فيما أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية ان الحكومة لن تسلم بفشل الحوار الوطني الفلسطيني وتؤكد موقفها الداعي الى استمراره، اعربت خمسة فصائل فلسطينية عن ارتياحها لقرار الرئيس محمود عباس تمديد مدة الحوار الى ثلاثة أيام. وفيما اعلنت"حركة الجهاد الاسلامي"انها ستقاطع الاستفتاء الشعبي حول وثيقة الاسرى في حال تنظيمه، وجهت الجبهة الشعبية التي نظمت مسيرة حاشدة في غزة أمس نداء الى حركتي"فتح"و"حماس"دعتهما فيه الى"ضبط النفس والتخلي عن كل مظاهر الاشتباك"، بعدما أخذت شوارع القطاع، خصوصا مدينة غزة، تتحول الى ثكنات عسكرية تمهيداً في ما يبدو لمعركة كسر عظم متوقعة بين الطرفين. في غضون ذلك، شهدت الساعات الاخيرة اتصالات مكثفة فلسطينية - عربية لعقد اجتماع في القاهرة يشارك فيه مسؤولون في السلطة والحكومة وممثلون عن الفصائل الفلسطينية من بينها حركتا"فتح"و"حماس"، بغية التوصل إلى إعلان تفاهمات مشابهة لاعلان القاهرة الذي صدر في ختام الحوار الفلسطيني في آذار مارس من العام الماضي. وقال هنية في كلمة له اثناء الجلسة العاشرة لمجلس الوزراء التي عقدت في مدينتي رام اللهوغزة بواسطة الدائرة التلفزيونية المغلقة"فيديو كونفرنس"امس ان"الحكومة لا يمكن أن تسلم بان الحوار فشل"، مضيفا ان"الحوار لم يفشل". واعتبر هنية انه"لا يمكن الحكم على الحوار من جولة او جولتين، او من لقاء او لقاءين، خصوصاً ان القضايا المطروحة ذات أبعاد استراتيجية تؤثر على حاضر الشعب الفلسطيني ومستقبله". ورأى أن"الفرصة لا تزال قائمة لانجاح الحوار"، مشيداً بجدية كل الفصائل"للوصول الى نتائج مرجوة من هذا الحوار". ودعا الى عقد"مزيد من اللقاءات والحوارات وأن لا نبدأ باستخدام لغة عّد الأيام والوقت كعامل تهديد للساحة الفلسطينية"في اشارة ضمنية الى رفضه قرار الرئيس محمود عباس الذي اتخذه امس بتمديد فترة الحوار ثلاثة أيام اخرى بدأت اعتباراً من أمس. وجدد هنية التشديد على موقف الحكومة"الثابت المطالب بضرورة استمرار الحوار الوطني باعتباره الوسيلة الوحيدة المجمع عليها وطنياً والطريقة الكفيلة لحل الخلافات والاشكالات في اطار الازمات التي يمر بها الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج". واعتبر ان"استحداث أي وسائل لا تحقق الاجماع الوطني يمكن ان تكون مدخلاً لمزيد من الارباكات داخل ساحتنا الفلسطينية"في اشارة الى اصرار الرئيس عباس على تنظيم استفتاء شعبي حول وثيقة الاسرى الفلسطينيين، والذي ترفضه الحكومة نظراً لعدم وجود أي اشارة في القانون الاساسي الدستور الموقت للاستفتاء، وكذلك عدم وجود قانون تفصيلي ينظم عملية الاستفتاء والجهة المشرفة عليه. واشار هنية الى المحادثة الهاتفية المطولة التي اجراها مع الرئيس عباس ودامت 70 دقيقة ليل الاثنين - الثلثاء عندما اعلن الاخير فشل الحوار ونيته اصدار مرسوم رئاسي يحدد فيه موعد اجراء الاستفتاء، بعدما رفض الاقتراح الذي تقدمت به الجبهة الشعبية ويقسم الحوار