نشرت"الحياة"بتاريخ 10/9/ 2005 مقالة للكاتب اللبناني نادر سراج تحت عنوان: الشيخ والقاموس... تواصل اللغات والثقافات والأحوال، ودارت المقالة حول قاموس"الدراري اللامعات"للشيخ محمد علي بن الشيخ حسن الأنسي البيروتي المولود في بيروت سنة 1865، العالم بالحديث والفقه واللغة الذي تدرج من رتبة باشكاتب في محكمة بداية بيروت إلى رئيس المحكمة الشرعية، ثم لزم دارته في رأس النبع حتى وافته المنية في العام 1380 ه/ 1960م، وبلغت تصانيفه حوالى ثلاثمئة، طُبع منها ثلاثة وثمة أربعة عشر ما زالت مخطوطة، وأنجز طباعة قاموس اللغة العثمانية المسمى"الدراري اللامعات في منتخبات اللغات"في 10 جمادي الثاني 1320ه. لفتت انتباهي مقالة نادر سراج إلى منجزات العائلة الأنسية، ولما عدت إلى اسطنبول شاهدت في مكتبة الأرشيف العثماني كتاباً بعنوان:"البعثة العلمية إلى دار الخلافة الإسلامية"وقد شارك تأليفه: محمد الباقر صاحب جريدة البلاغ، وحسين الحبال، ومحمد كرد علي، وعبد الباسط الأنسي، ونشرت الكتاب المطبعة العلمية في بيروت سنة 1334 ه/ 1916م، ويقع في 196 صفحة. ووجدتُ في مكتبتي في اسطنبول نسخة من قاموس الدراري اللامعات، تأليف محمد علي الأنسي، ووجدت فيها نسختين من كتاب"تأسيس المباني في اللسان العثماني، تأليف عبدالباسط بن السيد حسن الأنسي البيروتي، الكاتب الرياضي الصحافي الذي توفى في بيروت سنة 1347 ه/ 1928م، وهو مؤلف كتاب"أبدع الأساليب في إنشاء الرسائل والمكاتيب"، ويقع في 600 صفحة، وثمنه 15 قرشاً، وكتاب"هداية السائل إلى إنشاء الرسائل"، ويقع في 208 صفحات، وكتاب"البسط الوافر في حساب التاجر"، وقد طبع في بيروت سنة 1310ه ويقع في 160 صفحة، وكتاب"العجالة المهمة في الجمع والطرح والضرب والقسمة"، ويقع في 64 صفحة، وكتاب"صفوة التهذيب في اختصار المكاتيب"ويقع في 64 صفحة أيضاً. وعبدالباسط الأنسي هو صاحب مطبعة وجريدة الإقبال في بيروت. وإحدى النسختين من كتاب"تأسيس المباني في اللسان العثماني"هي من الطبعة الثانية التي كانت تباع بخمسة قروش،"أي: 500 بارة"في المكتبة الأنسية في بيروت على جادّة الحكومة السنيّة، بحسب ما دُوِّن على الغلاف، وتقع هذه النسخة في 208 صفحات. ووردت تحت عنوان الكتاب عبارة:"ترجمان يحتوي على معلومات وإيضاحات لتلَفُّظ الحروف ومصادر وقواعد، مع تصاريف، وتمرينات، ومفردات الأسماء، ومكالمات، وضروب أمثال أدبية باللغتين التركية والعربية"، وتحت اسم المؤلف وردت ثلاثة أبيات من الشعر العربي: هذي فوائد جمة قد جمعت/ مع حُسن ترتيبٍ، وفرْط بيانِ بُنِيَتْ على أقوى أساسٍ وازْدَهتْ/ بحلى اللسانِ الفائقِ العثماني فافهمْ قواعدها، ودوام حفظها/ تظفرْ بِنَيْلِ مقاصدٍ وأماني وتحت الأبيات وردت عبارة:"طبع برخصة نظارة المعارف الجليلة المؤرخة في 23 مارت 1312، نومرو: 74"، وهذه قرينة تدل على أن الطبعة الأولى قد صدرت سنة 1312ه وتحت هذه العبارة وردت عبارة:"الطبعة الثانية، مصحَّحة، ومضاف عليها زيادات كثيرة وتمرينات عدة، ومكالمات مفيدة تتميماً للفائدة بقلم مؤلفه، حقوق طبعه عائدة لمؤلفه، وقد طبعت الطبعة الثانية في مطبعة جريدة بيروت سنة 1315 ه. والنسخة الثانية من الكتاب تعود