استمع مجلس الشيوخ الأميركي إلى وزير العدل البرتو غونزاليس أمس، في قضية عمليات التنصت من دون تفويض قضائي التي جرت في الولاياتالمتحدة بعد اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001. ويتساءل البرلمانيون عن مدى شرعية هذا الإجراء في إطار الحرب على الإرهاب، فيما تحاول إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش تطويق الاستياء الذي أثاره الكشف عن هذه القضية في صحيفة"نيويورك تايمز". وهذه المرة الأولى التي سيتمكن فيها أعضاء في مجلس الشيوخ من استجواب مسؤول في الحكومة حول هذا الموضوع خلال جلسة للجنة الشؤون القضائية للمجلس، تلقى تغطية إعلامية واسعة. ويمارس اليسار الأميركي مزيداً من الضغوط في القضية التي تثير قلق المدافعين عن الحقوق المدنية. وبدأت منظمة"موف أون اورغ"بث فيلم قصير يشبه جورج بوش بالرئيس السابق ريتشارد نيكسون الذي اضطر إلى الاستقالة في 1974 بسبب عمليات تنصت سياسية في فضيحة"ووترغيت". ونشرت صحيفة"واشنطن بوست"أول من أمس، تحقيقاً طويلاً أكدت فيه أن اتصالات ورسائل إلكترونية لخمسة آلاف أميركي خضعت للمراقبة في هذا الإطار، فيما تبين ان عشرة أشخاص فقط يمكن اعتبارهم مشبوهين ويتوجب التحقيق معهم اكثر. وتشعر الإدارة الأميركية بالإرباك أيضاً لأن قسماً من الغالبية الجمهورية ينتقد هذه الوسائل، ولو كان لا يشكك في ضرورة عمليات التنصت. قضية تطاول الرئيس ومنذ ثلاثة أسابيع، أكد رئيس اللجنة ارلن سبيكتر انه في حال توصل الكونغرس إلى أن بوش انتهك القانون، ربما يكون"الحل بدء إجراءات إقالة الرئيس". وقال سبيكتر:"كنت مشككاً جداً لأن ما حصل انتهاك واضح للقانون حول الاستخبارات الخارجية"الصادر في 1978 والذي ينص على ضرورة صدور تكليف قضائي من محكمة خاصة. وقال العضو الجمهوري الآخر في اللجنة ليندسي غراهام:"لا اعرف أي أساس قانوني يسمح بالالتفاف على القضاء لنأمر بعمليات تنصت". وفي الجانب الديموقراطي، يبدو أن الأسئلة ستكون اعنف، اذ تقدم نائب رئيس اللجنة باتريك ليهي بمشروع قرار يعتبر عمليات التنصت غير شرعية. وكان إدوارد كينيدي قال إنه ينتظر الحصول على"ردود حقيقية"، فيما اتهم راسل فينغولد الرئيس بوش بأنه يتصرف مثل"الملوك". ووعد فينغولد بأن يضع الإدارة أمام تناقضاتها. فمنذ عام، نفى غونزاليس في جلسة تثبيته في منصب وزير العدل وجود أي برنامج استثنائي للتنصت. وعلى الأرجح، لن يقوم غونزاليس الذي كان مستشاراً قانونياً للبيت الأبيض عند إطلاق البرنامج، بمفاجأة البرلمانيين، اذ نشرت وزارته منذ أسبوعين حججها المفصلة في هذا الشأن. وترى الإدارة الأميركية أن مجريات"الحرب على الإرهاب"تمنح الرئيس سلطة إصدار أوامر بعمليات المراقبة تلك. هايدن وأكد الجنرال مايكل هايدن، الرجل الثاني في الاستخبارات الوطنية مجدداً أول من أمس، انه لو كان هذا البرنامج مطبقاً قبل اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001"لتمكنت السلطات من كشف عملاء القاعدة في الولاياتالمتحدة". واشترك هايدن في إنشاء البرنامج في العام 2002 بصفته مديراً في تلك الفترة لوكالة الأمن القومي التي رعت هذا البرنامج. وأضاف أن محامي وكالة الأمن القومي"مرتاحون"إلى كون عمليات التنصت هذه من دون تفويض قضائي. وزاد:"هدف هذا البرنامج هو التقصي وتدارك ما قد يحصل. والسرعة عامل شديد الأهمية"، مشيراً إلى ان الأجراء القانوني العادي معقد ويستغرق وقتاً طويلاً. ودافع هايدن عن البرنامج قائلاً:"هذه ليست شبكة شاملة، بل محددة للغاية، في ما يتعلق بجمع محتوى الاتصالات من والى الولاياتالمتحدة"، مؤكداً أنها لا تستهدف سوى من يعتقد محللو بيانات الاستخبارات أنهم على صلة بتنظيم"القاعدة"أو أتباع للتنظيم. لكن غونزاليس قد لا يقدم الكثير من التفاصيل، فالإدارة الأميركية تدافع بعناد عن الأسرار المحفوظة من اجل"الأمن القومي"، في حين وعدت وزارته بملاحقة المسؤولين عن تسريب المعلومات. وخوفاً من ألا يقدم غونزاليس ردوداً كافية، طالب الديموقراطيون بجلسات استماع إضافية، وهم يريدون خصوصاً الاستماع إلى وزير العدل السابق جون آشكروفت الذي"وافق شخصياً على البرنامج التنصت"على رغم شكوك على ما يبدو، وكذلك الى مساعده جيمس كومي الذي"عبر عن تحفظات كبيرة على ما يبدو"، على حد قول الديموقراطيين.