في كل موسم امتحانات، كالذي يطلّ على الطلبة هذه الأيام، تنهض إلى بال طالب العلم أسئلة تبحث عن طريقة مثلى لجمع العلامات: هل ستكفي المذاكرة، في ما هي طريقة تحصيل العلامات التقليدية، للنجاح؟ ماذا عن الغش؟ قد يكون طريق الغش في الامتحانات، نحو العلامة الأعلى، صعباً ومحفوفاً بالمخاطر. لكنه لشباب كثيرين، طريق مغامرة وتسلية، ومرحلة لا بد من تجربتها، خصوصاً أنها تجربة خاضعة دوماً للتجدد. إذ أن أساليب الغش الحديثة تعتمد على التكنولوجيا، بدلاً من الأساليب اليدوية التقليدية، مسخّرة بالتالي كل ما يجود به العلم لخدمة سبل التواصل الإنساني، الإيجابي في الغالب، إلى طريقة جديدة للغش. حنان، الطالبة الجامعية في سنتها الأولى، ترى أن الغش اليوم لم يعد كما كان، مجرد وسيلة للحصول على العلامة. تقول:"الغش اليوم"عملية"متكاملة، تستخدم فيها كل الأسلحة التكنولوجية، وبخاصة الهاتف النقال. فهو يستطيع تصوير صفحات الكتب، وإرسال هذه الصور إلى الطلبة من طريقة تقنية"بلو توث"، خلال الامتحان". وحنان، التي تصرّ على أنها لا تفضّل الغش كسبيل للحصول على علامة جيدة في نهاية الفصل الدراسي، تلقي باللوم على النظام التعليمي"المتهالك"وتعتبره السبب الرئيسي لانتشار هذه الظاهرة السلبية. تقول:"لأن المناهج التي ندرسها، سواء في المدرسة أو في الجامعة، تعتمد على الحفظ والتلقين، فإن الغش طريق سهل للوصول إلى العلامة. هذا علاوة على أن ما ندرسه لا علاقة له بالعمل على أرض الواقع. هذا يمنح الغش"شرعية"وبعداً أخلاقياً ويجعله خياراً أساسياً يعتمد عليه الطالب". لكن حنان تؤكد أن الطلبة لا يضعون جلّ ثقلهم في الغش في الامتحانات لتحصيل العلامة الجيدة، إذ أن"الغش يأتي للمساعدة فقط. فمن الصعب أن يغش الطالب الجزء الأكبر من الامتحان. لكن لا بد من أن المراقب ينتبه في إحدى لحظات الغش اللافتة للنظر". في المقابل، تعتبر أماني، العاطلة من العمل الآن والتي تعتبر نفسها"غشاشة متقاعدة"، أن الوقت الذي كانت تقضيه وهي تحضّر لغش طويل لدرجة كان يسمح لها أن تدرس فيه. تقول:"كنّا نكتب على أسطح الدروج، وحتى على ملابسنا في بعض الأحيان، وكان هذا يستغرق وقتاً طويلاً كان يمكن أن نستثمره في الدراسة. كنّا نحسب الأمر على طريقة"ما حدا أحسن من حدا". فالجميع يغش، وهذه سنة العلم. أعتقد بأنني لم أجد عملاً لغاية الآن لأنني كنت أغش كثيراً في امتحاناتي. أحس بأنني أدفع ثمن ما فعلته سابقاً. على كل حال لست الوحيدة التي كانت تغش، ولست الوحيدة العاطلة من العمل الآن". وأماني تعتقد بأن"العقاب لا يجعل الطالب يهاب من احتمالية كشفه. إذ نادراً ما يعاقب الطالب الذي يضبط وهو يغش خلال الامتحان متلبساً وفق التعليمات، وهو ما قد يعني رسوبه". على أن أماني لا ترى غش الطلاب في الامتحانات أمراً سلبياً بحد ذاته، فهي تتفق مع حنان في وجهة نظرها التي تلقي اللوم على أنظمة التعليم"التلقينية"وتجعلها السبب الرئيس في انتشار ظاهرة الغش، لكنها تخشى أمراً آخر تماماً، أبعد من إطار الجامعة:"لا أدري، هل من يعتمد على الغش طريقاً في الدراسة، يستسيغه لاحقاً، ليغدو غشاشاً في حياته العملية؟ بالنسبة اليّ، أنا لا أغش الآن".