إلى الطبعة الخامسة التي طبعت بمطبعة جريدة الإقبال في بيروت سنة 1328 ه، وتقع في 192 صفحة، وثمن النسخة خمسة قروش أيضاً. محتويات الكتاب تتصدر الكتاب مقدمة باللغة العربية، وتليها مقدمة باللغة التركية العثمانية، وهي ترجمة لنفس النصّ العربي، ومما جاء فيها"أما بعد، فيقول راجي عفو مولاه القدسي الفقير عبد الباسط بن السيد حسن الأنسي: إنه لما أسفر صبح المعارف وبزغت شموسها، وأثمرت في رياض الأفكار غروسها، وكانت لغة دولتنا العلية أيدها مطمح أنظار الطالبين، ومنتهى همم الراغبين، هرع الطلاب لاقتطاف أثمارها، والوقوف على بديع أسرارها، وصرفوا العمر في تحصيلها، وأمعنوا النظر في سبيلها، وحيث أنني وجدت الكتب المُؤَلَّفة فيعاً صعبة المسالك، بعيدة عن الأفهام والمدارك، أردت أن أجمع فيها كتاباً يشتمل على مهمات قواعدها، ليسهل على المبتدئ استخراج دُرر فوائدها، ويرقى منها إلى أعلى، ويكون بسببه أحق بالتقديم وأولى، فوفقني الله لجمعه، وبادرت بترتيبه وطبعه، وسميته تأسيس المباني في اللسان العثماني. فأرجو ممن طالعه أن يعذرني إذا عثَرَ على زلّة، أو هفوة مُخلّة، فإن ذلك من شأن الإنسان، وهو مُعرّض لسهام الخطأ والنسيان، وأسأل الله من فضله أن ينفعني به وكلّ طالب، ولا يكلني إلى سواه إنه جواد واهب. آمين. وقدَّم المؤلفُ كتابه إلى"السلطان ابن السلطان السلطان الغازي عبدالحميد خان أدام الله عزّه ونصره، وأنفذ في مشارق الأرض ومغاربها أمره". وتبدأ مواد الكتاب بمقدمة مكونة من أسئلة وأجوبة في معلومات ابتدائية لألفاظ اللغة العثمانية، أولها: "س: ما تعريف الصرف؟ ج: هو علم يبحث عن اشتقاق الكلمات وأحوالها. س: ما هي الكلمة؟ ج: هي اللفظ الموضوع لمعنى مفرد. س: ما هو الحرف؟ ج: هو الصوت الخارج من الفم بكيفية مخصوصة. س: كم هي الحروف في اللغة العثمانية؟ ج: الحروف في اللغة العثمانية ثلاثة وثلاثون حرفاً، وهي... س: كيف يُعبّر عن هذه الحروف؟ ج: يُعبّر عنها بالحروف الثقيلة، وعن الأخر بالحروف الخفيفة؟ س: ما هي الحروف الثقيلة وكم هي؟ ج: هي الحروف التي تخرج أصواتها فخيمة، وهي تسعة حروف ح خ ص ض ط ظ ع غ ق. س: ما هي الحروف الخفيفة، وكم هي؟ ج: هي التي أصواتها خفيفة، وهي أربعة وعشرون حرفاً ا ب .. ه ي". وهكذا تستمرّ الأسئلة والأجوبة حول خصائص الحروف والحركات، والأحرف العربية في اللغة العثمانية والأحرف المستعارة من اللغة الفارسية المشبعة والمفخمة، وتتبع ذلك إيضاحات لبعض حروف الهجاء، وطُرق لفظها. وجاء الباب الأول في ستة فصول، الفصل الأول في المصدر وافراده، وتضمن المصادر التي تبدأ بحرف الألف، وجرى ترتيبها بحسب الهجاء العربي، وما يقابله باللغة العثمانية، ابتداء بحرف الألف ثم الباء فالتاء فالثاء.. وجاء الفصل الثاني في أنواع المصدر الستة: المنفي والتأكيدي والتخفيفي والتوصيفي، وحاصل المصدر، واسم المصدر، واعتبارات المصدر الخفيف والثقيل. وجاء الفصل الثالث في مشتقات المصدر التسعة، وهي الأمر والنهي والماضي والمضارع والحال والاستقبال والوجوبي والالتزامي والشَّرطي. وجاء الفصل الرابع في بيان أفعال الإعانة، وهي ثلاث صِيَغ:"ايدي"للماضي الشهودي، وپ"ايمش"للماضي النقلي بمعنى