الارجح ان منظمي"منتدى إنتل للمطورين - الشرق الاوسط"Intel Developers Forum- Middle East حرصوا على إعطاء عودته الى القاهرة طابعاً احتفالياً، لا يتعارض مع طابعه التقني واللوجستي. والمعلوم ان شركة"انتل"تُنظّم سنوياً هذا اللقاء الذي يهدف الى تعريف صناعة المعلوماتية بأحدث ما تعمل عليه الشركة من تقنيات، خصوصاً انها تعتبر العملاق الأول في عالم صناعة الرقاقات الالكترونية، وتسير به في غير بلد. ومنذ السنة الماضية، بات الشرق الاوسط جزءاً من أمكنة المنتدى. وحينها، اختارت الشركة القاهرة باباً لدخول منتداها الى هذه المنطقة. وجددت الخيار عينه العام الجاري. حفل المنتدى الذي اختتم الأسبوع الماضي بمفاجأت، ربما تمثّل أهمها، بالنسبة إلى العالم العربي، بارتقاء السوق المصرية، عبر سعيها الى صعود السلّم المعلوماتي، من خلال الانتقال المُتدرّج من مرحلة الاستهلاك الى المساهمة في الإنتاج والتطوير. ولعله أمر مهم بالنسبة الى بلد عربي وعالمثالثي. وقد شارك في المنتدى القاهري أكثر من 600 ممثل عن الشركات المعروفة في مجال تكنولوجيا الاتصالات، إضافة الى مطورين ومسؤولين في مجال التعليم واستشاريين وممثلين عن شركات البرمجيات العربية واستشارات تكنولوجيا المعلومات وقطاع التدريب. وتولت"الحياة"الرعاية الإعلامية لهذا الحدث. في ظلال موجات"واي ماكس" في سياق هذا المسعى، أعلنت شركة"انتل كابيتال" Intel Capital، وهي الذراع الاستثمارية التي تستعملها"انتل"لتمويل المشاريع المشتركة، عن تحالف مع شركة"أوراسكوم تليكوم"المصرية للخليويات التي يديرها نجيب ساويروس في مجال شبكات ال"واي ماكس"Wi Max. ويختصر المصطلح عبارة"التعامل المتبادل عالمياً بموجات المايكرو-وايف"Worldwide Interoperability for Microwave Access. وأفضى التحالف الى ولادة شركة"أوراسكوم تليكوم واي ماكس المحدودة"المصرية. والمعلوم ان"أوراسكوم تليكوم"تعمل راهناً في مجموعة من أسواق الشرق الأوسط وأإفريقيا وجنوب آسيا. وتقضي هذه الشراكة بنشر الاتصالات عريضة النطاق بالإنترنت وذات التكلفة المخفوضة، عبر شبكات واي ماكس. وبذلك تكون شركة"أوراسكوم تليكوم واي ماكس"أول مشروع استثماري لشركة"انتل كابيتال"منذ تأسيسها في تشرين الثاني نوفمبر 2005. والمعلوم ان تقنية الپ"واي ماكس"تمثّل الوسيلة الأكثر تقدماً في الوقت الراهن، في الاتصال اللاسلكي مع الانترنت. وتعتمد على موجات البث القصيرة جداً المايكرو- وايف، وهي موجات راديو مستخدمة كثيراً في شبكات الهواتف التقليدية وخصوصاً شبكات المكالمات العالمية، في نقل البيانات. وبعبارة أُخرى، تستعمل"واي - ماكس"موجات المايكرو - وايف كأداة للاتصال اللاسلكي بين أجهزة المستخدمين والانترنت، ما يمكنها من نقل كمية كبيرة من البيانات، ولمسافات طويلة. ويمكن النظر اليها باعتبارها أداة مُكبّرة عن وسائل الاتصال اللاسلكي مع الانترنت، مثل شبكات"واي - فاي"و"بلوتوث"وغيرهما. وعلى الصعيد التقني، تعيد تقنية"واي ماكس"الاعتبار الى الانترنت كوسيلة للاتصال الهاتفي السريع، ما جعل كثيراً من الاختصاصيين يرون فيها مقدمة لانتشار هواتف الانترنت مُجدداً لتُنافس الخليويات والهواتف العادية. وبسبب من قدرة"واي - ماكس"على حمل كمية ضخمة من البيانات الرقمية عبر موجاتها، فانها تصلح لإيصال"الانترنت السريعة"الى المستخدم الفردي، من دون الاضطرار الى الارتباط بالشبكات المركزية للوصول الى الشبكة الدولية للكومبيوتر. كما تساهم"واي - فاي"بفعالية في نشر خدمة الإنترنت فائق السرعة في المناطق الصناعية الجديدة التي تستخدم تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات بكثافة، إضافة إلى نشرها في المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها باستخدام الشبكات السلكية. إذاً، يُعبر التحالف بين"إنتل"و"اوراسكوم"عن مُجاراة تقنية للتطورات المتسارعة في عالمي المعلوماتية والاتصالات. وقد ركز"منتدى انتل"كثيراً من جهده لشرح أبعاد هذه الخطوة. ويُذكر ان كريغ باريت، رئيس"إنتل"أطلق، في تشرين الثاني 2005، صندوقاً لتنمية التكنولوجيا بقيمة 50 مليون دولار أميركي للشرق