قال الرئيس السوري بشار الأسد في حديثه الى"الحياة"ان الدور الإيراني"ضروري للاستقرار والمشكلة غياب الدور العربي". لا أحد يشك في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم بأهمية ايران. فإيران ثالث دولة نفطية في الخليج بعد السعودية والعراق. وتاريخ ايران عريق وشعبها كبير. وما من شك في ان العرض الأميركي - البريطاني - الفرنسي - الألماني لإيران بموافقة روسيا والصين مغر جداً لهذا البلد الذي يقوم حالياً بتطوير سلاح نووي بحسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. مهما ردد المسؤولون الإيرانيون ان تخصيب اليورانيوم الذي يتم حالياً هو لأغراض مدنية، فإن الجميع يعرف أن أغراضه عسكرية وبهدف الهيمنة في المنطقة. فإذا وافقت ايران على العرض الغربي ينبغي ألا تحوّل هذا المكسب الديبلوماسي الى تعزيز توجه"الدعوة"التي نشأت في سياستها منذ قيام الجمهورية الإسلامية بزعامة آية الله الخميني. فما يحدث حالياً في العراق وأيضاً في لبنان يظهر ان الدور الإيراني يزداد تأثيراً. وتقول مصادر مختلفة على سبيل المثال ان ايران تقدّم دعماً مالياً الى حلفائها في لبنان،"حزب الله"وغيره، تقدّر ب220 مليون دولار سنوياً. كما ان ايران لها أهمية كبرى في مساعدة الأطراف الشيعية المختلفين في العراق. وإذا كانت المفاوضات حول الملف النووي بين ايران والغرب، وخصوصاً الولاياتالمتحدة إيجابية، لأن لا أحد يريد حرباً أخرى في المنطقة او تدخلاً اميركياً عسكرياً في ايران، فاإن المفاوضات الغربية مع ايران اذا تمت وإذا قبلت ايران العرض الغربي فإن ذلك يعني ان الغرب يعترف بدور لها وبمصالحها. لكن هذا لا يعني اعترافاً بدور توسعي لإيران وباستمرار الدعوة التي بدأت مع ثورة 1979. فكل الدول الكبرى في المنطقة لها دور ومصالح لكنها تتعامل مع الدول الاخرى انطلاقا من احترام سيادة هذه الدول وعدم التدخل في شؤونها. ومن الطبيعي ان سورية، حليفة ايران، ترى ضرورة دور إيراني في المنطقة لأن الدعم الإيراني كان اساسيا للنفوذ السوري في لبنان منذ ثلاثين سنة، وتعاني سورية الآن من عزلتها الدولية. واحتمال فتح المفاوضات بين ايرانوالولاياتالمتحدة قد يعطي انطباعاً، كما اوحى بذلك الرئيس الأسد في حديثه لرئيس تحرير"الحياة"، بأن هذه المفاوضات هي لمصلحة سورية التي ستعود وتقوى في لبنان، ويرى الغرب عكس ذلك لأنه يعتبر ان سورية هي الخاصرة الرخوة في الحلف الإيراني - السوري، وأن أي تقارب اميركي - ايراني وإيراني -غربي سيؤدي الى إضعاف نيات اعادة الهيمنة السورية في لبنان. والسؤال المطروح الآن هو: هل نضجت سياسة ايران أم انها تريد استخدام مفاوضاتها مع الغرب، اذا تمت، لتعزيز موقعها في العالم الإسلامي؟