كان، وپ"ايسه"للصيغة الشرطية بمعنى إنْ كان. وجاء الفصل الخامس في بيان فرع الفعل الذي يدلّ على ذات مُتّصف بالمعنى المصدري مقارن للزمان، وهو خمسة أنواع: اسم الفاعل، واسم المفعول، ومبالغة اسم الفاعل، والصفة المشبهة، واسم الآلة. وجاء الفصل السادس في صيغ الرابط الخمسة: العطفية، والتوقيتية، والتعقيبية، والانتهائية، والابتدائية. وتبعتها الصيغة التأكيدية، وصيغة الوصل والانتقال. وتبعت ذلك ثلاث مكالمات باللغتين العربية والعثمانية. وجاء الباب الثاني في ستة فصول، أولها في بيان الاسم، وأقسامه من عام وخاصّ، وخواص الأسماء الكيفية والكمية، وأحوال الاسم السبعة في التركيب، وهي: مجرد ، ومفعول به، ومفعول إليه، ومفعول فيه، والمفعول منه، والمفعول معه، ومضاف. وجاء الفصل الثاني في أسماء الأعداد الأربعة، الأصلية، والرتبية، والكسرية، والتوزيعية. وجاء الفصل الثالث في الضمائر وتفرعاتها الخمسة، الشخصي، والإضافي، والوصفي، والنسبي، والفعلي. وجاء الفصل الرابع في الصفة وأفرادها من تأكيدية، وتفضيلية، ومبالغة، وتقليلية، وتبع ذلك التركيب الوصفي، والوصف التركيبي. وجاء الفصل الخامس في اسم الإشارة والمبهمات، وهي الكلمات المستعملة للتكلم بدون إعلام شخص أو شيء، ويكون معناها الإبهام، ويستعمل في مقامها باللغة العربية ذات. نفس وتتبع ذلك ظروف الزمان والمكان وظروف المقدار والدرجة، وأدوات الإقرار والإنكار، والتركيبات الحالية. وجاء الفصل السادس في الأدوات، وهي أدوات النداء، وأدوات التعليل، وأدوات الحال، وأدوات الشرط، وأدوات التصديق والإشارة، وأدوات الحصر، وأدوات التفضيل، وأدوات الرجاء، وأدوات التأكيد، وأدوات التصديق، وأدوات التمثيل والتشبيه، وأدوات الإيضاح، وأدوات الاستثناء، وغير ذلك من الأدوات التي تستعمل في اللغة العثمانية القديمة واللغة التركية الحديثة، وتبعت ذلك مكالمات تتعلق بالدروس، وتتعدّد مواضيعها لتشمل معظم الشؤون اليومية التي يدور الحوار حولها. وجاء الباب الثالث، وفيه أربعة فصول، الفصل الأول في النحو، والثاني في بناء الجملة وتراكيبها، والثالث في المكالمات التي تدور حول التحيات، والعزيمة والعود، والشكر، والزيارات والسفر، والاستشارة والحوادث، والسؤال والجواب، والأكل والشرب، والفصول والأوقات والمناخ، وخصص الفصل الرابع للأمثال الأدبية، وتبعها كشف بالألقاب الممنوحة لأصحاب الرتب، وألقاب المناصب العلمية، وبعد ذلك تضمنت الطبعة الثانية تقاريظ أدبية كتبها مدير المكتب الاعدادي في بيروت محمد توفيق، وبيكباشي النظامية الأديب مصطفى خلقي، وكاتب ولاية بيروت عارف أفندي رمضان زادة، ومالك المكتب الإعدادي في بيروت عبد الكريم أفندي، وتبع ذلك فهرس الكتاب. بعد الاطلاع على الكتب الثلاثة التي صنفها أبناء عائلة الأنسي دفعني حُبُّ البحث إلى التنقيب عن أصول هذه العائلة التي أغنت الثقافة العربة والإسلامية بالكثير من المصنفات، فتبين لي أن جدَّ هذه الأسرة هو القاضي الشاعر الأديب عبداللطيف المعروف بأُنسي، وأصله من مدينة كوتاهية التركية، وقد كتب الشعر بالعربية والتركية، تولى مناصب الأوقاف والقضاء في مصر سنة 1028 ه/ ، ثم صار قاضياً في طرابلس الشام سنة 1048 