الأوسط. ويبدو ان مصر نالت حصة الاسد من هذا المشروع. وجاء إعلان باريت خلال"القمة العالمية للمعلومات"الذي استضافته تونس. صعوبات التحوّل المعلوماتي مصرياً لا يزيد عدد مستخدمي الانترنت في مصر على خمسة ملايين شخص، في بلد يفوق عدد سكانه السبعين مليوناً. ولا تزال الأُميّة الالفبائية شائعة في أرض الكنانة، على رغم الجهود المستمرة لخفضها. وتشمل تلك الأُميّة نحو 12 مليوناً و42 ألف نسمة، وفق تقرير حكومي عن مؤشرات السكان صدر في السنة الفائتة. وتضع تلك الأرقام التحوّل المعلوماتي في مصر على محك صعب. والارجح ان ذلك ما قصده المدير العام لپ"إنتل"في أوروبا والشرق الأوسط وافريقيا غوردن غرايليش، في كلمة الافتتاح، عندما نوّه بالتحول الرقمي والمعلوماتي الذي تشهده مصر راهناً، والذي يعتبر علامة نجاح بارزة في الاسواق النامية. وأشار الى ان شركته"تستثمر بكثافة في الخبرات الكامنة في المنطقة من خلال مراكز الكفاءات التقنية المتخصصة مثل"مختبرات تمكين البرمجيات"وپ"مراكز تحديد المنصات"وپ"مراكز المكالمات"وغيرها من المشاريع التقنية". وأضاف"إننا نقود جهود تمكين الوصول الرقمي في التعليم وفي البرامج الموجهة لخدمة المجتمعات، وكذلك ندعم مبادرات الأعمال المحلية. ونعتبر مصر مثالاً متألقاً على كيفية تسريع عملية تطوير التكنولوجيا في الشرق الأوسط وتبنيها، وبالتالي المساهمة في تنمية الاقتصاد المحلي وتحسين مستويات معيشة الناس". وفي نفس مُشابه، تحدث مسؤولون آخرون من"إنتل"، مثل روبرت كرووك، نائب الرئيس والمدير العام لمجموعة العملاء التجاريين، وكريس اس توماس، المدير العام لمجموعة تطوير أسواق الحلول. وقد تحدث الأخير عن التقنيات النقّالة كقوة دافعة وراء الثورة الرقمية في الوقت الراهن. وتضافر حرّ القاهرة الذي ارتفع مع نهاية الربيع، والاجراءات الأمنية في مشكلة انتظار السياح في الباصات ريثما ينتهي رجال الأمن من تفحص السيارة أو الباص. والحال ان الآتي من لبنان لا يستغرب هذا الأمر. ففي كلا البلدين عُزّزت الإجراءات الأمنية، لا سيما في الأماكن والمنتجعات والفنادق التي تعتبر معقلاً للسياح الأجانب والعرب. ومثلاً، عبّر فادي الذي يعمل في أحد الفنادق، عن اعتقاده بأن عدد السياح قليل هذه السنة، بسبب الاضطرابات الأمنية الحاصلة في هذه المنطقة. الا أنّ هذه الأمور لم تمنع"إنتل"من عقد منتداها الشرق أوسطي، الذي ركّز على ماهية احتياجات المستخدم في هذه المنطقة من العالم. وشهد المنتدى أيضاً إطلاق أول برنامج عربي للبحث المكتبي. فبالتعاون مع"إنتل"، أطلقت شركة"الخدمات الدولية لانظمة المعلومات" ISIS المتخصصة في برمجيات الكومبيوتر البرنامج كجزء من حملة ترويجية موجهة الى المستهلكين في مصر. وزاد في إغراء الحدث ان البرنامج عرض بعد تركيبه على كومبيوتر محمول مخفوض الكلفة، صُنع في اطار مبادرة"اكتشف الحاسوب"من"إنتل". وصُمّم هذا البرنامج استناداً الى نموذج مُشابه سبق لمحرك البحث"غوغل"صنعه. ويتركز عمله على البحث بكفاءة عن المعلومات ضمن الملفات المُخزّنة في كومبيوتر المستخدم. ويتوقع ان يمنح دعماً كبيراً لمستخدمي الحاسوب العرب. والحال انه صُنع بالتنسيق بين اختصاصيي الشركة المصرية و"إنتل"، لذا طُوّرت خصائصه بحيث يتوافق مع التكنولوجيا المستعملة في رقاقات"إنتل"مثل"خيوط المعالجة المتعددة"Hyper Threading و"النواة الثنائية"Dual Core، ما يمنحه زيادة في الاداء تصل الى 30 في المئة. وشهد المنتدى عرضاً تفصيلياً لمنصة معلوماتية تتخصص في إدارة خوادم"سيرفر"Servers الانترنت تحمل اسم"بنزلي"Bensley. وأطلقت محلياً بالتزامن مع طرحها عالمياً. وتعتمد على مجموعة من التكنولوجيات المتطورة، بما فيها تقنيات المحاكاة الافتراضية Virtualization. وأخيراً، يصعب عدم الاشارة الى ان الطاقة هي الهم الأكبر الذي خيم على المنتدى، فراح الخبراء يتحدثون عن رقاقة الكترونية مرتفعة الأداء ولا تستهلك سوى القليل من الكهرباء، وهذا هو التحدي الأكبر في عالم اليوم الذي يحتاج إلى سرعة في الأداء وكفاءات وقدرات عالية مع توفير الطاقة التي تزداد أزمتها يوماً بعد يوم في أنحاء العالم.