقى بغربة نفسي"يختلف الألم، ووقعه في النفس. يشبه الاحتراق هذه المرة ذاك المتعلق بسر لذيذ في حياتنا."الحب"هو احتراق ما بين اختناق ورغبة في لفظ الحياة تماماً، لأن هذا العقل الصغير وتلك الروح المهلهلة لا تحتمل مزيداً من الغرق في حالة من الإحساس بپ"الماذوخية جديدة"يكفي! حالُ اصطدام مع أولئك الذين يتخذون زاوية خاصة من عالمي حتّى التحيّة لا توجّه لهم إلا مصحوبة بترجمة تفسّر مدى خصوصية حضورهم في عالم عبثي دوماً وأبداً يتصفح كتاباً مملوءاً بالدمع، لا يخلو بدوره من متبعثرات الألم والأمل. هُنا لا يمكنني سوى الهمس... سُحقاً لسخرية القدر! بِتُّ أحس بأنني أقول لأشياء كثيرة وداعاً! لحُلم سكون كان في فترة يداعب أجفاني، ويثير حرقة وجد بين ثنايا روحي. سألت صديقة مرّة:"حُرقة الوجد، هل تعرفينها؟"أردفت سؤالي بجواب لحال الشرود الذي كنتُ غارقةً به:"أخبريني عنها"بكل بساطة طلبت أن أخبرها، أنا وددت أن يسيطر الصمت على الموقف كما حالي وزاويتي الآن. ليته جمال الصمت تصبّاها، فهو فتون عندما يذهب الليل وينتهي. وتمضي تلك اللحظات التي كانت. يبدأ الوجد والحنين برسم معالم جديدة. أشد عمقاً حيث أن الهمس بالحرف لا يعود كافياً، بل هي تلك الرغبة في التوحّد بنظرة ربّما، وصمت لسنوات. أحس أحياناً بأنّ البوح بالأشياء يُفقدها ألقها، وينتقص الكثير مما تحويه من خصوصية. شقيق الروح، ذاك الذي يتراءى لك في كل لحظة بين ثنايا كتاب، في وجه أحدهم، في ما وراء الأشياء، بين بحر وسماء، ثم ترتسم ابتسامة ويحسبك الآخرون معهم مدرك لما يهمسون به. لكنك أبعد ما تكون. فالشرود الذي يدعك تغرق في ذكرى، وتتحسس بقايا الذكرى وتلك البقايا من بقايا البقايا ذاتها... شقيق الروح هذا ربّما يجرحك وتجرحه... ثم يسري بين جوانحك إحساس بألم الفقد والاختناق ذاك الذي. هذا تماماً ما يحدث مع من غرقوا في بحر الهوى، وأصبح السهاد صديقاً. هنالك تناقض من نوع غريب محبب جداً. ما بين الدمع والابتسام، والشقاء والسعادة. والحزن. وآه من رماد الاحتراق الذي يحيل الحنين حيناً إلى لا مبالاة وغضب، ومزيج آخر! الشتاء والمطر من الأشياء التي ودعتها، ف"طموحي أن أمشي، ساعاتٍ معك تحت المطر". عشت لحظات جعلتني أحس بنقاء الروح الممزوج بالسذاجة! اسراء الشمري - بريد الكتروني