انتقد الكاتب التلفزيوني والروائي السوري خالد خليفة واقع الدراما السورية والعربية، وقال أن"ثمة ملاحظات كثيرة يمكن الإشارة إليها لعل أهمها، خضوع كل الأعمال الدرامية لمنطق التمويل الذي يقتصر على الإنتاج الربحي والمسلّي، من دون البحث في إيجاد دور حقيقي يمكن أن تلعبه هذه الدراما في مجتمعاتنا"، لافتا إلى إشكاليات تكتنف طبيعة العلاقة بين السيناريست وشركات الإنتاج التي غالباً ما يصطف وراءها عدد كبير من المخرجين والممثلين النجوم، أي المتنفذين،"الذين يدافعون عن أفكارهم المحدودة، أما الاستثناءات اللامعة القليلة التي تظهر في الدراما السورية فتموت في المهد ولا تستطيع تشكيل تيار يفضي إلى جعل الدراما السورية ميداناً حراً لتبادل الأفكار". وأضاف خليفة أن هذه الاستثناءات القليلة التي تحاول أن تغرد خارج السرب السائد تربح معركة وتخسر معارك،"فأنا لا أستطيع فهم سبب إسناد مناصب إدارية مرموقة في شركات إنتاج الى فنانين غير موهوبين"في الادارة على الأقل في إشارة إلى أيمن زيدان الذي أدار شركة الشام، وسلوم حداد شركة الصقر العربي، والمخرج هشام شربتجي شركة الشام، والمخرج عماد سيف الدين الذي أدار شركة لين.... وهو يطرح تساؤلاً:"أي تقاليد كرسها هؤلاء الفنانون؟ مجيباً أن"هذه التجارب الفاشلة تحتاج إلى مراجعة شاملة كي نرمم الأخطاء الكثيرة التي أرتكبت"، وأحد أهم هذه الأخطاء، في رأي خليفة، هو"استبعاد مواهب بارزة في الكتابة والتمثيل والإخراج، كأن يستبعد ممثل موهوب مثل فارس الحلو، والسبب لا يكمن في خلاف فني بل لأن المطلوب هو العمل تحت سقف ما يراه هذا المدير أو ذاك"، مؤكداً بأن هذا الأمر"خلق أرضية للكراهية والتناحر في الوسط الفني، كما أسهم في تقديم مسلسلات رديئة". حقوق الغير وتابع خليفة بأن"هؤلاء المدراء لم يراعوا حقوق الغير، كما فعلت شركة الشام حين استنسخت من مسلسل"عيلة خمس نجوم"مسلسلات تحت عنوان"عيلة ست نجوم"و"سبع نجوم"...الخ، في محاولة لتحقيق نجاحات بناء على النجاح الذي حققه المسلسل الأول الذي كتبه حكم البابا من دون أن يشار إلى إسمه في الأجزاء التالية. ولو لم يكن الأمر كذلك فلماذا لم يسموا الأجزاء اللاحقة، مثلاً، كما يتساءل خليفة في سخرية بعناوين من قبيل"أربع خزانات"، أو"ثلاث نوافذ"؟ وعن هموم كاتب السيناريو العربي يقول خليفة بأن"الهموم تتفاوت من كاتب إلى آخر"، وضرب مثلاً كي يظهر جزءاً من هذه الهموم فقال إن نص"سيرة آل الجلالي"بقي في أدراج مكاتب شركات الإنتاج 3 سنوات، مشيراً إلى أن هذا النص"لم يكن يحتاج إلا إلى منتج يعرف القراءة كي يدرك بأن النص يستأهل فرصة إنتاج جيدة". ونوه خليفة بموهبة المخرج السوري هيثم حقي الذي"تبنى هذا العمل فحقق لدى إنتاجه قبل سنوات نجاحاً لافتاً". وأعرب خليفة عن استهجانه من"الذائقة الرديئة والسخيفة التي ساهمت في إنتاج الكم الهائل من الأعمال الرديئة"، موضحاً"أنا هنا أتحدث كمشاهد، فمنذ سنوات لم أعد استطيع متابعة أي مسلسل باستثناء القليل جداُ، وعلى رغم ذلك أقرأ مدائح صحافيين اعتقد أن مستواهم المهني يقترب من مستوى العمل الذي يمدحونه". ويشير خليفة هنا إلى ما يسميهپ"المعضلة المتمثلة في غياب النقد الحقيقي المترفع عن الأهواء الشخصية وعن المزاجية"، مؤكداً بأنه"لا يوجد صحافي يعرف قراءة العمل الدرامي بصورة مهنية، فإما أن يكون النقد مدحاً أو هجاء، وفي الحالين لا يمكن العثور على نقد بناء، وهذا يقودنا، كذلك، إلى القول بأن أعمالاً درامية لافتة مرت مرور الكرام، على رغم بعض المقالات المادحة... مثلاً فإن مسلسل"التغريبة الفلسطينية"لحاتم علي الذي حظي بمديح كبير، لم يختلف مديحه عن أعمال متواضعة جداً، وهذا خلط في المعايير". ملوك مجهولون وحول غياب جهد السيناريست، يقول خليفة بأن"المسؤولين على العمل الفني في سورية، مع استثناءات قليلة، يشبهون الموظفين الحكوميين، فهم يكرهون الكتابة والكتاب، ويعتقدون بأن هؤلاء مجرد خدم، بينما هم في الحقيقة ملوك هذه المهنة، وأنا أقرأ حوارات لممثلين لعبوا أدواراً في الأعمال التي كتبت نصوصها، فأظن، لدى قراءة الحوار، بأن من كتب السيناريو شخص غريب ولست أنا، فهم يقولون أشياء كثيرة ويثرثرون بلا طائل لكنهم يتحاشون ذكر اسم السيناريست، وهم يظنون أنفسهم مركز الكون ولا أنظر إليهم إلا بشفقة"، لافتاً إلى أن"الممثل الموهوب يعترف بجهد السيناريست". والمشكلة كما يقول خليفة هي أن"الكثير من الكتاب لا يدافعون عن أنفسهم في شكل منظم. وعدد لا بأس به، هم، كذلك،"أنصاف كتاب لا يعنيهم شيء سوى بيع العمل لشركة الإنتاج، وهؤلاء غالباً ما يوافقون على التشويه الذي قد يحدث لنصوصهم لدى تصويرها. ومع ذلك اعتقد أن ثمة أسماء بارزة من الممكن أن تشكل جبهة ضد السخافة، مع الإشارة إلى أن كثيرين تسلقوا المهنة من دون أدنى موهبة". وحول سطوة الرقابة يقول خليفة بأن"الرقابة التلفزيونية تتجاوز ما يسمى بموظف الرقابة إلى ذوق الجمهور العام الذي بات يشكل الرقيب الحقيقي الأكثر تخلفاً، وهذا الذوق السيئ صنيعة كم هائل من الأفكار الساذجة والمفاهيم المتخلفة، التي يساهم في تكريسها كم كبير من مدعي الفن، أنا اعتقد أن أي عمل تلفزيوني حقيقي خارج الأطر السائدة سيجد تجاوباً، ولاشك، من قسم كبير من الجمهور، ولكن سنجد أيضاً آلاف الرقباء الذين سيطالبون بإعدام هذا العمل. مستنتجاً"نحن أصبحنا أسرى مجموعة أفكار أصولية وفي افضل الحالات أفكار مهادنة لا طعم ولا لون ولا رائحة لها".