بدأت الحكومة المصرية خطوات سريعة لتلافي الآثار الضارة التي لحقت بقطاع السياحة والاقتصاد جراء التفجيرات الأخيرة التي ضربت منتجع دهب على البحر الاحمروسيناء، وأطلقت وزارة السياحة حملات تنشيطية للسوق العربية من خلال قوافل تضم مسؤولي السياحة وعدداً من المستثمرين ورجال الأعمال بدأت في أبوظبي ثم تتجه بعدها الى المملكة العربية السعودية والكويت وقطر وعمان وليبيا وتونس والمغرب لجذب أعداد كبيرة من السياح العرب خلال شهور الصيف. وتعكف الحكومة حالياً على إعادة دعم برنامج تحفيز الطيران العارض الى المناطق السياحية لضمان استمرار حركة النقل الجوي الى مصر بدلاً من توقفها وإرجاء سداد الاقساط والفوائد المتعلقة بالقروض الخاصة بالمنشآت السياحية لدى البنوك حتى يتمكن اصحاب القرى والفنادق من استعادة الحركة السياحية اليها في وقت سريع. وكانت الحكومة المصرية أطلقت برنامج تحفيز الطيران العارض في أعقاب أحداث ايلول سبتمبر 2001 الارهابية التي ضربت اميركا وانهيار السياحة العالمية، وحققت له حوالي 33 مليون يورو في كل مطارات مصر. وكان هذا المبلغ مقرراً لمدة ثلاثة شهور، لكن الدعم استمر حوالي 24 شهراً. واعتبر المسؤولون في قطاع السياحة ذلك القرار من أفضل ما أنفقته الحكومة المصرية، لأنه حقق بطريقة غير مباشرة عائدات للسياحة المصرية قدرت بنحو 6 بلايين دولار. وفي أعقاب تفجيرات طابا عام 2004 وشرم الشيخ العام الفائت أعادت الحكومة برنامج الدعم للطيران بنحو 4 ملايين يورو. واستعادت البلاد معدلات الحركة السياحية بعد تفجيرات طابا وشرم الشيخ حيث وصل العام الماضي حوالي 8.6 مليون سائح، وكان يتوقع أن يزورها العام الجاري حوالي 9.5 مليون سائح على الأقل، إلى أن جاءت تفجيرات دهب وسيناء لتلقي بظلالها الكئيبة وعواقبها الوخيمة على صناعة السياحة مرة أخرى. وعلى رغم المخاوف من تعرض السياحة المصرية للانحسار، فمن المتوقع أن الخسائر تكون محدودة بحسب كلام المسؤولين في القطاع السياحي المصري لأن الارهاب طال دولاً عدة في العالم وليس مقصوراً على مصر فقط. وقال مدير الاتحاد المصري لغرف السياحة هشام زعزع ل"الحياة"ان القطاع السياحي يعكف حالياً على دراسة الأدوات التي يستطيع استخدامها لاستعادة المعدلات الطبيعية لحركة السياحة إذا ظهرت نسب الغاءات كبيرة، تبدأ بالحملات التنشيطية والقوافل السياحية لعدد من الدول العربية الى جانب تحفيز علاقات مصر مع منظمي الرحلات الخارجية والدولية ومن ثم استثمار الاعلام الدولي لمصلحة مصر. وسيطلق القطاع السياحي حملة في وسائل الإعلام الدولية محتواها ان مصر غير مستثناة من ظاهرة الارهاب، وهي مستمرة في مقاومة هذه الآفة. ومن المقرر ان تبعث وزارة السياحة المصرية برسالة سلام للعالم كله للخروج من تلك الكبوة. وأكد زعزع انحسار نسب الإلغاءات، إذ لم تتجاوز 10 في المئة في القاهرة، ولكنها زادت على 20 في المئة في شرم الشيخ وأكثر من 50 في المئة في دهب. وقال رئيس جمعية مستثمري جنوبسيناء للتنمية السياحية هشام علي إن مسيرة التنمية لم تتوقف في مدن جنوبسيناء بسبب الحادث الإرهابي، ولم يتأثر مستثمرو السياحة سلباً بهذا الحادث العارض الذي تشهد مثله بلدان أخرى. وشدد على أن الفترة المقبلة سترى مزيداً من إصرار المستثمرين المصريين على استكمال استثماراتهم في سيناء. وأكد رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية أحمد النحاس ان تأثير الأزمة سيكون ما بين 15 الى 20 في المئة عما هو حالياً وستكون محصورة بين أيار مايو وحزيران يونيو، لافتاً الى إعلان شركات كبرى للسياحة العالمية عدم الغاء أية رحلات الى مصر أو شرم الشيخ. ونبّه النحاس الى أن سيناء تضم نحو 230 فندقًا ما بين خمس وأربع وثلاث نجوم، ويقدر عدد الغرف فيها بنحو 43 ألف غرفة ويجري حالياً تشييد نحو 200 فندق من المتوقع افتتاح عدد منها أواخر العام الجاري. وحذر المنشآت السياحية من تخفيض أسعار الفنادق السياحية جراء ضغوط من قبل وكلاء ومنظمي الرحلات السياحية لمصر لأن النزول بالاسعار يؤدي الى تدني الخدمات السياحية المقدمة للسياح. ورغم حدوث بعض الإلغاءات، فإن الحركة الجوية للطائرات العربية الى مصر مستمرة، حيث اطلقت شركة طيران الجزيرة الكويتية مطلع الاسبوع الجاري أولى رحلاتها للاقصر والتي تعد باكورة محطاتها في شمال افريقيا. وقال رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لطيران الجزيرة مروان مرزوق إن تلك الرحلات ستفتح المجال الأوسع للسياحة العربية، خصوصاً الكويتيين ليتمتعوا بآثار مدينة الاقصر، وأعلن عزم شركته فتح فروع أخرى في عديد من العواصم العربية لتقل خلالها خمسة عشر مليون مسافر بحلول عام 2010، هذا الى جانب تسيير خط طيران الاسكندرية - الكويت أخيراً عبر مطار برج العرب بواقع أربع رحلات اسبوعية، وذلك أيام الخميس والاثنين والاربعاء والجمعة. ويأتي تشغيل هذا الخط الجديد كثمرة للتعاون بين الطيران المدني المصري وشركات الطيران العربية. ومن جهته، قال المدير الاقليمي لطيران العربية جاسم الكوهجي إن شركته مستمرة في رحلاتها الى شرم الشيخ وربما تزيد من هذه الرحلات في الآونة المقبلة لمناسبة موسم الصيف والاجازات والسياحة العربية التي باتت تضع شرم الشيخ ضمن برنامجها السياحي. وأكد المدير الاقليمي للخطوط السعودية في مصر طارق كتوعة إن شركته لم توقف حتى الان أي رحلة الى شرم الشيخ وان معدل السعة للرحلات السعودية المتجهة لمصر في تزايد، خصوصاً بعد إبرام اتفاق السموات المفتوحة بين السعودية وسلطات الطيران المدني المصرية.