مع اقتراب نهاية الايام العشرة التي حددها الرئيس محمود عباس ابو مازن سقفاً للحوار الوطني، لم تظهر حركة"حماس"أي اشارات قبول ل"وثيقة الاسرى"موضع الحوار، ما أشاع كثيراً من التوقعات بفشل هذا الحوار ولجوء عباس الى الاستفتاء الشعبي. وامتنعت"حماس"عن المشاركة في جلسات الحوار التي جرت طوال الاسبوع الماضي، خصوصاً جلسة الحوار ليل السبت - الاحد في رام الله بحضور الرئيس عباس لدى عودته من الخارج، وهو ما أثار استياء الرئيس الذي شكل لجنة خاصة كلفها الاتصال مع قادة"حماس"والاستفسار عن سبب تغيبهم عن الحوار وعن موقفهم من"وثيقة الاسرى". وتألفت اللجنة من كل من رئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز الدويك والرئيس السابق للمجلس روحي فتوح ورجل الاعمال المعروف منيب المصري الذي يشارك في الحوار ممثلا عن القطاع الخاص الفلسطيني القلق على مصير الاقتصاد في ظل الحصار المتواصل على حكومة"حماس". وتوجه امس المصري الى غزة ممثلا عن لجنة الحوار في رام الله للقاء رئيس الحكومة اسماعيل هنية والوقوف منه على الموقف الحقيقي ل"حماس"من"وثيقة الاسرى". وفي اشارة الى فشل الحوار في تحقيق تقدم، قال الدويك للصحافيين عقب لقاء اللجنة امس:"نواجه مشكلة اجرائية كبيرة، فالاخوة في حماس يريدون للحوار ان ينتقل الى غزة، والاخوة هنا يريدونه في رام الله". وكانت حركة"فتح"رفضت مبرر"حماس"هذا واتهمتها باستخدامه لتبرير تهربها من الحوار ومن المسؤولية. وقال ممثل"فتح"الى الحوار عزام الاحمد:"واضح ان الاخوة في حماس يبحثون عن مبرر لتأجيل الحوار وتعطيله وكسر كلام الرئيس، المشكلة ليست اجرائية على الاطلاق، يمكنهم ان يبلغونا موقفهم هاتفيا او عبر الفاكس". واضاف:"هناك نقطتا خلاف بيننا في وثيقة الاسرى هما مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، ومن دون موافقتهم على هاتين النقطتين، فان العالم لن يقبل رفع الحصار". وتابع:"لا مشكلة لدينا في موقف حماس ولتعلن ما تشاء، اما اذا اردنا رفع الحصار عن شعبنا فلا بد لنا من استجابة الشروط الدولية التي لا تعد تنازلا عن حقوقنا". واكد ان عباس ماض في اجراء الاستفتاء الشعبي على"وثيقة الاسرى"في حال عدم موافقة"حماس"على الوثيقة في فترة الايام العشرة التي حددها الرئيس والتي تنتهي مساء اليوم. يذكر ان"حماس"ترفض البندين الرابع والسابع في الوثيقة المؤلفة من 18 بنداً. وينص البند الرابع على"وضع خطة فلسطينية للتحرك السياسي الشامل وتوحيد الخطاب السياسي الفلسطيني على أساس برنامج الاجماع الوطني برنامج منظمة التحرير الفلسطينية والشرعية العربية مبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت وقرارات الشرعية الدولية". اما البند السابع فينص على ان"ادارة المفاوضات هي من صلاحيات منظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس السلطة الوطنية على قاعدة التمسك بالاهداف الوطنية وتحقيقها، على أن يتم عرض أي اتفاق مصيري على المجلس الوطني الفلسطيني الجديد بعد اعادة تفعيل منظمة التحرير وبنائها على أسس جديدة للتصديق عليه، او اجراء استفتاء عام حيث ما امكن". تعديلات"حماس"على الوثيقة وعلمت"الحياة"ان"حماس"اجرت تعديلات على"وثيقة الاسرى"على نحو ينسفها ويجعلها غير صالحة لتحقيق اختراق للموقف الدولي كما يأمل الرئيس عباس. وحملت التعديلات المقترحة من"حماس"عبارات عامة عن