ه/ ثم قضاء مكةالمكرمة، ثم بغداد، ثم عاد إلى قضاء طرابلس مرة ثالثة، ثم قضاء إزمير، ثم قضاء الشام، فقيل في تأريخ ذلك بحساب الجمل:"أزال الله وحشتنا بأنسي"ويستخرج من هذه العبارة أن تاريخ هذه الولاية يعود إلى سنة 1075 ه/ ، وكانت وفاته في دمشق نهار الثلاثاء تاسع عشر جمادى الأولى سنة 1075 ه/ ، وصلي عليه ثاني يوم في الجامع الأموي، ودفن في الحديقة قبالة جامع السنانية بدمشق. وله ترجمة وافية في كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي، المجلد الثالث، ص: 23 36. وفي كتاب نفحة الريحانة، ورشحة طلاء الحانة محمد أمين بن فضل الله بن محب الدين بن محمد المحبي، المجلد الثالث، الترجمة: 143، ص: 39 58. كُتّاب وأدباء الأسرة الأُنسية - الشاعر الأديب المتفِّقه عمر بن محمد ديب بن عرابي بن إبراهيم بن حسين الأنسي البيروتي 1237 1293 ه/ 1821 1876م، نائب قضاء صور الذي درَّس في المدرسة الرشيدية التي أنشأها الشيخ حسن البنا حوالىي سنة 1280ه 1863م، وصاحب ديوان"المورد العذب"الذي جمعه له ابنه عبد الرحمن. انظر الأعلام للزركلي، ج: 5، ص: 64 65، ورواد النهضة، مارون عبود، ص: 77 81. - الأديب محمد الأنسي مؤسس المطبعة الأنسية في بيروت سنة 1895م، وصاحب جريدة روضة المعارف. - محمد أنسي الذي كان حياًّ قبل سنة 1293 ه/ 1876م، وألف كتاب"القواعد العمومية التي تدل على التعليمجي إجراؤها"، وطبع في مصر سنة 1283 ه، وكتاب"الطريقة الأنسية في تعليم العميان القراءة والكتابة بالبلاد الشرقية"وقد طبعته مطبعة وادي النيل في مصر سنة 1291ه. أنظر سركيس: 2/ 1639، ومعجم المؤلفين ج: 9 ، ص: 81. - محمد سليم بك أبو الخير الأنسي، مؤلف كتاب"مطالع البدور في محاسن ربات الخدور"الذي صدر منه جزءان، وصدر الجزء الثالث في مصر، انظر سركيس : 1/483. - الفنان عمر أنسي، ولد في تلة الخياط في بيروت سنة 1901، وتوفى في 3 حزيران سنة 1969، وهو ابن عبدالرحمن طبيب بلدية بيروت، ابن الشاعر عمر أنسي، وقد شارك الفنان عمر الحفيد في المعارض التي نظمتها وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة اللبنانية، وأقام معارض في القاهرة والاسكندرية وبيروت، وفي عام 1922 سافر إلى المملكة الأردنية الهاشمية، ومكث خمس سنوات عند إبن عمه محمد باشا الأنسي رئيس الديوان الملكي، ومدير الثقافة والمعارف، وقد نال الميدالية الفضية في معرض بيروت 1921 ووسام الاستحقاق اللبناني 1947 ووسام الأرز الوطني 1956. وتوفي سنة 1969. ولقب بشاعر النور نظراً للضوء الذي تعكسه لوحاته، وإلى جانب الرسم، كان عمر الأنسي شاعراً وفيلسوفاً، وله مؤلفات تطرق فيها إلى نظرته في أمور الحياة السياسية والاجتماعية والدينية ولا سيما مفهوم العروبة، والمسيحية، وبدعة التقمص، وصدرت أعماله المصورة في كتاب عن متحف سرسق سنة 1997م. لا شكّ في أن معرفة روابط القرابة بين آل الأنسي، وعبد اللطيف المعروف بأنسي، ستفيدنا في تقديم صورة لإحدى العائلات المستعربة التي وضعت بصماتها على الساحة الثقافية، وتدقيق المعلومات واستكمالها يتطلب عملاً جماعياً يسدُّ الخلل، ويكمل العمل الذي نطرحه من خلال هذها المقالة. باحث أكاديمي سوري مقيم في لندن