حذّر وزير العدل الأميركي ألبرتو غونزاليس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ من الطبيعة الحساسة لبرنامج التنصت من دون إذن قضائي، والذي أمر به الرئيس الأميركي جورج بوش عقب اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001. وقال:"أعداؤنا يستمعون، لا يمكنني سوى التساؤل عما إذا كانوا يهزون رؤوسهم مندهشين لأن يعرض أحد برنامجاً بهذه الحساسية للخطر عبر الكشف عن وجوده أولاً، والابتسام لفكرة أننا قد نكشف أكثر أو حتى نجرّد أنفسنا من سلاح أساسي في الحرب على الإرهاب". وتوقفت جلسة الاستماع لغونزاليس نحو 10 دقائق في بدايتها، بسبب انقسام الحاضرين حول ما إذا كان عليه أن يؤدي القسم قبل الإدلاء بشهادته، وهو ما طالب به الديموقراطيون، معتبرين أن وزير العدل لم يكن صادقاً خلال جلسة الاستماع لتثبيته السنة الماضية، حين أنكر معرفته ببرنامج التنصت. وفي نهاية يوم من جلسات الاستجواب، واجه غونزاليس تحذيراً من أن الذرائع القانونية التي قدمتها الإدارة لدعم عمليات التنصت تثير"شكوك"البرلمانيين، بمن فيهم الرئيس الجمهوري للجنة القانونية آلن سبكتر. وقال غونزاليس إن الرئيس جورج بوش بصفته قائداً عاماً للقوات المسلحة، مخول بأن يأمر بإجراء عمليات تنصت في إطار"الحرب على الإرهاب"، فيما أكد سبكتر أن"الرئيس لا يملك صلاحيات مطلقة". ولفت غونزاليس إلى أن هذه الصلاحية المنبثقة عن الدستور معززة بسلطات منحها الكونغرس منتصف أيلول سبتمبر 2001، رافضاً تقديم أمثلة على كيفية نجاح البرنامج في حماية البلاد، أو الخوض في التفاصيل لأنها تندرج تحت بند السرية. ومنذ شهر ونصف الشهر، أطلقت إدارة بوش حملة واسعة النطاق لإقناع الأميركيين بأن برنامجها للتنصت ضروري لمنع الاعتداءات، إضافة إلى كونه قانونيا. واتهم المستشار السياسي لبوش كارل روف الديموقراطيين بأنهم ما زالوا"في عقلية ما قبل 11 أيلول". أما الديموقراطي روس فينغولد الذي كان اتهم بوش بأنه يتصرف ك"ملك"، فقال:"المشكلة هي أن الرئيس لديه مفهوم للعالم يعود لما قبل 1776"، عام الاستقلال الأميركي. ووسط الانتقادات، واجه غونزاليس الديموقراطي رون ويدن الذي قال له مبتسماً:"أريد أن يكون واضحاً أنك لست فاشياً". وهذه المرة الأولى التي يتمكن فيها أعضاء في مجلس الشيوخ من استجواب مسؤول في الحكومة في هذه القضية خلال جلسة للجنة الشؤون القضائية للمجلس تحظى بتغطية إعلامية واسعة. وقال السناتور الجمهوري مايك ديواين إن الإدارة كانت ستقف على أرض أكثر صلابة لو سعت إلى الحصول على دعم محدد من الكونغرس في شأن التنصت الذي لا مبرر له. وأصر السناتور باتريك ليهي، وهو كبير الديموقراطيين في اللجنة، على أن بوش تصرف"في شكل غير مشروع ومن دون ضمانات"مضيفاً أنه لا الرئيس ولا وزارة العدل يملكان"السلطة لتحديد القوانين التي يتم تجاهلها". ولأن الجلسة علنية، لم يتمكن وزير العدل من إعطاء أي تفاصيل محددة، خصوصاً معلومات تتعلق بعدد الذين اتهموا بعد عمليات التنصت. لكنه قال إن المعلومات التي نشرتها الصحف حول التنصت"كانت دائماً إما غير دقيقة أو ملتبسة أو خاطئة في شكل ما". وأكد أن برنامج التنصت لا يتعلق سوى بالاتصالات مع شخص على الأقل موجود في الخارج، وليس اتصالات داخلية، حتى ولواشتبهت قوات الأمن بان طرفي الاتصال الموجودين داخل الولاياتالمتحدة ينتميان إلى تنظيم"القاعدة". ورأت المعارضة أن هذه التبريرات غير كافية وطالبت بشفافية اكبر. وقالت الديموقراطية ديان فينستين:"لا نعرف شيئاً عن هذا البرنامج سوى ما تقدمه لنا الصحف". ويمارس اليسار الأميركي مزيداً من الضغوط في هذه القضية التي تثير قلق المدافعين عن الحقوق المدنية. وبدأت منظمة"موف اون.أورغ"بث فيلم قصير يشبه بوش بالرئيس السابق ريتشارد نيكسون الذي اضطر إلى الاستقالة عام 1974 بسبب عمليات تنصت سياسية عرفت بفضيحة"ووترغيت".