غداة المجزرة التي قتلت فيها اسرائيل 14 فلسطينياً وجرحت عشرات آخرين، شهد الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي تصعيداً تمثل في اطلاق"كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية حماس سبعة صواريخ دفعة واحدة على اهداف اسرائيلية، ما اعتبر انهاء للهدنة من جانب الحركة. وفي موازاة ذلك، سجل تصاعد في الخلافات السياسية في الصفوف الفلسطينية تمثل في اصدار الرئيس محمود عباس امس مرسوماً يقضي باجراء استفتاء على وثيقة الاسرى في السادس والعشرين من تموز يوليو المقبل. وردت"حماس"بالقول ان الاستفتاء"انقلاب على الارادة الفلسطينية"واعلنت انها ستتخذ كل الاجراءات القانونية لعدم اجرائه. وفيما توجه الرئيس الفلسطيني الى غزة امس، اعلن رئيس الوزراء اسماعيل هنية انه سيبلغه في لقائهما في المساء رفضه للاستفتاء. وترافقت الخلافات السياسية مع اشتباكات مسلحة بين عناصر في القوة التنفيذية التابعة لحكومة"حماس"وعنصر في جهاز الامن الوقائي الذي قتل احد ضباطه صباح امس بنيران مسلحين يعتقد انهم من"حماس". واطلق اعضاء في القوة التنفيذية النار على موكب المدير العام للأمن الداخلي العميد رشيد ابو شباك اثناء مشاركته في تشييع جثامين الفلسطينيين الذين سقطوا في مجزرة شاطئ بيت لاهيا أول من أمس. وفي غضون ذلك، دعت رئاسة المجلس التشريعي الفلسطيني امس الى عقد"جلسة طارئة"للمجلس الذي يشكل نواب"حماس"غالبية اعضائه للبحث في"قانونية"دعوة الرئيس عباس الى اجراء الاستفتاء. وكان الرئيس عباس اعلن امس عن موعد اجراء الاستفتاء الشعبي حول وثيقة الاسرى في السادس والعشرين من الشهر المقبل في لقاء له في رام الله مع ممثلي مختلف القوى والفصائل ومنظمات المجتمع المدني والمثقفين. وتوجه بعد ذلك الى غزة للشروع في حوار وطني مع مختلف الفصائل آملا ان يتوصل الى اتفاق وطني يعفيه من اللجوء الى هذا الاستفتاء. وفي موازاة ذلك، اعلن عن سلسلة لقاءات تعقد قريبا بين قادة من حركتي"فتح"و"حماس"في العاصمة السورية دمشق للتباحث بشأن رأب الصدع بين الحركتين واعادة احياء وبناء منظمة التحرير. وقال ياسر عبد ربه احد مساعدي عباس ل"الحياة"عقب خطاب عباس:"سيلتقي الرئيس اليوم في غزة رئيس الوزراء اسماعيل هنية وقادة مختلف الفصائل وسيدعوهم الى الشروع في حوار وطني مكثف للتوصل الى اتفاق يغنينا عن اللجوء الى الاستفتاء". وتعهد عباس قبل اعلانه تفاصيل المرسوم الرئاسي بإلغاء الاستفتاء في حال التوصل الى اتفاق خصوصاً وان الكثير من مستشاريه نصحوه بتأجيل الاعلان عن هذا الاستفتاء عقب عمليات القصف والغارات الاسرائيلية على قطاع غزة والتي اسفرت في اليومين الاخيرين عن مقتل 14 مواطناً. وقال عباس:"كثيرون طلبوا مني تأجيل الاعلان عن الاستفتاء، وانا اقول اذا حصل اتفاق غدا او بعد اسبوع او حتى اليوم الأخير قبل اجراء الاستفتاء فإن الأمر محلول". وبرر عباس اللجوء الى الاستفتاء الشعبي بالعمل على رفع الحصار الذي فرضته اسرائيل والغرب على السلطة بعد تشكيل"حماس"الحكومة الفلسطينية. وقال:"لدي قناعة اننا في الوقت الذي نتفق فيه على الوثيقة لا بد ان ينتهي الحصار، وكلما اسرعنا الخطى، كلما وصلنا لانقاذ شعبنا من هذه المأساة. الآن شعبنا محروم من اساسيات الحياة، فالى متى نتحمل ذلك؟ انا مسؤول عن هذا الشعب، مسؤول عن كل انسان فيه، لذلك فانني انطلق من حرصي ومن مسؤوليتي لأقول ان علينا ان نمضي لتخليص شعبنا من الآلام والعذاب". وأعربت"حماس"عن معارضتها الشديدة لقرار عباس اللجوء الى الاستفتاء ورفضها مسبقا لأي نتائج تتمخض عنه، وفق ما جاء على لسان مشير المصري احد الناطقين باسم الحركة. وبالإضافة الى لقاءات عباس مع قادة"حماس"والفصائل في غزة، سيتوجه قبل نهاية الاسبوع الحالي او مطلع الاسبوع المقبل وفد من حركة"فتح"برئاسة امين سر الحركة فاروق القدومي ومشاركة رئيس الوزراء السابق احمد قريع الى دمشق للقاء رئيس المكتب السياسي لحركة"حماس"خالد مشعل وقادة الفصائل الاخرى. وابلغ عباس قادة"فتح"الليلة قبل الماضية انه تصالح مع القدومي وان الاخير سيترأس وفد الحركة الى لقاءات قادة الفصائل في دمشق. ونص المرسوم الرئاسي على مشاركة سكان الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس في الاستفتاء وعلى ان نجاح الاستفتاء يكون بالغالبية المطلقة، أي 50 في المئة فما فوق، على ان ينطبق عليه قانون الانتخابات العامة وتشرف على اجرائه لجنة الانتخابات المركزية.