على ثلاث مراحل كمخرج من ازمة الحوار. واشار الى انه قال للرئيس عباس انه يجب"عدم جعل الوقت سيفاً مسلطاً على رقاب المتحاورين، ومنح الفرصة لكل الفصائل كي تحدد رؤيتها في شكل نهائي، من وثيقة الاسرى التي خرجت من سجن هداريم"الاسرائيلي، حيث اعدها خمسة من قادة الفصائل من بينهم ممثل حركة"حماس". وكان الرئيس عباس عقد اجتماعاً مع الوفد الأمني المصري المقيم في الاراضي الفلسطينية مساء اول من امس لبحث آخر التطوارات المتعلقة بالحوار الوطني وذلك قبل ساعات ست من انتهاء اليوم الاخير من مهلة الايام العشرة التي حددها للتوصل إلى اتفاق، والا فانه سيعرض وثيقة الاسرى على استفتاء شعبي. وفي اعقاب هذا الاجتماع عقد عباس اجتماعاً آخر مع ممثلي الفصائل في مقر الرئاسة بمدينة رام الله وابلغهم انه يعتبر ان الحوار فشل. وقالت مصادر فلسطينية ل"الحياة"ان الرئيس عباس أبدى تصميماً واضحا على عدم تمديد مدة الحوار وكذلك اصراره على اجراء الاستفتاء مهما كلف الثمن. واضافت المصادر ان الرئيس عباس رفض قبول الاقتراح الذي قدمته الجبهة الشعبية والذي وافق عليه هنية وحركة"حماس"وينص على اعتبار ان الحوار مكون من ثلاث مراحل انتهت الأولى منها أول من امس وبدأت الثانية أمس وسيتخللها عقد اجتماع بين عباس وهنية واستمرار الحوار، والثالثة تبدأ بعد اسبوعين وتتضمن اجتماعات للجنة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، واجتماع في الخارج يحضره ممثلو الفصائل والرؤساء الثلاثة. لكن الرئيس عباس تراجع في اللحظة الاخيرة عن قراراته واستجاب لدعوات من قادة عرب لتمديد الحوار، الامر الذي اثار ارتياحا لدى خمسة فصائل هي حركتا"حماس"والجهاد الاسلامي و"الجبهة الشعبية - القيادة العامة"، و"الصاعقة"وجبهة التحرير العربية التي عقدت اجتماعا لها أمس. ودعت الجبهة الشعبية في نداء وجهته الى"فتح"و"حماس"جميع الاطراف الى التعامل الجدي والمسؤول مع الحوار الوطني، معتبرة أن وقف الحوار يعمل على تكريس حال الاستقطاب والتنازع والانقسام والذهاب الى المجهول. ورفض القيادي في"الجهاد الاسلامي"خالد البطش اعتبار ان الحوار فشل، معتبرا ان الحوار لم يبدأ بعد وأن"حركة الجهاد"لم تشارك في جلساته في رام الله لاسباب أمنية. وجدد البطش رفض الحركة فكرة اجراء استفتاء شعبي، مشيرا الى انها ستدعو الفلسطينيين الى مقاطعة الاستفتاء في حال تنظيمه. وكان رئيس كتلة"حماس"البرلمانية الدكتور خليل الحية قال في مؤتمر صحافي ليل الاثنين - الثلثاء مع الناطق باسم"حماس"سامي ابو زهري ان "حماس"فوجئت باعلان عباس عن فشل الحوار. وقال الحية ان حماس"جادة في المشاركة في الحوار على أساس وثيقة الاسرى كأرضية صالحة للحوار الى جانب البيان الختامي الصادر عن مؤتمر الحوار الوطني. ووجه ابو زهري"دعوة الى عباس حفاظاً على شعبنا وثوابتنا ان يعيد النظر في هذا الموقف لانه لا يوجد أي مبرر لطرح فكرة الاستفتاء طالما اننا في حركتي"حماس"و"الجهاد"نقول اننا جاهزون ومستعدون للحوار".