الثوابت الفلسطينية واشترطت اقترانها بالحقوق الفلسطينية وعدم الاعتراف باسرائيل قبل ان تعترف بالحقوق الفلسطينية. واعتبر مسؤولون في"فتح"ان اي تعديلات على الوثيقة قد تفقدها مضمونها وتجعلها تاليا غير مقبولة من المجتمع الدولي، خصوصا اللجنة الرباعية. وافاد مسؤول رفيع في"حماس"ل"الحياة":"حماس لن تخلع ثوبها والتعديلات ضرورية كي نتجنب اي تنازلات مجانية". وتقول مصادر مقربة من"حماس"ان الحركة تشهد جدلا داخليا كبيرا في شأن الاعتراف باسرائيل وانها خلصت الى نتيجة مفادها ان الاعتراف خطر على وحدة الحركة، وانها تفضل بالتالي الخروج من الحكم على الاقدام على خطوة اشكالية من هذا النوع. حكومة"حماس"ترفض الاستفتاء وفي غزة، استبق هنية وصول وفد اللجنة واعلن ان اجراء الاستفتاء الشعبي غير قانوني، وقال في مؤتمر صحافي عقده في اعقاب زيارته وزارة المال في مدينة غزة أمس:"ما بين أيدينا من نصوص القانون الاساسي الفلسطيني الدستور الموقت ومن مذكرات فقهاء القانون والقانون الدولي، لا تجيز اجراء استفتاءات في الاراضي الفلسطينية"من ناحية قانونية ودستورية. واضاف:"اما من الناحية السياسية، فالاستفتاء موضوع يحتاج الى عمق اكبر في الدراسة الدرس، خصوصا انه لم يمض على الانتخابات التشريعية سوى أشهر، وبالتالي موضوع الاستفتاء ليس بهذه السهولة او البساطة او اليسر". يُذكر انه لم ترد في القانون الاساسي المعدل أي اشارة الى اجراء استفتاء في الاراضي الفلسطينية، وهي ربما تكون القاعدة التي استند اليها القانونيون الذين اشار اليهم هنية في تصريحاته. وتزامنت تصريحات هنية مع تصريحات مماثلة لرئيس المجلس التشريعي الذي وصف الاستفتاء على"وثيقة الاسرى"بأنه"غير قانوني ومخالف للقانون الاساسي الفلسطيني"، معتبرا انه"يأتي لابتزاز الشعب الفلسطيني وانتزاع اعتراف منه، فإما أن تعطينا رأيك، بل وتوافق على ما نطرحه عليك، واما ان تموت جوعاً". ورأى ان في ذلك"انتقاصاً من الديموقراطية، ونزع واحد من عناصرها". "انقلاب ابيض"؟ وبعد رفض رئيسي السلطتين التنفيذية والتشريعية هنية والدويك لاجراء الاستفتاء، جاء دور"حماس"التي ينتمي اليها الرئيسان لتعلن بكل وضوح، وبعد تردد دام اياما عدة، رفضها اجراء الاستفتاء ومقاطعة جلسات الحوار في رام الله. وذهبت الحركة الى ابعد من ذلك ووصفت ما يجري من حوارات في رام الله بأنه"انقلاب ابيض"، داعية الى نقل الحوار الى غزة، وهو ما يدعمه هنية والدويك، وايضا حركة"الجهاد الاسلامي"لاسباب امنية. وقال الناطق باسم"حماس"سامي أبو زهري انه"من ناحية قانونية، لا يوجد أي نص قانوني يخول الرئيس عباس اجراء استفتاء، وفي الوقت ذاته لا يوجد قانون ينظم اجراء عملية الاستفتاء". واعتبر ان الاستفتاء من ناحية سياسية"يعني الانقلاب على العملية الانتخابية الاخيرة، ويمثل انقلابا ابيض على الحكومة الفلسطينية". ورأى ان"الاستفتاء سيتجاوز ثلثي الشعب الفلسطيني"، في اشارة الى اكثر من خمسة ملايين فلسطيني في الشتات"لاننا نتحدث عن قضايا وطنية تخص الجميع، وبالتالي أي استفتاء يجب ان يشارك فيه جميع أبناء الشعب الفلسطيني". وابدى استغرابه"طرح موضوع الاستفتاء في هذا التوقيت"، اضافة الى انه"اهدار للمال العام الفلسطيني في لحظة يتعرض فيها شعبنا للتجويع... والاولى ان نصرفه على الشعب الفلسطيني لا هدره في استفتاءات لا تهدف الا الى فرض تنازلات على الشعب".